التضامن مع التعددية لأجل يهودية الدولة

التضامن مع التعددية... لأجل يهودية الدولة

التضامن مع التعددية... لأجل يهودية الدولة

 عمان اليوم -

التضامن مع التعددية لأجل يهودية الدولة

وليد شقير

قد يغفل بعضنا عن واقعة نقل جثامين القتلى الأربعة في المتجر اليهودي في فانسين في باريس، الخميس الماضي، على يد محتجزهم من تنظيم «القاعدة» الإرهابي أحمدي كوليبالي، إلى إسرائيل لدفنهم هناك على أنه حدث ذو مغزى ورمزية كبيرة، في خضم الأحداث المتوالدة الناجمة عمّا سمي «11 أيلول (سبتمبر) الفرنسي» الذي هزّ العالم مثلما هزه 11 أيلول الأميركي عام 2001.

فعناوين مضاعفات ما نفذه تنظيم «القاعدة» في فرنسا والمرحلة الجديدة من الحرب العالمية على الإرهاب، لا تحصى بحيث يمكن أن يضيع الكثير مما يهم العالم العربي، منه سعي إسرائيل إلى استثمار هذه الحرب لمصلحتها في مواجهة العرب والمسلمين. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي تقدم التظاهرة الدولية التضامنية مع فرنسا، والتي اجتمع فيها العالم في مواجهة الإرهاب، أصرّ على حضورها على رغم النصائح الفرنسية إليه بألا يفعل ذلك، متنبهة إلى مخاطر أن يستفيد من الحدث لتوظيفه في صراعه مع العرب والفلسطينيين. ومن المؤكد أنه كان من مصلحة الرئيس فرانسوا هولاند أن يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلك التظاهرة وأن يتصدرها هو، كي لا تخلو الساحة للرمز الإسرائيلي، وكي لا يوحي تضامن العالم في العاصمة الفرنسية على أنه تضامن مع إسرائيل في وجه الفلسطينيين. فإحدى حجج النخب العربية والإسلامية هي أن تجاهل المجتمع الدولي إقرار حقوق الشعب الفلسطيني هو واحد من عوامل نمو الإرهاب العالمي وتطوره.

حضور نتانياهو شكل إصراراً على توظيف اللحظة ورمزيتها في موقفه ضد هذه الحقوق في وقت تعاني إسرائيل من شبه عزلة دولية بعد حرب غزة الصيف الماضي، والحملات الأمنية في الضفة الغربية وتصعيدها الاستيطان في القدس ومحيطها، ومسّها بالمسجد الأقصى واقتحامه مرات عدة... لكن هذا التوظيف بلغ أوجه في نقل جثامين القتلى الأربعة لدفنهم في إسرائيل وسط احتفالية سياسية - إعلامية - دعائية هدفت لأن ترسخ في عقل عموم اليهود وفي أذهان الرأي العام العالمي، أن لا أمن لليهود إلا على الأرض الإسرائيلية وأن يهودية الدولة هي مسألة مصيرية لهؤلاء كي يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، وأن إسرائيلية مواطني أوروبا وفرنسا منهم، تتقدم على أوروبية جنسيتهم وفرنسيتها.

وفي وقت يقلق زعماء غربيون وعرب وقادة الجاليات المسلمة والعربية في دول أوروبا وأميركا من أن تحكم المرحلة الجديدة من الحرب على الإرهاب موجة عنصرية جديدة ضد العرب والمسلمين، فإن رمزية ما أقدم عليه نتانياهو، بنقل جثث القتلى الأربعة إلى إسرائيل، تحاكي هذه الموجة التي ترجمت بدايتها تظاهرات في ألمانيا ودول إسكندنافية ضد المهاجرين المسلمين والتساهل معهم، من قبل اليمين العنصري المتطرف في هذه الدول.

ليس صعباً توقع تصاعد هذه الموجة التي قد تختلط مشاعر الجماعات التي تنساق إليها مع تشديد التدابير الأمنية التي تتطلب تدقيقاً عشوائياً بهويات وتحركات الكثير من الشباب العرب والمسلمين في الغرب، حتى لو سعى قادة هذا الغرب إلى التأكيد أن حربه هي مع الإرهاب وليست مع الدين الإسلامي، وأن أول ضحايا التعصب وعدم التسامح هم المسلمون، كما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس في زيارته معهد العالم العربي. لكن إحدى النتائج الكارثية لجريمة «شارلي إيبدو» الإرهابية جعلت مناسبة التضامن مع مجتمع تعددي مثل المجتمع الفرنسي، موضع استغلال من نتانياهو لتكريس هدف قادة إسرائيل، بقيام مجتمع أحادي وعنصري. وبعيداً من اللغة الخشبية، فإن «القاعدة» ونتانياهو يتشابهان في مقاومة التعددية في المجتمعات، الأول في سعيه إلى «دولة الخلافة» وطرده الأقليات منها وفرضه الجزية على المسيحيين متوسلاً الإرهاب، والثاني بتصعيده الاستيطان واشتراطه الاعتراف بيهودية دولته ليبرر الوجه الآخر لـ «الترانسفير» لاحقاً، إلى درجة أن حملته جعلت جزءاً من يهود أوروبا يفكرون بالهجرة إلى الدولة العبرية.

في هذه اللحظة الحرجة من التعاطي مع المرحلة الجديدة التي أطلقتها جريمة «شارلي إيبدو»، هل كان من المفيد تكرار الإدانات للرسوم المسيئة للنبي في العدد الأول للمجلة بعد الجريمة، في وقت جاء هذا العدد تحت مظلة التأكيد على تعددية الأفكار والانتماءات وحرية الرأي؟ أم أنه كان من الأفضل للنخبة العربية والإسلامية أن ترد على الإساءة بالتسامح والتجاهل أمام عالم كان همه تكريس تعدديته واحترامه لحرية التعبير؟ هل كان يجب إعطاء حجة للذين يرون أن هناك حرب قيم تقوم بين الغرب والمسلمين، أم أنه وجب التأكيد أن اختلاف القيم لا يبيح استخدام الإرهاب والقتل؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضامن مع التعددية لأجل يهودية الدولة التضامن مع التعددية لأجل يهودية الدولة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab