أعظم ثورة دائرية في التاريخ

أعظم ثورة دائرية في التاريخ

أعظم ثورة دائرية في التاريخ

 عمان اليوم -

أعظم ثورة دائرية في التاريخ

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

إلى من يطالبون أو يحلمون بثورة جديدة أذكّرهم بما كتبته من عامين تقريباً.

إحنا عملنا ثورة دائرية عبقرية، أعظم أحلام الكثيرين منا بعدها هو أن نعود إلى سنة 1998 مثلاً.

علماء السياسة فى الخارج بيحكوا عن نظرية كده اسمها نظرية الاختيار العقلانى تقول إن كل فاعل سياسى يختار البديل الذى يحقق له أكبر قدر من المنفعة بأقل قدر من الخسائر أو التكلفة فى ضوء الظروف التى كانت سائدة أثناء صناعة القرار. والفاعل الأكثر عقلانية تكون لديه القدرة على التراجع الاستراتيجى حين يكتشف أنه اتخذ قرارات عائدها أقل من خسائرها. وهذا ما يطلق عليه عند الساسة «استراتيجية الخروج» أو خطة لإلغاء القرارات السابقة.

وواحدة من أدوات فهم مدى «رشاد وعقلانية» الفاعلين السياسيين أن تسعى لمحاكاة الظروف التى اتخذت فيها القرارات بعد أن تكون القرارات قد اتُّخذت ونُفذت على أرض الواقع.

سؤال: لو أعطانا الله القدرة على تغيير القرارات التى اتخذناها بدءاً من 24 يناير 2011 وحتى الآن، هل كنا سنتخذ نفس القرارات؟ مثلاً، المنتمون لجماعة الإخوان، وبعد أن مرَّ بهم كل ما حدث، هل لو أتيحت لهم فرصة العودة إلى 24 يناير 2011، يقيناً كانوا سيفضلون الوضع آنذاك على الوضع الآن؟ بشىء من التأمل، عدد أعضاء الجماعة العاملين الذين يقاربون ربع المليون شخص، كانت لهم مساحة من حرية الحركة الاجتماعية والسياسية والحضور الاقتصادى، لم تعد متاحة لهم الآن. كان الناس ينظرون إليهم باعتبارهم جماعة مظلومة «وبتاعة ربنا»، الآن تراجع عدد من يحسنون الظن بها كثيراً. كما أن وصول الدكتور مرسى للسلطة أغرى المنتسبين للصفوف الأول والثانى والثالث للظهور للعلن، بما جعل عملية القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمات بمثابة ضربة قاصمة للجماعة. إذن من منظور الإخوان ومناصريهم، لو عادوا لما قبل 25 يناير، لربما كان أفضل لهم ألا يتخذوا معظم ما اتخذوا من قرارات. أو ربما لوقفوا بجوار «مبارك» ضد الثوار.

من منظور القوى المدنية، هم يجدون أنفسهم فى وضع أفضل كثيراً مما يجد الإخوان أنفسهم فيه، ليس لأنهم أحكم أو أفضل منهم، ولكن لأن وجودهم فى الشارع أضعف، وتنظيماتهم أكثر هشاشة، فكان ضعفهم البنيوى فى مصلحتهم لأنهم لم يتعرضوا لمهمة الحكم مباشرة. ولكن بلا شك فإن متغيرين كبيرين يؤثران عليهم سلبياً: أولاً، البروز الشديد لمؤسسات الدولة (وعلى رأسها الجيش والقضاء)، وكأنها المنقذة للبلد من الساسة الضعاف المنقسمين، وعلى رأسهم الليبراليون واليساريون. ثانياً، الأداء الضعيف نسبياً لمعظم وزراء جبهة الإنقاذ خلال حكومة الدكتور الببلاوى، ثم رحيل معظمهم يرسل رسالة غير إيجابية عن كفاءة وقدرة هؤلاء. وكأن الرسالة الضمنية عن «الإخوان» وعن الليبراليين واليساريين أنهم أضعف من الكفاءات التى كان الحزب الوطنى يصدّر بهم المشهد. هى رسالة مؤسفة، لكن الكثيرين الآن يتساءلون: هل دعمُنا للثورة كان اختياراً عقلانياً أم أنه خطأ استراتيجى؟ وربما، لو عاد الزمن بهؤلاء لوجدوا أن الوقوف مع «مبارك» كان أفضل من لهيب الإخوان بعد 25 يناير والذراع الثقيلة لمؤسسات الضبط والقمع بعد 30 يونيو. الثوار بلا تيار، سواء الشباب الذين ضحوا، أو العمال الذين تكبدوا العناء، أصبحوا الآن أكثر فقراً وأكثر بطالة.

 وعملياً لم يحققوا معظم ما طالبوا به. و«مبارك» ما طلعش عنده 70 مليار دولار فى بنوك الخارج. هل لو عاد الزمن بهؤلاء إلى 24 يناير، هل كانوا سيثورون لينتهوا إلى ما هم فيه الآن. أو ربما كانوا اهتموا قبل أن يثوروا بأن يستعدوا لمرحلة ما بعد الفعل الثورى؟ طبعاً هذا لا يخفى حقيقة أن الجزء الأكبر من المسئولية عما انتهت إليه الأوضاع بعد «25 يناير» يعود إلى سوء الإدارة والفساد الذى كان موجوداً قبل «25 يناير»، ولكن المعضلة أن الكل يخرج خاسراً الآن لأن السلطة الحاكمة فى عهد «مبارك» لم تستطع بشكل مبكر أن تخلق بيئة يكون فيها معظم الفاعلين السياسيين، والأهم معظم الشعب، فى خانة المكسب. والأسوأ أن من جاء بعد الحزب الوطنى فى إدارة الدولة لم يكونوا بنفس القدر من المهارة السياسية. وأصبح حلم الكثيرين منا أن يقبل تلاميذ من ثرنا ضدهم بأن يتولوا المناصب الوزارية التى أصبح يعزف عنها الكثيرون. ولا أعتقد حتى أن قيادات القوات المسلحة ترى أنها كان من مصلحتها كمؤسسة عسكرية أو كقيادات أن يمروا بكل هذه المخاطر والمصاعب.

نفسى ندرك قريباً أننا فى مركب يغرق، وأن علينا أن نتحد تحت قيادة نعطيها فرصتها ونساعدها، حتى لو كنا نكرهها أو نختلف معها، حتى نعبر هذه المرحلة الصعبة التى نمر بها، لكن كل هذا لن يغير من حقيقة أننا عملنا ثورة «شبهنا» فيها ما فينا من اتكالية وارتجالية وعشوائية معشوأة فى بعضها، وأقصى حلمنا أن تكون ثورة دائرية نستعيد فيها ما فاتنا، الله يرحمك يا جدتى، كانت تقول: «من خفّ عقله تعبت رجليه». من يومين قابلنى شاب متابع الكلام الفاضى اللى أنا باكتبه وباقوله ده، فكّرنى بكلمة، نسيتها وتذكّرها، أيام التعديلات الدستورية: «يا ثوار اتفقوا، مشّوها بشرى أو مشّوها برادعى، لأنكم لو ما اتفقتوش، هيمشّوها طنطاوى».

والآن أصبح أقصى أحلامنا أن يحكمنا تلاميذ من ثرنا على حكمهم، واللى هيقول ثورة تانى يعرف أنه يقود البلاد إلى أسوأ مما نحن فيه، وحتى لا نكرر نموذج أعظم ثورة دائرية فى التاريخ.

omantoday

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعظم ثورة دائرية في التاريخ أعظم ثورة دائرية في التاريخ



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab