مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار»

مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار»

مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار»

 عمان اليوم -

مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار»

وليد شقير

في27 نيسان (أبريل) الماضي، رد الرئيس الإيراني حسن روحاني على اتهام نواب متشددين إياه وأحد قادة «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» بـ «التبعية لأميركا» في التفاوض على «النووي»، فدعا «المستفيدين من العقوبات» الدولية على إيران الى «أن يفكروا بتغيير عملهم ودرس وسائل أخرى لملء جيوبهم».

التهمة بالتبعية لأميركا، في حينها، جاءت على خلفية التنازلات التي كان الوفد الإيراني أخذ يقدمها في المفاوضات، بما فيها تحويل مفاعلي «فوردو» و «أراك» من إنتاج اليورانيوم الى وظائف أخرى، منها الأبحاث...

عاد «الحرس الثوري» فاحتج قبل يومين بلسان قائده محمد علي جعفري، على تضمين قرار مجلس الأمن الذي صدر الإثنين الماضي، والذي فيه قوننة لاتفاق فيينا، استمرار الحظر على توريد أنواع من الأسلحة، تشمل تكنولوجيا تطوير الصواريخ الباليستية، لمدة 5 سنوات... فاعتبرها «تجاوزاً للخطوط الحمر»، و «تقييداً للقدرات التسليحية الإيرانية...».

قد يكون روحاني هيأ في تصريحه قبل أشهر للمعركة التي سيخوضها في الداخل مع المتشددين، خصوصاً أركان «الحرس الثوري»، الذين اقتطعوا جزءاً من الاقتصاد الإيراني لمصلحتهم، وأقاموا مؤسسات على هامش مؤسسات الدولة والقطاع الخاص واستثمارات ومنشآت اقتصادية للتحايل على العقوبات من أجل ضمان استمرار تمويل تزايد قوة «الحرس» في الداخل ومشاريعه التوسعية في الخارج. قام هؤلاء بذلك بحجة مواجهة العقوبات، لكن الفساد الذي استشرى بحكم الاقتصاد الموازي الذي أنشأوه، بات جزءاً من النقمة الشعبية على ما آلت إليه أحوال الإيرانيين الذين خضعت حياتهم اليومية لمفاعيل العقوبات، فيما استطاع «الحرس» ومناصروه تجاوزها بالاستثمارات التي أقاموها.

إلا أن «تجار العقوبات» كانت لهم وظيفة سياسية، لا تقتصر على الإفساد والإثراء بتمويلهم الحروب المباشرة وبالواسطة التي قاموا ويقومون بها في العراق وسورية واليمن ولبنان وفلسطين وغيرها، من تدخلات طهران في أوضاع داخلية لدول عربية.

إذا كان روحاني يرمي الى الحؤول دون استخدام «تجار العقوبات» المال الذي سينجم عن رفع هذه العقوبات في الوضع الداخلي، فإن هذا سيطلق من دون شك صراعاً داخلياً على كيفية استثمار المال الجديد الذي سيضخ في عروق الاقتصاد الإيراني. ومع أن العقوبات التي سترفع هي تلك المتعلقة ببرنامج إيران النووي، وأن تلك المتعلقة بنشاط طهران «الداعم للإرهاب»، وبسياساتها الإقليمية «التي تزعزع استقرار جيرانها» مؤجلة، فإن وجهة إنفاق الأموال بعد أن يبدأ الإفراج عنها تدريجاً، بالتزامن مع خطوات تنفيذ الاتفاق، ستكون موضوع نزاع داخلي طبعاً، لكن المرشد الأعلى للثورة السيد علي خامنئي حسم الأمر لمصلحة استثمار جزء من هذه الأموال في نشاط «الحرس الثوري» الخارجي، حين أكد أن بلاده لن تتوقف عن «دعم شعوب العراق وسورية (وحكومتيهما) واليمن والبحرين والمجاهدين في لبنان وفلسطين». هذا يعني أن الوظيفة السياسية الخارجية لتجار العقوبات لن تتغيّر. فضلاً عن أنها تحتاج وضعية سياسية داخلية متفوقة، لأنه من غير المعقول أن يكون لهم هذا القدر من التأثير في دول عدة في المنطقة إذا تراجع نفوذهم الداخلي.

قد يظن البعض أن آمال روحاني بتغيير عمل «تجار العقوبات» ستصاب بالخيبة، وقد تشهد الساحة الإيرانية الداخلية تجاذباً حول هذه المسألة، إلا أن القيادة الإيرانية موحدة حول الوظيفة السياسية الخارجية للأموال قبل رفع العقوبات وبعدها، فروحاني وفريقه لا يختلفان عن «الحرس الثوري» والمرشد في استثمار المكاسب التي حققتها طهران في الدول المذكورة، بالتفاوض مع الغرب والولايات المتحدة على النفوذ الإقليمي.

لن يقف المحور العربي المتضرر من هذه السياسات الإيرانية متفرجاً، وهذا يؤذن باشتداد الصراع الميداني في كل الساحات التي عددها خامنئي، وفق أوضاع كل ساحة. وإذا كان الإصرار على استعادة اليمن من نفوذ طهران، بدليل تحرير مدينة عدن، مؤشراً الى ذلك، فإن حاجة طهران الى أن تعوّض عن التنازلات التي قدمتها في النووي، سيطلق مرحلة جديدة من مساعيها لإثبات قوتها، فالحملة الدعائية الكثيفة التي أعقبت التوقيع على الاتفاق، على أنه انتصار لإيران في وجه «الاستكبار العالمي»، والتي روّج لها حلفاء طهران أكثر من المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، سرعان ما تكشفت عن تنازلات، بات بعض المسؤولين الإيرانيين يقرون بها لمجرد اعتراضهم على بنود في قرار مجلس الأمن. ولذلك يحتاج هؤلاء الى إظهار الانتصار في ميادين الصراع الأخرى. وقد تكون المهلة المعطاة في الاتفاق نفسه، لإبرامه نهائياً، آخر السنة، هي الفسحة الزمنية التي تعطي فرصة لأذرع طهران أن تحقق بعض الانتصارات.

الجديد هو أن الساحة لم تعد خالية أمامها، كما كانت في السابق.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار» مساعي «تجار العقوبات» للتعويض عن «الانتصار»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab