بقلم :معتز بالله عبد الفتاح
هناك تحيز فى التغطية الأجنبية لما يحدث فى مصر، لكن المشكلة أنها تذيع وتصبح هى الصورة الذهنية عن مصر. وهذا ليس فى مصلحتنا. مثلاً جاء فى موقع «ساسة بوست» ما يلى:
نشرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية تقريراً عن الحوادث المتتالية التى شهدتها مصر مثل تحطم الطائرة الروسية، ومقتل السياح المكسيكيين، ومقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، ومؤخراً سقوط طائرة مصرية مقبلة من العاصمة الفرنسية باريس. وأشار المقال إلى أن العامل المشترك بين كل هذه الأحداث هو أن الدولة المصرية لم تعلن عن نتيجة تحقيقاتها فى أىٍّ منها، مع اعتماد الاقتصاد المصرى على السياحة بشكل أساسى، من المرجح أن تضر كل هذه الأحداث بالسياحة المصرية بشكل كبير.
بدأ التقرير بذكر تحطم طائرة الركاب الروسية -رحلة متروجت 9268- فى شبه جزيرة سيناء فى أكتوبر الماضى، ومقتل 224 شخصاً، وقد أعلن تنظيم ولاية سيناء، وهو الفرع المصرى لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، مسئوليته عن الحادث بعد ساعات من وقوعه. وبعد أقل من أسبوع، أعلنت بريطانيا أنها تشتبه فى أن السبب كان عبوة ناسفة. اتفق المسئولون الأمريكيون مع ذلك، ووجهوا الاتهام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. بعد ذلك بأسبوعين، خلصت روسيا إلى أن «عملاً إرهابياً» وراء سقوط الطائرة. ثم أُغلقت القضية، كما يبدو.
وأشار التقرير إلى أن مصر رفضت هذه الاقتراحات باعتبارها سابقة لأوانها، حيث أصدر المحققون المصريون فى ديسمبر تقريراً أولياً يفيد بعدم وجود أى دليل على عمل إرهابى أو فشل أمنى. وحتى الآن لم تعلن مصر عن إصدار تقرير نهائى. فقط اعترف الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى فبراير الماضى، بشكل غير مباشر، أن الحادث كان عملاً إرهابياً.
تحدّث التقرير بعد ذلك عن تحقيق مصر حالياً فى حادث تحطم آخر، وهو تحطم طائرة مصر للطيران الرحلة 804 التى سقطت فى البحر المتوسط فى 19 مايو الحالى، وأسفرت عن مقتل 66 شخصاً. وقد قال الطيار أيمن المقدم، رئيس لجنة التحقيق -والذى تولّى التحقيق فى حادث الطائرة الروسية أيضاً- بأن تقريراً أولياً سيكون جاهزاً فى غضون شهر. إلا أنه من المتوقع أن التقرير لن يسلط الضوء على التحطم وأسبابه، خاصة إذا كانت الأسباب محرجة لمصر.
نقل التقرير تصريح الرئيس السيسى بأن «التحقيقات قد تستغرق وقتاً طويلاً، ولا حاجة للتسرع فى إصدار النتائج»، وأوضح أن مصر دائماً ما تطول تحقيقاتها التى لا تؤدى فى النهاية إلى أى شىء، أو تؤدى إلى نتائج فى صالحها. بالعودة إلى عام 1999 عند تحطم طائرة مصر للطيران الرحلة 990 قبالة السواحل الأمريكية، صرّح مسئولون أمريكيون بأن الطيار المصرى هو الذى أسقط الطائرة، وذلك بناءً على أدلة كافية. بينما أنفقت مصر ملايين الدولارات فى محاولة لإثبات غير ذلك.
أخذ التقرير فى سرد أمثلة على حوادث فى الآونة الأخيرة لم تُعلن نتائجها. من هذه الأمثلة التحقيق فى مقتل ثمانية سياح مكسيكيين وأربعة مرشدين مصريين فى الصحراء الغربية فى سبتمبر الماضى. هناك بعض الأدلة على سقوط المجموعة إثر ضربة جوية مصرية. لكن مصر قامت بفرض حظر النشر فى التحقيقات حول الحادث. لم يتم الكشف عن النتائج، إلا أن المسئولين المصريين ألقوا باللوم على شركة السياحة لاصطحابها السياح إلى منطقة محظورة. فى 12 مايو الحالى عبّرت وزارة الخارجية المكسيكية عن «دهشتها وعدم رضاها» عن عدم إجراء تحقيق شامل متعمق فى القضية.
ووصف التقرير رد الفعل الإيطالى تجاه التحقيق المصرى فى مقتل طالب الدكتوراه الإيطالى جوليو ريجينى بأنه كان أكثر قوة. لم تزل العديد من الأسئلة دون إجابة، على سبيل المثال، لماذا احتفظ المختطفون بمتعلقات ريجينى لأسابيع بعد قتله؟ لماذا قد يقوم لصوص بتعذيبه لأيام؟ ولماذا لم يتم القبض عليهم بدلاً من قتلهم؟ لا يتوقع أى أحد أن تجيب مصر عن هذه الأسئلة.
التقرير فى ختامه يقول إن السيسى نفسه كان قد اشتكى من «محاولة لإعاقة التحقيقات»، وطلب من المسئولين إطلاع الشعب على أى نتائج، مردداً ما صرّح به سابقاً بعد حادث الطائرة الروسية «لن نخفى شيئاً»، فى الوقت الذى فشلت فيه حكومته فى كشف الحقيقة.