«المنشطات» الروسية والقلق الإيراني

«المنشطات» الروسية والقلق الإيراني

«المنشطات» الروسية والقلق الإيراني

 عمان اليوم -

«المنشطات» الروسية والقلق الإيراني

بقلم : وليد شقير

يكرر القادة الإيرانيون القول إنهم يمتنعون عن التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية على الأزمات الإقليمية، باعتبار هذا التفاوض ورقة في يدهم، نظراً إلى ما تمكنت طهران من تأسيسه من نفوذ خلال عقود من الاستثمار في عدد من الدول بالمال والسلاح والرجال والتعبئة الأيديولوجية والدينية.

آخر المواقف في هذا الصدد جاء على لسان الرئيس حسن روحاني قبل يومين حين قال إنه «لو طبق الأميركيون الاتفاق النووي بحسن نية، وحالوا دون خلق العقبات، لربما كنا أبدينا استعدادنا للتفاوض في مواضيع أخرى من الممكن أن تصب في مصلحة الولايات المتحدة، ومصلحتنا، ومصلحة المنطقة».

واقع الأمر أن طهران هي التي كانت طرحت البحث في الحلول لأزمات المنطقة على هامش المفاوضات على النووي خلال الأعوام الماضية، لأنها، كما أبلغت الأميركيين، بإمكانها المساهمة في التهدئة والاستقرار فيها. وفيما كان الأميركيون يتجنبون أحياناً الخوض في هذه الاقتراحات، كانوا يعودون إلى العرض الإيراني أحياناً أخرى، لكن طهران كانت تتراجع عن الفكرة لسبب يتعلق بمراهنتها على أن تستفيد من رفع العقوبات أولاً، ثم تغوص في ما تعتبره تقاسم النفوذ مع واشنطن المتجهة إلى الانكفاء عن الإقليم. هذا فضلاً عن أن المكابرة الإيرانية وفائض الثقة الذي يطبع حكام طهران كان يحول دون أي مرونة في هذا المجال.
إلا أن الجانب الأميركي ميّز على الدوام بين رفع العقوبات عن إيران بسبب ملفها النووي، وبين رفعها تلك التي تقررت من الإدارة أو من الكونغرس لأنها «دولة داعمة للإرهاب» ولأنها «تقوض استقرار جيرانها».

لكن السبب الرئيس الذي يستدعي العنجهية الإيرانية في هذا المجال هو افتراض أن الاتفاق على النووي والانفتاح الدولي على طهران بعد رفع العقوبات الدولية، سيدفع دول الإقليم إلى التسليم بنفوذها. لا يترك المسؤولون الإيرانيون (آخرهم رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي من بيروت) ومعهم الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، مناسبة إلا ويعبرون عن غضبهم حيال امتناع الدول العربية، لا سيما السعودية، عن قبول الحوار، فيظهر التوتر والغيظ والحنق عليهم عندما يثيرون هذا الامتناع ويتوعدون بالويل والثبور كما فعل نصرالله في خطابه الأخير قبل أسبوع. وهو يكرر هذه المواقف منذ أكثر من سنتين، وخصوصاً بعد أن اجتاح الحوثيون بدعم من «الحرس الثوري» و «حزب الله» اليمن العام الماضي. لم تقنع «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية، والتي حالت دون تحويل اليمن قاعدة لإيران، الأخيرة بأن الحروب بالواسطة التي تخوضها باتت تلقى المواجهة المكشوفة ميدانياً وعلى المستوى السياسي. وفي كل مرة حققت طهران تقدماً ميدانياً في سورية مع قوات النظام، وكلما تشدد الحوثيون في المفاوضات التي كانت قائمة في الكويت أو صعّد الانقلابيون الحصار على مدينة تعز أو قصفوا الأراضي السعودية، كان نصرالله يكرر تهديداته للسعودية إذا لم تقبِل على الحوار.

يخفي الاستعجال الإيراني التفاوض مع الدول العربية الرئيسة قلقاً يخالف الاطمئنان إلى «الصبر الاستراتيجي» كما يصفه نصرالله، فطهران لا تريد التسليم بأن الحرب المديدة التي يديرها الكبار في سورية، لا تعني أن سياسة القضم ثم التفاوض هي الوحيدة السائدة، وأن هناك في المقابل أسلوب الكر والفر في القتال بالميدان السوري، بحيث لا يمكن أي إنجاز اليوم أن يبقى مؤثراً غداً. ولم تدرك أن التحالفات الدولية التي نسجتها لتحقيق استراتيجيتها تقابلها حالة من التكيف العربي مع التحولات الدولية أيضاً، ليست حصرية على الدهاء الإيراني. تخشى طهران أن ينتهي مفعول «المنشطات» الروسية بالقصف الجوي في كل مرحلة من مراحل الحرب. فللمنشطات تاريخ صلاحية لا يدوم. وتخشى أن تسبق أي تسوية روسية- أميركية بمشاركة إسرائيلية، أيَّ اتفاق ترغب في التوصل إليه مع جيرانها العرب، وتخاف أن يسابق الاتجاه الأميركي نحو تشديد الضغوط عليها، الاعتراف لها بمكاسبها الإقليمية، فحتى إدارة باراك أوباما الموصوفة بالتساهل مع طهران في العراق، بحجة التعاون للتخلص من «داعش»، تشهّر بإيوائها الإرهاب، فتصدر وزارة الخزانة (في 20- 7- 2016 ) عقوبات على قادة من «القاعدة» بالأسماء، بعضهم يقطن طهران منذ عام 2006، وتعدد المهمات التي يقومون بها.

القلق الإيراني طبيعي مع توقيع إقليم كردستان العراق بروتوكول تعاون عسكري (ضد «داعش») مع واشنطن، في وقت يتحرك أكراد إيران. وهو طبيعي أكثر مع تنامي الحركات الاحتجاجية في بلوشستان والأحواز الإيرانيتين، فهي على محدوديتها تسببت بعشرات الإعدامات. فما دور واشنطن في كل ذلك؟

omantoday

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المنشطات» الروسية والقلق الإيراني «المنشطات» الروسية والقلق الإيراني



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab