قرض الصندوق غير دستوري

قرض الصندوق غير دستوري

قرض الصندوق غير دستوري

 عمان اليوم -

قرض الصندوق غير دستوري

حسن نافعة

ناقش كثيرون من قبل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للقرض الذى تتفاوض فيه الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى، لكن أحدا لم يناقش مدى دستوريته. ومن هنا أهمية الرسالة التى بعثت بها الأستاذة الدكتورة سعاد الشرقاوى، وفيما يلى نصها: «يختص المجلس الدستورى الفرنسى بمراقبة دستورية القوانين رقابة سابقة إلى جانب الرقابة اللاحقة. ويضاف إلى ذلك أن جميع القوانين الأساسية (العضوية Organique)، أى التى تتطلب أغلبية مشددة، تعرض على المجلس الدستورى وجوبا للتأكد من مدى دستوريتها، فإذا أعلن المجلس الدستورى عدم دستورية القانون يعود إلى البرلمان لإزالة العيب الذى يشوبه. وتصدر الموازنة العامة فى فرنسا بقانون عضوى، أى يتطلب أغلبية مشددة، ومن هنا يجب عرض الموازنة العامة على المجلس الدستورى للتأكد من دستوريتها، وعدم مخالفتها للمبادئ ذات القيمة الدستورية. ونحن نرى أن أهم اختصاصات المجلس الدستورى هو الاختصاص بمراقبة الموازنة العامة، لما له من أثر على اقتصاد الدولة وماليتها، سواء بالنسبة للجيل الحاضر أو الأجيال القادمة. خاصة وقد جرت العادة على تمرير مسائل غير دستورية يغفل عنها البرلمان لانشغاله بالمشاكل اليومية. وقد أرسى المجلس الدستورى الفرنسى مجموعة من المبادئ المتعلقة بالموازنة العامة، أهمها: سنوية الموازنة العامة، عموميتها، وحدتها، مصداقيتها، عدالتها. هذه المبادئ تكون فى مجموعها الدستور المالى الذى يضمن استمرارية الدولة واستقلالها السياسى والعدالة الاجتماعية، كما يحمى الدولة من الأزمات المالية ويجنبها الإفلاس واللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية والذى قد يعرض الدولة لفقدان استقلالها. وأول وأهم مبدأ من مبادئ الدستور المالى هو سنوية الموازنة، إذ تنص الدساتير عادة على إعداد موازنة لمدة سنة مالية تبدأ إما أول يناير أو أول يوليو. ويرد النص على سنوية الموازنة العامة فى الدستور إما بالنص الصريح على مبدأ سنوية الموازنة العامة، أو بطريق غير مباشر بالنص على ضرورة تقديم مشروع الموازنة العامة قبل انتهاء السنة المالية بشهرين، وهو المنهج الذى درجت عليه الدساتير المصرية. وحكمة سنوية الموازنة هى تمكين البرلمان من مراقبة الإنفاق الحكومى. فمن المعروف أن أول اختصاص تقرر للبرلمان منذ العهد الأعظم 1215 فى بريطانيا هو مراقبة إنفاق الحكومة للضرائب التى تجبيها حتى لا يتم الإنفاق ببذخ أو لأغراض بعيدة عن المصلحة العامة للدولة. وقد وضع الاتحاد الأوروبى مجموعة من المبادئ فيما يتعلق بعجز الموازنة، لضمان عدم تورط الحكومة فى إنفاق يفوق الإيرادات، ويهدد الموازنة العامة فى السنوات اللاحقة. ومن أبرز هذه المبادئ ألا يتجاوز عجز الموازنة 3% من الناتج الإجمالى القومى، حتى تتمكن الدولة من تدبيره بالوسائل النقدية والمالية المتعارف عليها. وخلاصة هذه المبادئ أن مبدأ سنوية الموازنة يعنى ألا تتجاوز النفقات الإيرادات. لأن هذا التجاوز يخالف مبدأين دستوريين مهمين هما: سنوية الموازنة وتوازنها. وهما مبدآن لا يسمحان بالاقتراض إلا فى حدود آمنة مدروسة وإلا انتفت الحكمة من سنوية الموازنة، حيث إن مبدأ سنوية الموازنة لا يسمح بالاقتراض من الداخل أو الخارج، لأن الاقتراض يعنى السداد من ميزانية السنوات القادمة. بعبارة أخرى يمكن اعتبار الاقتراض دون ضوابط غير دستورى لأنه يعنى السحب على المكشوف من حساب الأجيال القادمة. لا شك أن خبراء صندوق النقد يعرفون جيدا هذه المبادئ لأنهم مكلفون بمراقبة الموازنة العامة للدول الأعضاء فى صندوق النقد الدولى. ولا شك أن الشكوك تراودهم فى توازن الموازنة المصرية، ووحدتها، وعموميتها، وعدالتها، ومصداقيتها. ولا شك أن صندوق النقد له رؤية وسياسة ينتهجها أثبتت فشلها فى عديد من الدول التى اعتمدت عليه ورضخت لشروطه، ومنها الأرجنتين التى انتهجت أخيرا أسلوبا بعيدا عن الصندوق وبدأت خطواتها نحو النجاح. شروط صندوق النقد بعضها معلن وبعضها غير معلن، وصندوق النقد حر فى انتهاج أى سياسة يتفق عليها المسؤولون فيه، ولكننا نتكلم هنا عن مصر ومصالحها العليا الاقتصادية والقومية والوطنية.. وإزاء مخالفة الموازنة العامة فى مصر للمبادئ الدستورية على مدار أكثر من عشر سنوات أصبح الدين العام الداخلى والخارجى يتجاوز إجمالى الناتج الإجمالى القومى. إذا كانت مراقبة دستورية الموازنة العامة وجوبية فى فرنسا ويمارسها المجلس الدستورى فإننا لا نستبعد أن يحرك أصحاب المصالح فى مصر، وهم جميع فئات المجتمع، دعوى بعدم دستورية الموازنة العامة، وعدم دستورية القروض الخارجية، حيث إنها تخالف كلا من سنوية الموازنة وتوازن الموازنة ومصداقية الموازنة، وعدالة الموازنة وحماية الأجيال القادمة من تبذير الجيل الحالى. أكثر من هذا نحن لا نستبعد أن يتم تحريك المسؤولية السياسية عن عدم احترام الموازنة العامة للمبادئ الدستورية. ونتمنى أن يراجع المسؤولون سياسة الاقتراض والسحب على المكشوف من حساب الأجيال القادمة». أ. د. سعاد الشرقاوى أستاذ القانون الدستورى- جامعة القاهرة نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرض الصندوق غير دستوري قرض الصندوق غير دستوري



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab