بقلم: كريمة كمال
أشعر أن الأمور قد تغيرت تمامًا عما كانت عليه عندما بدأنا عملنا الصحفى.. فى ذلك الوقت، كان تشكيل وعى الناس يتم عن طريق عدد محدود من الصحف القومية وعدة قنوات تليفزيونية وإذاعية محدودة أيضا، فكان تشكيل هذا الوعى يتم بسهولة ويسر طبقا لما يراد له أن يكون.. فهل يحدث هذا الآن، أم أن الصورة قد تغيرت تماما؟!.. لم يعد تشكيل وعى الناس يتم عن طريق هذه المصادر المحدودة.. فمع التطور التكنولوجى الهائل تغيرت الصورة تماما.. الآن، هناك مواقع التواصل الاجتماعى العديدة من «فيس بوك» إلى «تويتر» وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعى، هذا غير المواقع الصحفية العديدة، والكثير منها يأتى من خارج البلاد، كذلك القنوات التليفزيونية التى تُبث من الخارج، هذا غير قدرة البعض على الدخول على الصحف الأجنبية العديدة والشهيرة.. وهكذا تعددت المصادر التى من الممكن أن تشكل وعى الناس ولم تعد محصورة فى عدد محدود من المصادر كما كان الأمر من قبل.
من هذا المنطلق، لم يصبح المجال الإعلامى بمفرده الذى يؤثر فى وعى الناس بينما الأمور باتت أكثر تشابكا وتعقيدا. يجب أن يعى العديد من الإعلاميين كيف تغيرت الصورة، وباتت أكثر تعددًا.. ومن هنا أرى أن الكثيرين عليهم أن يغيروا من طريقتهم فى مخاطبة الناس وإدراك أن الطريقة القديمة لم تعد تصلح.. لدينا العديد من خبراء الإعلام الذين يدركون تماما ما أقول، كما يدركون أيضا أن كثيرا من الخطاب الإعلامى يجب أن يتغير طالما أن الصورة قد تغيرت تماما عما كانت.. وعدم إدراك هذا التغير يسحب البساط من كثير من هذه المصادر.
التغير فى المجال الإعلامى بات واضحا وضوح الشمس، بل لم يعد يحتاج إلى خبير إعلامى ليوضحه.. التطور فى المجال الإعلامى بات سريعا جدا، واتساعه بات جليا جدا بما لا يدع مجالا للشك.. الفيديوهات تأتى إليك بمجرد ضغطة من إصبعك على اللاب توب.. وفى هذه الفيديوهات تستمع إلى أصوات عديدة تملك وجهة نظر أخرى وتحليلا آخر وكثيرًا- ربما- من المعلومات. إدراك التغير الهائل الذى حدث فى المجال الإعلامى مهم جدا لأى إعلامى يريد أن تصل رسالته الإعلامية للناس.. الناس لم تعد محصورة فى عدد محدود من المصادر الفضاء، بات مفتوحا تماما أمام العديد من المصادر.. فهل يدرك هذا كثير من الإعلاميين لدينا؟!.
أشعر أحيانا أن بعض الإعلاميين لدينا لا يدركون هذا الأمر، ويتصرفون كما لو كان لا يوجد غيرهم فى الفضاء الإعلامى الذى بات رحبا بشدة وواسعا جدا ومتعددا بشكل رهيب.. من هنا يجب أن يدرك أى إعلامى هذا الأمر قبل أن يوجه رسالته الإعلامية ولا يصر على أن يتصرف على أنه لا يوجد فى المجال غيره، وأن المواطن المستهدف لا يستمع إلى أى أحد آخر غيره.. انظروا إلى المجال الإعلامى المفتوح.. أشعر أن البعض يتصرف كما لو كنا فى نفس الوضع الذى كنا عليه من سنوات عديدة مضت.