بقلم: كريمة كمال
الكثير منا زار العديد من مدن العالم، وفى كل هذه المدن لم نشاهد ما يسمى «كلاب الشوارع»، فالكلاب فى كل هذه البلاد وكل هذه المدن لها صاحب مسؤول عنها.. أما فى مصر، فالكلاب تملأ الشوارع بشكل غريب، بل الملاحظ أنها قد ازدادت عددًا فى الفترة الأخيرة حتى بات النزول إلى الشارع مشكلة كبيرة خوفا من مهاجمة الكلاب.
أعيش فى منطقة الكوربة، وقد باتت الكلاب مشكلة كبيرة تواجهنا نحن السكان، فنحن نجد مشكلة كبيرة فى النزول إلى الشارع حتى فى وضح النهار، ما بالك إذا ما اضطر أحدنا لظرف طارئ للنزول ليلا!.
اشتكت إحدى قاطنات العقار الذى أسكنه من أن ابنها يجد صعوبة شديدة فى العودة ليلا من أحد المستشفيات الذى يقع قريبًا جدًا منا حيث يعمل به، لأنه يعانى من مهاجمة الكلاب التى زاد عددها بشكل ملحوظ جدا.. وأخيرا، هاجمت الكلاب إحدى السيدات التى تعمل فى عيادة طبية تقع فى العقار الذى نسكنه، وسقطت السيدة على الأرض، ولولا تدخل حارس يقف قريبا لأصيبت السيدة بأكثر من السحجات والكدمات التى أصيبت بها.. وعندما وصل الأمر إلى هذا الحد، وخوفًا من أن يتطور لإصابة أحد منا بأكثر من هذا، لجأ أحدنا للشكوى للجهات المختصة، فجاءت طبيبة بيطرية بصحبة موظف واستمعت لشكوانا وعلقت بأنهم لا يملكون سوى ما يقومون به فعلا، وهو تطعيم الكلاب وتعقيمها ثم إعادتها لبيتها؛ أى إعادتها لنا مرة أخرى.. المهم أنها أثناء جولتها التى شاهدت فيها الكلاب وعبرت عن حبها لهم قائلة: «عساسيل».. شاهدت بعض كلاب مولودة حديثا، ولم أعرف كيف جاءت إذا ما كانوا يقومون بتعقيم كل كلاب الشارع.. وعندما استمعت بنفسها للسيدة التى هاجمتها الكلاب وطرحتها أرضا، وما جرى لها، قالت لها بهدوء: «أكيد خفتى»، ولا أدرى كيف لأحد أن يتحكم فى خوفه ونحن لا نريد أن يتم ما كان يجرى من قبل من إطلاق الرصاص على هذه الكلاب.. لكن من ناحية أخرى يجب التفكير فى إبعادها إلى مناطق خارجية بعيدا عن المناطق السكنية رأفة بالناس.. أنا أقدر الرأفة بالحيوان، لكننى أيضا أقدر الرأفة بالإنسان بعد أن بات التحرك فى الشارع مخاطرة شديدة، وقد لاحظت أن هذا لا يحدث فى المنطقة التى نعيش فيها وحدها، بل يحدث أيضا فى مناطق أخرى كثيرة.
هذه ليست مشكلة صغيرة؛ لأنها تعنى تهديد حياة الكثيرين وتعريض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر، وهو ما يجب أن يدفع بالبحث عن سياسة جديدة بدلا من السياسة المتبعة حاليا.. لا يمكن أن نلوم الإنسان لأنه يشعر بالخوف من الكلاب، ونقول إن الكلاب تشعر بخوف الإنسان فتهاجمه، ولذلك فعلى الإنسان ألا يخاف، فالخوف شعور طبيعى تمامًا ولا يمكن التحكم فيه.. لكن ما يمكن التحكم فيه هو هذه الزيادة اللافتة للنظر لانتشار الكلاب فى شوارع القاهرة.. ولو كانت سياسة التعقيم قد أتت ثمارها لما زادت الكلاب هذه الزيادة الشديدة واللافتة والمهددة للإنسان.
سمع الكثير منا عن واقعة هجوم أحد كلاب الشوارع على طبيبة وعقرها فى أسوان، مما أصاب السيدة بكسور؛ أى أن التعقيم ليس كافيا لحماية الإنسان من الكلاب، لأنه ببساطة قد يصاب بكسور أو ربما أزمة قلبية إن كان متقدما فى السن.. يجب عدم السكوت على هذه المشكلة المهددة لحياة الناس وأمنهم. ابحثوا عن سياسة أخرى فاعلة وقادرة على توفير الأمان للناس، وتذكروا أنه لا يوجد فى أى مدينة من مدن العالم كلاب فى الشوارع