معادلة دمشق  حلب

معادلة دمشق - حلب؟

معادلة دمشق - حلب؟

 عمان اليوم -

معادلة دمشق  حلب

بقلم : وليد شقير

كلما جثمت فظائع النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني على صدر المجتمع الدولي، كما حصل خلال الأسبوعين الماضيين في حلب وريفها، طلع علينا وزير الخارجية الأميركي جون كيري مهدداً النظام «بعواقب» ما يقوم به.

أمام الشهادات من وسائل الإعلام عن هذه الفظائع، ومن الهيئات الإنسانية، ومنها منظمة «أطباء بلا حدود»، التي دمر لها القصف الإجرامي للنظام 3 مستشفيات من أصل 6، اضطر كيري للخروج عن صمته ليقول كلاماً إنشائياً ضد النظام، وليبرر في بعضه المجازر بالحديث عن تداخل مواقع المعارضة المعتدلة مع «جبهة النصرة»، متجاهلاً أن الاندفاعة الجديدة للنظام نحو العاصمة الاقتصادية لسورية وأقدم مدينة في التاريخ، تدميراً وقتلاً، تصيب المدنيين بنسبة فاضحة، قياساً إلى المسلحين من «النصرة» أو «الجيش الحر» أو الفصائل الأخرى.

وكلما أثار عدم الاكتراث الأسدي والإيراني والروسي بإزهاق المزيد من الأرواح، دولاً إقليمية ورأياً عاماً غربياً ومخاوف من دفع مزيد من النازحين إلى الحدود التركية، وبالتالي من موجة جديدة من انتقال هؤلاء إلى أوروبا، ردت روسيا على حرج إدارة باراك أوباما من تجاهلها المجازر، بحجة أن الأتون السوري لا يهدد أمن بلاده، بالعودة إلى نغمة الشراكة مع واشنطن باتفاق جديد على وقف النار، كما حصل أول من أمس بتوافق القوتين العظميين على هدنة يومين في حلب. هكذا حصل عند الاندفاعة الأولى عليها في شباط (فبراير) الماضي، ثم في الاندفاعة الثانية في آذار (مارس) الماضي.

بات واضحا أن موسكو تعتمد موجات من القصف والتدمير والقتل الواحدة تلو الأخرى، وأنها ستستمر على هذا المنوال. وفي كل مرة يستند القيصر الروسي على اطمئنانه إلى أن أوباما لن يحرك ساكناً، وأن التغطية التي اكتسبها من الأخير، تحتاج أيضا إلى استيعاب كل موجة تصعيد بتهدئة ظرفية تحول دون اضطرار واشنطن إلى مراعاة غضب حلفائها الأوروبيين والعرب إزاء عملية «البلف» التي تمارسها موسكو بموافقة أميركية، بأنها تريد حلاً سياسياً لسورية عبر مفاوضات جنيف. فكل جلسة من التفاوض لا تلبث أن تتكشف عن مراوغة من وفد النظام، ورفضه البحث في النقطة الجوهرية المتعلقة بالمرحلة الانتقالية للسلطة في دمشق، مصحوبة بالتصعيد العسكري المجنون، وزيادة عديد القوات الإيرانية و «حزب الله» وسائر الميليشيات المستوردة. ويتزامن «خرق الهدنة» من النظام تحت مظلة محاربة «الإرهاب» و «داعش» ( كشفت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية فصلاً جديداً من التنسيق بين النظام و «داعش» حول مسرحية استعادته مدينة تدمر)، مع ضغوط على المعارضة كي تقبل باستمرار الأسد في الرئاسة لسنوات أخرى.

وفضلاً عن أن تعبير «خرق الهدنة» بات مضحكاً، فإن المضحك (المبكي) أكثر هو تهديد كيري بأنه إذا لم يتم وضع دستور جديد في الأول من آب (أغسطس) المقبل على النظام السوري أن يتوقع أمراً آخر. فالانتطار حتى آب يعني أن حلب ستحترق بالكامل وسيسوى ما بقي منها بالأرض، وأن عشرات آلاف القتلى سيسقطون وعشرات الآلاف سيهجرون، وسيستحيل التفاوض السياسي وسيطلب من المعارضة الاستسلام بشروط مذلة أكثر من تلك التي تطرح الآن.

بات الركون إلى إمكان انتقال واشنطن إلى الخطة (ب) بدعم المعارضة بمزيد من السلاح النوعي الذي يوقف الغارات والقصف الهمجي بالصواريخ البعيدة المدى، من المحال. وإذا كان هذا ما تدركه موسكو ومعها النظام وإيران، بات على المعارضة السورية أن تبحث عن خطط بديلة لخيار التفاوض، حتى لو اضطرت للقبول به من باب المناورة الموازية للمناورة الروسية.

قد يكون من الظلم رمي مسؤولية الخطط البديلة على المعارضة وحدها. بات على الدول العربية والأوروبية التي تدعي مساندة الشعب السوري في وجه محاولات إطالة عمر النظام المستبد، الذي أخذ بعض هذه الدول يسلم باستمراره، أن تحزم أمرها. وإذا كان سيرغي لافروف هدد تركيا والسعودية بالقول إنه «لا يرجح أن تشنّا عملية برية في سورية نظراً إلى وجود قوات جوية روسية هناك»، فإن أمام الدول الإقليمية المهددة بإلغاء دورها في سورية إذا سقطت حلب، خيارات أخرى قبل التدخل البري.

باتت معادلة «دمشق مقابل حلب» أو نقل الأسلحة النوعية إلى مقاتلي «الجيش الحر» لمواجهة الطيران ولفتح جبهات أخرى في وجه جيش النظام والجيش الإيراني، وغيرها من الخيارات تفرض نفسها على إلغاء روسيا أدوار هذه الدول، واستهزاء أميركا بها، طالما أن حسابات المحور المؤيد للنظام هي فرض أمر واقع على سيد البيت الأبيض الجديد.

omantoday

GMT 18:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمّة عربيّة في مرحلة إعادة تشكيل المنطقة...

GMT 07:30 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

احذروا الخرائط المريضة

GMT 06:37 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

اليمن والعنوان ومشكلة «الوكيل»

GMT 04:02 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بشّار يحصد ما زرعه في لبنان

GMT 07:14 2020 الأحد ,31 أيار / مايو

بين الأرقام والجوع... والصلاة في القدس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة دمشق  حلب معادلة دمشق  حلب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab