مبروك «حمزة نمرة»

مبروك «حمزة نمرة»

مبروك «حمزة نمرة»

 عمان اليوم -

مبروك «حمزة نمرة»

معتز بالله عبد الفتاح


إن المجتمع الراكد فى أفكاره كالماء الراكد فى حركته تضيع منه حيوية الفكر والفكر المقابل وما بينهما من جدل يولد أفكاراً جديدة ومبتكرة؛ فمعظم مشكلات المجتمع الحديث ليست لها حلول بديهية أو فطرية يستنتجها شخص بذاته وهو فى عزلة عن الآخرين وإنما هى مشكلات معقدة تستدعى حلولاً جدلية مدروسة يدلى فيها كل صاحب رأى برأيه، ويعبر فيها كل صاحب مصلحة عن مصلحته.

وقد قالها عزيز أباظة فى إحدى مسرحياته الشعرية: ليس بالقمع تقتل الرأى إن القمع يليه (أى يعطيه) قوة وانتشاراً.

ولنعد لخبرة غير مصرية وهى رواية «آيات شيطانية» لسلمان رشدى، تلك الرواية التى طبعت منها إحدى دور النشر البريطانية خمسين ألف نسخة ومن خبرة سلمان رشدى مع رواياته الثلاث السابقة كان هذا العدد من النسخ يتطلب أربعة أعوام حتى ينفد. إلى أن قرر الإمام الخمينى أن «يدافع عن الإسلام» فأصدر فتواه الشهيرة، التى بموجبها أصبح سلمان رشدى مطلوباً للقتل، وأصبح كتابه واحداً من أكثر الكتب مبيعاً فى العالم، ووصلت مبيعاته فى عام 1990، أى بعد عام من الفتوى الشهيرة للإمام الخمينى إلى 4 ملايين نسخة بثمانى لغات. أى بدلاً من أن الكتاب كان يقرأ بمعدل خمسين ألف نسخة فى الأربع سنوات أصبح يقرأ بمعدل 4 ملايين نسخة فى العام الواحد، ولا تزال الرواية تباع على نطاق واسع حتى الآن، ويا لها من خدمة للإسلام، يشكر سلمان رشدى الإمام الخمينى عليها فى محاضراته العامة، كما سمعت منه شخصياً حين زار الجامعة التى أعمل بها فى الخارج.

نعود لحمزة نمرة ومنع أغانيه من الإذاعة المصرية.

لست سمّيعاً للأغانى بصفة عامة، ولكن أعلم أن لأغانى حمزة حساً إنسانياً لا أجده فى معظم ما أسمعه من أبناء جيله وله معجبون كثيرون بين الشباب على كل فئاتهم.

هناك أربعة أسئلة بحثت لها عن إجابات.

لماذا يتم منع أغانيه؟ هذه قضية.

ولماذا يتم منع كل أغانيه؟ هذه قضية ثانية.

ولماذا يتم «الإعلان» عن منع أغانيه؟ هذه قضية ثالثة.

وهل هذا المنع «سياسى» أم «بيروقراطى»؟

وفقاً لنظرية الاحتمالات، كان من الممكن أن يتم منع الأغانى التى لا تتفق مع التوجه السياسى للإذاعة، وتتم إذاعة الباقى.

وكان من الممكن أن يتم المنع دون الإعلان عن المنع. ما كان لأحدنا أن يعرف مثلاً أن المغنى فلان الفلانى قد منع وفقاً لنظرية أنك تعرف أن تفسر لماذا يحدث أمر ما، ولكن لا تستطيع أن تفسر لماذا لا يحدث أمر ما.

وأخيراً، هل هذا المنع سياسى أم بيروقراطى لمجرد أن «حمزة» ليس مغنياً معتمداً فى الإذاعة المصرية كما قيل.

طيب، وأوجع قلبى ليه؟

أتيحت لى فرصة النقاش مع أحد المقربين من الرئيس السيسى بشأن هذا الموضوع، وأبلغنى الرجل أن الرئاسة لم تكن على علم بهذا الموضوع على الإطلاق وبعد أن تناقشنا فى الموضوع قليلاً تبين أن القرار إما بيروقراطى بحت وبلا رؤية سياسية، أو أنه قرار أمنى بحت وبلا رؤية سياسية أيضاً، أو أنه قرار يعبر عن نظرية «الدببة» التى تقتل صاحبها وهى تحسب أنها تحسن صنعاً.

«حمزة» واصل لجمهوره وقادر على أن يبلغ رسالته بطريقته دون أى حاجة للإذاعة المصرية.

ما خسر «حمزة» شيئاً، ولكننا نخسر كل يوم شيئاً جديداً يؤكد أننا نتحرك بلا بوصلة واضحة.

مبروك يا «حمزة»، منعوك لتنتشر.

وربنا يستر على مصر من «الدببة» الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبروك «حمزة نمرة» مبروك «حمزة نمرة»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab