«داعش» وأشباه الدول العربية

«داعش» وأشباه الدول العربية

«داعش» وأشباه الدول العربية

 عمان اليوم -

«داعش» وأشباه الدول العربية

معتز بالله عبد الفتاح

■ سقوط تمثال «صدام» ثم مشهد إعدامه.

■ صورة جثمان «القذافى» وهو يضرَب بالأحذية من قِبل معارضيه.

■ صورة «السيسى» وهو يقف فى الثالث من يوليو معلناً انتهاء حكم الإخوان.

■ صورة أبوبكر البغدادى وهو يعلن من على منبر المسجد الجامع فى الموصل قيام دولة الخلافة.

هذه الصور الأربع يمكن أن تلخص الكثير مما يجرى فى منطقتنا.

أولاً: انهيار العراق ليس انهياراً لدولة وإنما لحائط الصد العربى الشرقى فى مواجهة إيران. وإيران وجدت فرصة هائلة لكى تجتاح المنطقة العربية عبر حلفائها. فى الماضى قال الملك الأردنى إنه يخشى من «الهلال الشيعى» وكان يقصد إيران، العراق، سوريا، ولبنان. والآن أقول إننا لم نعد نواجه «هلالاً شيعياً» وإنما «كماشة شيعية» ضلعها الجنوبى ممتد من إيران إلى شرق الجزيرة العربية وصولاً إلى الحوثيين.

ثانياً: فى معظم الدول (أو أشباه الدول) العربية لا مجال كبيراً للفصل بين سلطة الحاكم، وشرعية نظام حكمه، وبين وحدة الدولة. لو عبثنا بسلطة الحاكم، كل حاجة هتنهار. هذا ما حدث حين هرب سياد برى من الصومال، فانقسم الجيش وارتد الجنود إلى أصولهم القبلية ووقعت الحرب الأهلية. هذا ما حدث مع العراق بعد أن قضى على نظام «صدام»، فتحولت من الناحية الفعلية إلى دويلات لا يجمعها إلا الخريطة وبعض مظاهر السيادة الشكلية. هذا ما حدث فى ليبيا بعد موت «القذافى» وانتهينا إلى تحالفات قبلية هشة لا يجمعها إلا العداء المؤقت والمضطرب فيما بين القبائل والمناطق ضد بعضها البعض. وهذا هو ما حدث فى سوريا وهكذا.

حين حدثت التحولات الكبرى فى أوروبا الشرقية فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتى، صمدت معظم الدول بحدودها التى كانت سابقة على وجود الاتحاد السوفيتى وظلت على تركيبتها السكانية باستثناء دولة واحدة: يوغوسلافيا، التى وقعت فى الرمال المتحركة للصراعات العرقية وانتهت بحرب أهلية ثم التفتت.

كل منطقتنا العربية أشبه بيوغوسلافيا ما عدا دولتين تجمعان خصائص الدولة القومية: مصر وتونس. مصر هى مصر بـ«مبارك» أو بدون «مبارك». وتونس هى تونس بـ«بن على» أو بدونه. لكن فى بقية الدول العربية الأخرى، لو وقع التمثال انتهت الدولة. مرة أخرى: لو وقع التمثال، انتهت الدولة. وهذا مأزق أخلاقى مركب لأنك مطالب بأن تقبل الاستبداد حتى تتجنب الحرب. وكل أملك أن يكون المستبد عاقلاً، يمارس استبداده برشد، ويمارس فساده برحمة، ويمارس ظلمه بحكمة.

ثالثاً: الإسلاماسيون، ومعهم أنصارهم من قيادات وزعامات المخابرات العالمية التى تريد بالبلاد شراً، يجدون الفرصة لإعادة طرح أنفسهم كبديل «شرعى، تاريخى، مثالى» لكل الفوضى التى تعيشها المنطقة. سيستغلون ثلاثية: جهل الشعوب، أخطاء المستبدين، وانتهازية النخب كى يستقطبوا الشباب المتحمس لدولة الخلافة وتحرير القدس وطرد المحتل وتطبيق الشرع (بزعمهم)، وفينا سماعون لهم. وفى الطريق لتحقيق كل هذا تكون الدماء مبررة، وقتل الأنفس مبرراً، والدمار مبرراً.

ماذا علينا أن نفعل؟

فى البداية لا بد أن تكون لنا رؤيتنا الخاصة بشأن ما هو شكل الشرق الأوسط الجديد الذى نريده. هل نحن مصرون (والأهم قادرون) على الحفاظ على العراق وسوريا موحدتين؟ أم أنه من المنطقى أن نعترف للكرد بحقهم فى دولة مستقلة تكون على علاقة صداقة معنا؟ وبدلاً من أن يكون الكرد أعداءنا يكونون حلفاءنا ضد إيران وتركيا؟

هل ستظل ليبيا فى حالة اقتتال داخلى ينتهى بنمو جماعة متطرفة مثل «داعش ليبيا» أم أن من مصلحتنا أن نقدم رؤية متكاملة لتقاسم السلطة فى ليبيا (power sharing) بين الليبيين تحت قيادة رمزية مثل آخر ملوك عائلة السنوسى الذى قام «القذافى» بالانقلاب ضده؟

هل لدينا تصور ما عن كيفية محاربة الفكر الإسلاماسى المتطرف بتجريم استخدام ألفاظ التكفير وإساءة استخدام مصطلحات الجهات والشهادة فى سبيل الله إلا بضوابطها الشرعية السليمة؟

هل لدينا تصور بأن يكون لنا حلفاء مباشرون فى مناطق الصراع الأهم وعلى رأسها ليبيا؟ هل رمينا «الفيل» بتاعنا فى فى آخر صفوف المنافس على رقعة الشطرنج كى يكون مصدر تهديد للخصم؟

هل ضرب الطائرات المصرية لمواقع ما فى ليبيا جزء من رؤية أشمل أم مجرد «إذهاب لغيظ قلوبنا؟».

الخلاصة: لو وقع التمثال، انتهت الدولة.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» وأشباه الدول العربية «داعش» وأشباه الدول العربية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab