نشرت عدة صحف، ومن ضمنها «الشرق الأوسط» اللندنية، تعليق وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر على فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الثلاثاء الماضى.
وشأنه شأن كثيرين، قال «كيسنجر»، فى حوار هاتفى مع صحفى مجلة «أتلانتيك» جيفرى جولدبرغ، إنه توقع فوز المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون بمنصب الرئيس.
وبسؤاله عن تأثير ما آلت إليه الانتخابات على دور أمريكا فى العالم، قال الدبلوماسى المخضرم إن هذا «قد يمكننا من تأسيس تماسك وتناغم بين السياسة الخارجية ووضعنا الداخلى، فلا يخفى على أحد وجود فجوة بين فهم العامة لدور السياسة الخارجية الأمريكية وفهم النخبة. أعتقد أن الرئيس الجديد لديه فرصة لتوفيق الاثنين، لديه فرصة، لكن يعود إليه أن يستغلها».
وطالب «كيسنجر» بالتوقف عن السؤال عن كفاءة وجدية «ترامب»، قائلاً: «إنه الرئيس المنتخب، علينا منحه فرصة لتطوير فلسفته»، مضيفاً أنه لن يسعى لمساعدته، وهو نهجه مع كافة الرؤساء الأمريكيين منذ مغادرة منصبه، على حد قوله، وتابع: «إذا طلب منى القدوم، سأفعل».
وفى رده على سؤال بشأن أكثر ما يثير قلقه فيما يتعلق بالاستقرار العالمى بعد هذه الانتخابات، قال «كيسنجر» إن دول العالم ستتلقى الأمر «بصدمة»، مع رغبته فى الإبقاء على إمكانية وجود حوار جديد، قائلاً: «إذا قال ترامب للشعب الأمريكى (هذه رؤيتى للسياسة الخارجية) وكانت بعض هذه السياسات لا تتطابق مع سياسات سابقة لنا لكنها تتقاسم الأهداف الرئيسية، فإن الاستمرارية ممكنة».
ورأى وزير الخارجية الأسبق أن رد فعل الصين سيكون دراسة خياراتها، والأمر ذاته بالنسبة لروسيا، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن «ترامب» سيكون مدافعاً عن «بوتين»، حيث أضاف: «بعد كلمات الرئيس الروسى الطيبة بحقه شعر بأنه عليه الرد»، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن علاقتهما ستكون «مُعدّة مسبقاً» بأى حال من الأحوال.
ويقول «كيسنجر» إن «بوتين» سينتظر ليرى تطور الموقف بعد انتخاب «ترامب»، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وروسيا «يتداخلان فى مناطق لا سيطرة لأى منهما فيها على كل العناصر، كما فى سوريا وأوكرانيا».
وتابع: «من الممكن أن بعض المشاركين فى هذه النزاعات يشعر بحرية أكبر فى القيام بتحركات بعينها، حينها سينتظر بوتين لمعرفة ما خياراته».
وبسؤاله إذا كانت هناك فرصة لمزيد من عدم الاستقرار، أجاب «أعتقد أن أغلب دول العالم كانت فى ترقب لستة إلى ثمانية أشهر، انتظاراً لما ستتمخض عنه انتخاباتنا. لقد شاهدونا للتو نتعرض لثورة داخلية، وسيودون دراسة ذلك لفترة، لكن أحياناً ستضطر الأحداث لاتخاذ قرار».
لكن «كيسنجر» أشار إلى أن «الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو التنظيمات والجماعات التى قد يكون لديها دافع لاستفزاز رد الفعل الأمريكى الذى يقوض موقفنا فى العالم».
وعما إذا كان تهديد تنظيم داعش المتطرف بات أكثر جدية الآن، يقول: «الجماعات التى لا تتبع دولاً قد تخطط بحيث يكون رد فعل ترامب على هجمات إرهابية يخدم أهدافها».
وعن رد الفعل الإيرانى المحتمل على فوز «ترامب»، يقول: «قد تخلص إيران -ومعها الحق فى ذلك- إلى أن الاتفاق النووى بات هشاً أكثر مما كان، لكنها ستظهر صرامة شديدة أيضاً فى مواجهة الضغط، بينما تدرس ترامب. لا أحد يعلم الكثير عن سياسته الخارجية، ولذا فإن الجميع سيبدأ فترة دراسة».
أخيراً، كانت نصيحة «كيسنجر» لـ«ترامب» حتى يقدم نفسه إلى العالم، أولاً أن يظهر أنه على دراية تامة بالتحديات المعروفة للجميع، وأن يظهر أنه يتابع طبيعة تطوراتها، ويقول: «أى رئيس لديه مسئولية أساسية تتمثل فى وضع التوجهات: ماذا نريد أن ننجز؟ مِن ماذا نريد أن نحتمى؟ ولماذا؟ وللقيام بذلك عليه التحليل والتدبر».