رئيس سنغافورة فى مصر

رئيس سنغافورة فى مصر

رئيس سنغافورة فى مصر

 عمان اليوم -

رئيس سنغافورة فى مصر

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

سنغافورة ذلك البلد الصغير الذى مات «لى كوان يو»، رئيس وزرائه وصانع نهضته فى مارس 2015، هو الرجل الذى حكم سنغافورة وعمره 35 سنة وظل يحكمها لمدة 30 سنة، بعد ساعات من موت الرجل كتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبى وصانع نهضتها: «رحل اليوم أحد أعظم القادة الذين مروا على قارة آسيا والعالم، الأب والمؤسس لسنغافورة الحديثة.. الصديق لى كوان يو».

تقول مجلة «السياسة الخارجية» عن هذا الرجل: إن فلسفة إدارة الأب المؤسس لسنغافورة «لى كوان يو» تقوم على ما يلى: الاعتقاد فى قوة السوق الحرة، الدور التنموى لحكومة مركزية قوية، إعادة تشكيل ثقافة الناس حتى لو على حساب الحريات الشخصية، بما فى ذلك تجريم البصق (يعنى التفافة لا مؤاخذة) فى الأماكن العامة.

فى سنغافورة، أى شخص يُقبض عليه أثناء البصق يمكن أن يواجه غرامة كبيرة من ألف إلى خمسة آلاف دولار. هذا القانون هو جزء من مجموعة كبيرة من التشريعات التى وضعت فى عهد «لى كوان يو»، من ضمنها قيود على مضغ العلكة (اللبان لا مؤاخذة)، وإيذاء الطيور فى ميادين وشوارع سنغافورة، والعبث بالمراحيض العامة، وإلقاء أعقاب السجائر والقمامة فى الشارع.

وحكاية تجريم «التفافة»، لا مؤاخذة، مسألة مثيرة للتأمل، لأن «التفافة» جزء أصيل من الثقافة الصينية، ولا تزال الصورة الشهيرة التى التقطت لمارجريت تاتشر مع دينج تساو بينج، زعيم الصين، فى عام 1984 وتحت رجليه حاجة شبه «الحلة أو القروانة» (أعزكم الله) كى يبصق فيها، شهادة على تأصل هذه العادة فى الثقافة الصينية. طيب إيه «غتاتة» أهله دى اللى تخليه يركز فى حاجة زى كده؟ يقول أحدنا، وهو يحتسى زجاجة الحاجة الساقعة ثم يرميها فى الشارع.

الحقيقة هى لم تكن «غتاتة»، وإنما الرجل أراد أن يخلق فى ثقافة الشعب السنغافورى الشقيق فكرة «قدسية الفضاء العام».

يعنى بعبارة أخرى، يخلق عند الناس فكرة أن سنغافورة الشقيقة هى وطن الجميع، وعلينا أن نحترمها وأن نحترم أهلها وحقهم فى بيئة نظيفة ومجتمع أخلاقى، ما ينفعش أنضّف بيتى وأرمى الزبالة على سنغافورة، زى ما الشعب المصرى الشقيق يركب عربيته ويخاف على عربيته تتوسخ فيرمى الزبالة على مصر والمصريين من شباك العربية.

بس يظهر إن الأخ لى كوان يو ورفاقه أخدوا الموضوع بجد شويتين كعادتهم، وفعلاً بدءاً من سنة 1984 طبقوا القانون بصرامة فغرمت الحكومة 128 شخصاً بسبب البصق فى السنة الأولى و139 فى عام 1985.

ومن ساعتها وموضوع البصق فى الشارع ده تراجع ثم انعدم. وتراجع ده ترتب عليه أن اكتسب الشعب السنغافورى الشقيق مهارة احترام الناس التانيين (آه والله، ده فيه ناس تانيين ساكنين وعايشين معانا بس إحنا مش بناخد بالنا).

سنغافورة من أنظف وأجمل وأنجح مجتمعات واقتصادات العالم.

يقول ريتشارد فيتور، وهو أستاذ إدارة أعمال فى جامعة هارفارد، ومؤلف كتاب «كيف تتنافس البلدان»: «هذه التدابير التى تبناها لى كوان يو هى جزء من حزمة من السياسات التى شكلت (ثقافة التنمية) حتى يتغير فكر وسلوك المواطن السنغافورى على نحو يجعله مستوعباً لمسئوليته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».

دول كثيرة أخرى فى شرق آسيا تبنت نفس سياسة منع البصق، وتحول هذا الأمر إلى مؤشر فى التفرقة بين الإنسان المتحضر والإنسان غير المتحضر.

فى تفسير قراراته هذه كتب «لى كوان يو» عن أهمية أن يقوم المواطنون بتغيير عاداتهم السيئة والمضرة بالمجتمع والاقتصاد. يقول الرجل فى المجلد الثانى من مذكراته بعنوان: «من العالم الثالث إلى الأول: قصة سنغافورة 1965 - 2000»: «إن وظيفته ليست تغيير سنغافورة، وإنما تغيير طريقة تفكير الإنسان السنغافورى حتى يغير هو سنغافورة».

نغير طريقة تفكير الإنسان!!

الاستثمار فى البشر لا يقل أهمية عن الاستثمار فى الحجر.

بناء الإنسان لا يقل أهمية عن بناء البنيان.

أو هكذا يدعون.. صباحكم جميل.

(كلام قديم يحتاج لتجديد بمناسبة زيارة الرئيس السنغافورى لمصر).

omantoday

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس سنغافورة فى مصر رئيس سنغافورة فى مصر



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab