القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة

القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة

القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة

 عمان اليوم -

القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة

بقلم : وليد شقير

لا يمر يوم من دون أن يقتحم الوضع الإقليمي في تقلباته وأحداثه الخطيرة، المشهد السياسي اللبناني، على رغم أن التسوية التي قضت بإنهاء الشغور الرئاسي استندت، بين أمور عدة، إلى السعي «لإبعاد لبنان عن الصراعات الخارجية»، وفق ما قال الرئيس ميشال عون في خطاب القسم في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

أحدث مظاهر الاقتحام الإقليمي للسياسة الداخلية اللبنانية، كان العرض العسكري بالآليات المدرعة لـ»حزب الله» في مدينة القصير السورية آخر الأسبوع الماضي، والذي لقي ردود فعل محلية وخارجية ما زالت تفاعلاتها مستمرة.

فهذه التسوية التي قال مريدو الرئيس عون في سدة الرئاسة أنها صُنعت في لبنان، لا بد من أن تمر في اختبارات شبه يومية لمدى قدرة أصحابها على تحييد لبنان عن حروب المنطقة وانخراط «حزب الله» فيها بصفته جسماً إقليمياً تعلو هويته وأدواره على هويته المحلية، كقوة راجحة في طائفته التي تشكل أحد المكونات الرئيسة للنسيج اللبناني المعقد.

يرمز العرض العسكري للحزب في القصير إلى الكثير، ويكرس تفوّق علاقته بالإقليم على وزنه الداخلي. وإذا كان البعض ما زال يشكك في رسم جديد لخرائط المنطقة وتحديداً لسورية المدمرة، بحجة أن ما يجري في بلاد الشام هو مناطق نفوذ موقتة، فإن استعراض القوة الذي تخللته مسيرة المدرعات التابعة للحزب، يثبت أن الحزب كرس اقتطاعه منطقة نفوذ تمتد من البقاع اللبناني الشرقي إلى الغرب السوري يتيح له حرية الحركة نحو الغرب الجنوبي لسورية، ونحو غربها الشمالي عبر حمص المدمرة، وصولاً إلى حلب، التي يعد التحالف الروسي- الإيراني - الأسدي بالسيطرة عليها قريباً لتعمل فيها أيضاً سكين التغيير الديموغرافي مثل غيرها. لكن المنطقة الغربية السورية المحاذية للبنان، باتت مساحة نفوذ واحدة مع المساحة اللبنانية الشرقية لـ «حزب الله»، تلغي الحدود بين البلدين لتبقى ممرات العبور لقوات الحزب متاحة من دون أي عائق. إنها نسخة طبق الأصل عن إلغاء الحدود بين العراق وسورية من جانب «داعش» عام 2014، ولعملية الإلغاء هذه حين سيدخل «الحشد الشعبي» العراقي الأراضي السورية، تحت عنوان المساهمة في معركة تطهير محافظة الرقة من «دولة الخلافة» بعد الانتهاء من معركة الموصل

الحال هذه، هل يمكن تصور إقدام السلطات اللبنانية على إقفال الحدود الشرقية خلافاً لمقتضيات تكريس منطقة نفوذ «حزب الله»، (وهو نفوذ إيراني بالتعريف النهائي)، على الأرض السورية، إذا افترضنا أن البعض يصدّق أن هناك إمكانية لـ «تحييد» لبنان عن الصراعات الخارجية؟

قيل الكثير عن الرسائل المتوخاة، إقليمياً ودولياً، من استعراض القوة في القصير. أما لبنانياً، فإن تزامنه مع جهود تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة واعتراض الحزب على إيكال وزارة الدفاع الى حزب «القوات اللبنانية»، يؤشر إلى رفض الدور السياسي لفريق قد لا يسلم بما يمليه غض الطرف عن الموجبات اللبنانية لدور الحزب الإقليمي. فوزير الدفاع هو الذي يقترح إسم قائد الجيش الجديد الذي تقع عليه مهمة غض الطرف، إذا لم يكن أكثر من ذلك، والذي يفترض تعيينه من الحكومة الجديدة. ومع أن الحزب ليس في حاجة إلى إذن الجيش ليواصل دوره الإقليمي، فإنه يفضل أن يأمن إلى توجهات مؤسسة عسكرية أكثر مساعداتها من الجيش الأميركي، الذي له رأيه هو الآخر بالقائد الجديد.

ومع أن الاندفاع الروسي- الأسدي - الإيراني (و»حزب الله») نحو احتلال المزيد من الأراضي السورية، لا سيما حلب، يراهن على توجه دونالد ترامب نحو التساهل مع رغبات موسكو بتحول سورية إلى قاعدة نفوذ لها تحت ستار محاربة «داعش»، وعلى استمرار غض الطرف الأميركي عن دور الحزب في سورية، فإن ضمانة هذا الدور الأولى تبقى في التأثير في قرار السلطة المركزية اللبنانية. والركون إلى إدارة ترامب مجازفة يتحتم الاحتياط لها، خصوصاً أن الشعارات التي طرحها الأخير، ومنها رغبته في التفاهم مع فلاديمير بوتين، قد تصطدم بواقع أكثر تعقيداً من مواقف أدلى بها أثناء الحملة الانتخابية. والرئيس الآتي من خلفية جاهلة بالسياسة الخارجية، قد تدفع حزبه الجمهوري إلى إحاطته بفريق أكثر إدراكاً منه بتعقيداتها.

تحوّل تعايش الطوائف اللبنانية وتقاسمها النفوذ والسلطة، في توازن داخلي رعته على الدوام القوى الدولية والإقليمية، إلى تعايش مع التحالفات الخارجية لبعضها في مراحل سابقة، لكنه مع «حزب الله» تحول تعايشاً مع أدوار فاعلة للحزب في الحروب الإقليمية، التي توجب القبول بالتسهيلات المطلوبة لبنانياً كي يستمر في لعبها. وهو تعايش غير مسبوق في التاريخ اللبناني.

omantoday

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة القصير وحلب وترامب والحكومة اللبنانيّة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:33 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا
 عمان اليوم - المستشار الألماني يحذر الصين من توريد أسلحة إلى روسيا

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab