هل يصلح شاب لحكم مصر

هل يصلح شاب لحكم مصر؟

هل يصلح شاب لحكم مصر؟

 عمان اليوم -

هل يصلح شاب لحكم مصر

معتز بالله عبد الفتاح

أغيب أحياناً عن لقاء بعض النخب، فأسعد. وألتقى أحياناً ببعض النخب، فأقلق.

أمراض النخب هى أمراض الشباب. ولكن الشباب له عذره أنه قليل الخبرة.

تهويمات بعض النخب الثقافية والسياسية فى مصر تثبت لى يوماً وراء يوم أنهم يعانون من نرجسية مصطنعة تصور لهم ثلاثة أوهام لا بد من أن يفيقوا قبل أن تدمرهم وتدمرنا معهم.

الوهم الأول، أن أغلب الشباب عقولهم فى آذانهم. وكأن الشاب المصرى بلا عقل يفكر به، وبلا حس داخلى يمكن له أن يميز الخبيث من الطيب والمدعى من الصادق.

نعم بيننا من هو مستعد لبيع صوته مقابل مبلغ من المال، وبيننا من قد يتبنى موقفاً ما بسبب حماسة دينية حتى لو كانت مغلوطة، وبيننا من لم يقرأ فى حياته كتاباً ولا خط كلاماً بيمينه بسبب الأمية التى خلق أسبابها نظام فاسد، ولكن هل يعقل أن نجعل هؤلاء هم الممثلين الشرعيين الأساسيين للشعب المصرى؟

شكسبير وصف هذه الحالة فى مسرحية «يوليوس قيصر» حين قال: «عقول العامة فى آذانهم»، وهو المعنى نفسه الذى جاء فى مسرحية «مصرع كليوباترا» لأحمد شوقى حين قال: «اسمع الشعب (دُيُونُ) كيف يوحون إليه، ملأ الجو هتافاً بحياة قاتليه، أثّر البهتانُ فيه وانطلى الزور عليه، يا له من ببغاء عقله فى أذنيه».

ولكن هكذا يقول الساسة المهزومون فى كل بقاع الدنيا، حيث يصبون جام غضبهم على الناخبين، وبالذات الشباب منهم، لأنهم لم يجددوا لهم العهد أو البيعة. ألم يقل وينستون تشرشل فى ثلاثينيات القرن الماضى: «إن أفضل حجة ضد الديمقراطية هى حوار لمدة خمس دقائق مع مواطن عادى؟»، وهو المعنى نفسه الذى قال به ماريانو رومر (رئيس وزراء إيطاليا فى الستينيات) والذى وصف الناخبين الإيطاليين بأنهم غير واعين بخطورة الصوت الانتخابى الذى يحملونه. وهو أيضاً ما يفعله بعض النخبة عندنا حين تكون تفضيلات الناس على غير هواهم.

الوهم الثانى، أن وعى النخبة أفضل بالضرورة من الوعى الشعبى وتحديداً من الوعى الشبابى. ولا أعرف من أين يأتى هذا التكبر فى إبداء الرأى. من يقرأ ما قاله هيجل عن «دهاء التاريخ» وما كتبه أرنولد توينبى عن «التحدى والاستجابة» وما كتبه إدوارد سعيد عن «خطورة الاختيارات المحدودة التى يتوهمها المثقفون»، وما كتبه مانسور أولسن عن «تاريخية عملية تقييم القرارات الرشيدة الآنية»، بل عنوان رواية نجيب محفوظ الشهيرة «عبث الأقدار». كل ذلك وغيره، يؤكد أن اختيارات النخبة قد لا تكون الاختيارات السليمة بالضرورة وهو ما يفرض علينا أن نترفق بأنفسنا وببلدنا عند إبداء آرائنا.

الوهم الثالث، بما أن ذلك كذلك، «فأمر مصر أخطر من أن يترك فى يد العوام وحدهم» كما قال أحد المثقفين فى نقاش عام.

وعليه فهؤلاء يعتقدون أنه لا بد من الإقصاء لمن لا يعلم ما يعلمون، ولا بد من التصعيد ضد من لا يقول ما يقولون، ولا بد من الوصاية على من لا يعرفون ما يعرفون. وإن صح هذا الكلام، إذن فهؤلاء القوم أنفسهم أكدوا لنا خطأ منطقهم لأنهم لو كانوا متسقين مع أنفسهم لكان عليهم أن يقبلوا عرض مبارك وعمر سليمان بأن يتولى هذا الأخير الحكم حتى سبتمبر المقبل ولما كنا تبنينا صيغة «الديمقراطية الكاملة» وقبلنا فقط صيغة «الديمقراطية الموجهة» التى تخشى أن تكون كل الاختيارات مفتوحة أمام جموع المواطنين حتى لا يختاروا «الإسلاماسيين».

أرجو ألا يزعم أحد أنه أوعى من العقل الجمعى المصرى، وفى القلب منه العقل الجمعى الشبابى، لأن بعض هؤلاء الكبار زيّنوا لمسئولين سابقين ما فعلوا، وليس من حقهم الآن أن يمارسوا الدور نفسه إلا فى حدود أن يقدموا الرأى بتواضع بلا وصاية أو إقصاء أو تصعيد، لا سيما ضد الشباب.

أعطوا الشباب فرصة، وامنحوهم شيئاً من الثقة، سيظهر منهم من يستطيع أن يفعلها.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يصلح شاب لحكم مصر هل يصلح شاب لحكم مصر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab