المقاطعة وحدها لا تكفي

المقاطعة وحدها لا تكفي

المقاطعة وحدها لا تكفي

 عمان اليوم -

المقاطعة وحدها لا تكفي

حسن نافعة

توجد أوجه شبه كثيرة بين طريقة تنظيم الحياة السياسية وطريقة تنظيم النشاط الرياضى. فكما أن النشاط السياسى من خلال أحزاب تتنافس فيما بينها للوصول إلى السلطة، يمارَس النشاط الرياضى من خلال فرق تتنافس فيما بينها للفوز بمختلف أنواع البطولات، وكما تنظَّم المباريات الرياضية وفق قواعد متفق عليها سلفاً بين جميع الأطراف المعنية، يفترض أن تنظَّم الانتخابات السياسية وفق قواعد متفق عليها سلفاً بين جميع الأطراف المعنية. فالمباريات الرياضية تقام فوق ملاعب لها مواصفات معينة، وأمام جمهور يحق له اختيار الفريق الذى يشجعه، وتُدار بواسطة طاقم من الحكام يفترض فيهم الحياد والنزاهة التامة، أما السياسة فهى عملية متواصلة يفترض أن تشكِّل لجان الاقتراع واحدة من أهم حلقاتها، وأن يشرف على سير العمل فيها جهاز محايد، وأن يتابع ما يجرى داخلها مراقبون محايدون. وهنا تكمن المشكلة التى لا يريد بعض أطراف العملية السياسية فى مصر أن يستوعبوها أو يعترفوا بها. فقواعد إدارة اللعبة السياسية نفسها فى مرحلة ما بعد الثورة لاتزال محل خلاف، وهو ما يفسر قرار جبهة الإنقاذ بمقاطعة انتخابات مجلس النواب القادمة. لم تكن الحياة السياسية فى مصر قبل ثورة 25 يناير تدار وفق القواعد المتعارف عليها للمنافسة الحرة المتكافئة، وإنما كانت تدار وفق قواعد احتكار فرضها حزب واحد أصر على الفوز بكل البطولات، ومن هنا جاءت ثورة الشعب المصرى عليها وإصراره على تغييرها واستبدال قواعد عادلة بها. وقد نجح الشعب المصرى بالفعل فى الإطاحة برأس النظام القديم، إلا أنه لم ينجح بعد فى إرساء قواعد للنظام الجديد تكون مقبولة من الجميع، فسوء إدارة المرحلة الانتقالية ساعد على تمكين جماعة بعينها من احتكار الحياة السياسية على طريقة الحزب الوطنى القديم، وسمح لها بصياغة دستور على مقاسها وحدها كما سمح لها مؤخراً بتمرير قانون لمباشرة الحقوق السياسية يخشى أن يسهل لها مهمة البقاء فى السلطة مدى الحياة. ولأن جبهة الإنقاذ ترفض أن تصبح مجرد ديكور فى بلاط الجماعة، مثلما كانت أحزاب المعارضة فى زمن الحزب الوطنى، وترى أن القواعد التى تدار بها اللعبة السياسية فى النظام الجديد الذى لم تستكمل عملية بناء مؤسساته ليست متكافئة، وهو ما ترفض جماعة الإخوان الاعتراف به، فقد قررت الانسحاب ومقاطعة الانتخابات البرلمانية. سلاح المقاطعة سلاح ذو حدين، فهو سلاح قابل للاستخدام لصالح الطرف الذى يقرر اللجوء إليه، كتعبير عن احتجاج مشروع على انتخابات تغيب عنها شروط الحيدة وتدار فى ظروف تبدو فيها سبل التغيير وتداول السلطة بالطرق السلمية مسدودة، شريطة أن يحظى بتأييد قطاع عريض من الشعب يكفى لإضعاف شرعية السلطة التى ستفرزها تلك الانتخابات، وهو سلاح قابل للاستخدام فى الوقت نفسه من جانب الخصوم للتدليل على ضعف وهزال المعارضة وللتغطية على عجزها وعدم قدرتها على المنافسة بالوسائل السلمية. ولأن جبهة الإنقاذ تدرك تمام الإدراك أن المقاطعة يتعين أن تكون إيجابية، وبالتالى يتعين أن تكون بداية لمعركة طويلة وليس نهاية لها، فمن المتوقع أن تتصاعد حدة الأزمة السياسية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وهذا ما كنا نخشاه ونحذر من عواقبه. لسنا فى حاجة للتذكير من جديد بأن مصر تواجه أزمة اقتصادية خطيرة.. لذا يُخشى أن ينتهى عناد الطرفين بكارثة تحيق بالوطن ويدفع ثمنها الجميع، ومن هنا يتعين أن يتصرف الجميع الآن بأعلى قدر من المسؤولية، وهو ما يدفعنى لمطالبة الحزب الحاكم، باعتباره المسؤول الأول عن وصول مصر إلى هذه الحالة، بالتخلى عن عناده وإظهار قدر من حسن النية بالموافقة على تشكيل حكومة محايدة تشرف على الانتخابات المقبلة.. فهذا هو المخرج الوحيد المتاح الآن.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاطعة وحدها لا تكفي المقاطعة وحدها لا تكفي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab