يا رب نَجِّ مصر منّا

يا رب نَجِّ مصر منّا

يا رب نَجِّ مصر منّا

 عمان اليوم -

يا رب نَجِّ مصر منّا

معتز بالله عبد الفتاح

نعم، نحن مجتمع أحادى التفكير فى عالم متعدد الأفكار.

نحن مجتمع يصل إلى رأى أو استنتاج ما فيلتزم به صاحبه ويرفض أن يغيره حتى لا يفقد هيبته ومكانته بين الناس، بل يمنع صاحب الرأى الآخر من أن يقول كلمته ويتهمه بالخيانة والعمالة والكفر. «الراجل ما يرجعش فى الكلام» مقولة شائعة. لكن ماذا لو كان على خطأ؟

لو صح هذا الكلام، لكان أبوجهل أفضل من أبى بكر (رضى الله عنه). الأول ما رجعش فى كلامه ومات كافر، والآخر أراه الله الحق حقاً فاتبعه. إذن القضية ليست فى الشعارات ولكن فى التفاصيل.

ولنقارن أنفسنا بآخرين.

لخص الأستاذ عبدالرحمن الراشد الفكرة فى عمود أخير له بقوله: «الغرب، منذ أواخر القرن السابع عشر، أى لأكثر من ثلاثمائة عام، يعتبر حرية التعبير عمود حضارته، وهى حرية جاءت عبر الدم، والصراع السياسى. من حق من يرفض هذه الحضارة ألا يعيش فى كنفها، خياره الوحيد أن يبحث عن مجتمع أحادى التفكير يمنحه هذا المناخ الفكرى الخاص به. لكن لا يمكن لهؤلاء فرض حصار على الفكر والحريات فى هذا العالم الفسيح، واستثناء أنفسهم فى مجتمعات لم تُخلق لهم. يريدون العيش فى الغرب ولا يريدون التعايش مع ثقافته».

من آفات هذه الظاهرة أننا لا نجيد فن الحلول الوسطى «the art of compromise»، وبالنسبة لنا فإن السادات حين ذهب إلى القدس وتفاوض على حقوق مصر وفلسطين وصفه البعض بأنه «خائن» و«عميل» ولم يقدموا أى رؤية بديلة له، فهو تجاهلهم وهم اغتالوه معنوياً ثم مادياً.

كتب توماس فريدمان فى «نيويورك تايمز» عن معضلة مشابهة مع جماعة يمينية لو سادت فى أمريكا لأصبحت أمريكا مثل مصر، تعيش بمنطق الفكر الأحادى وهى «حركة الشاى» أو «Tea Party». قال «فريدمان»، نقلاً عن السيناتور السابق آلان سيمبسون: إن لم تتعلم كيف تتنازل فى القضايا دون أن تتنازل عن نفسك، فيجب ألا تكون فى الكونجرس، ولتكن فى التجارة أو تتزوج.

يعلق «فريدمان»: من المدهش كم من الناس ينتهكون هذه القاعدة، لا سيما فى الكونجرس، خاصة بين أمثال «حركة الشاى»، حيث يعد وصف شخص بأنه «صانع صفقة أو ناجح فى إيجاد الحلول الوسط» (deal maker) من أحط أنواع التحقير. ومما يزيد الأمر هوساً أن «التعاون الوثيق» (collaboration) أصبح يُدرس اليوم ويكافأ عليه فى التعليم الأمريكى والإبداع والتجارة بوصفه أفضل الطرق لأداء أى شىء كبير ومهم ومعقد. تعنى كلمة «متعاون» (collaborator) فى وادى السيليكون «سيليكون فالى» (فى خليج سان فرنسيسكو شمال كاليفورنيا حيث مقر كبريات شركات التكنولوجيا): الشخص الذى تبنى معه شيئاً عظيماً. أما فى واشنطن، فتعنى الكلمة الشخص الذى يرتكب الخيانة السياسية بالعمل مع شخص من الحزب الآخر. ولهذا السبب، فإن «سيليكون فالى» هو محرك التوربو لاقتصادنا، وواشنطن هى حجر العثرة.

لا يعد التنازل فى عالم السياسة فضيلة فى حد ذاته. هناك أسئلة حول المبدأ الحقيقى والحقوق المدنية على سبيل المثال، حيث يمكن للتنازل قتل الخيار القائم على المبدأ. لكن حدث تضخم فى «المبادئ» خلال الفترة الأخيرة يمنع من التنازل. لا يحدد معدل معين للضريبة ولا عمر معين للتقاعد من المبادئ.. فهما مصالح تجب موازنتها مقابل الآخرين. واليوم إن أفضل وضع يمكّننا من مجابهة تحدياتنا الكبيرة هو تبنى هجين من أفضل أفكار اليمين واليسار.. وحقيقة إننا إن عجزنا عن ذلك، فستضعف قوتنا».

كلام «فريدمان» عن أمريكا هو كلام ينبغى أن يقال عن مصر حيث العقل المصرى غير مدرب بالمرة على الحلول الوسط فى السياسة رغم أنه عقل مدرب تماماً على الفصال والأخذ والرد فى الصفقات التجارية بدءاً من الفصال مع النجار أو السباك انتهاء بالفصال مع الشركات الدولية الكبرى.

وماذا كانت النتيجة؟

كل طرف يرى أن عليه ألا يقدم أى تنازل للطرف الآخر حتى كادت أن تضيع البلاد.

لذا كان دعائى هو عنوان هذا المقال.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا رب نَجِّ مصر منّا يا رب نَجِّ مصر منّا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab