بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
تعقيباً على سؤال جاءنى من صديق «فيسبوكاوى» على توجهى بالتركيز على أثر الزيادة السكانية السلبى على مستقبل بلادنا، أنقل له هذا الكلام الذى يجعلنا نتأكد أننا مطالبون بالارتقاء بنوعية الإنسان وليس بكمّه.
لا تحدثنى عن ثروة أى بلد وأهله مشحونون بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل والحروب!
«نيجيريا» من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول، ولكن انظر إلى حالها ووضعها والسبب أن الإنسان فيها مشبع بالأحقاد العرقية ومحمل بالصراعات الطائفية والدولة يأكلها الفساد والإهمال.
فيما سنغافورة البلد الذى بكى رئيسه ذات يوم، لأنه رئيس بلد ليس فيه موارد طبيعية.. يتقدم اليوم على الهند فى مستوى دخل الفرد.
فى عصرنا الحالى الشعوب المتخلفة فقط هى التى ما زالت تنظر لباطن الأرض ما الذى ستخرجه كى تعيش، ولعدد السكان على أساس أنه العِزوة.. فى الوقت الذى أصبح فيه عقل الإنسان هو الاستثمار الناجح والأكثر ربحاً.
هل فكرت وأنت تشترى تليفون «جالاكسى» أو «آيفون» كم يحتاج هذا التليفون من الثروات الطبيعية، ستجده لا يكلف دولارات قليلة من الثروات الطبيعية.. (جرامات بسيطة من المعادن وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك) ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز.. والسبب أنه يحتوى على ثروة تقنية من إنتاج عقول بشرية.
هل تعلم أن شخصاً واحداً مثل «بل غيتس» مؤسس شركة مايكروسوفت يربح فى الثانية الواحدة 226 دولاراً؟
هذا يعنى أن ما يملكه اليمن ودول الخليج من احتياطى للثروات لن يستطع مجاراة شركة واحدة لتقنية حاسوب.
هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على التليفون المحمول؟ هل تعلم أن أرباح شركة مثل «سامسونج» فى عام واحد 327 مليار دولار نحتاج لسنوات لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلى لمصر.
أخى فى الشمال أو الجنوب، فى الشرق أو الغرب من الوطن العربى، والخليجى بالأخص، الواهم بأن لديك ثروة ستجعلك فى غنى وبدون الحاجة إلى عقلك دع عنك أوهامك، فلا ثروة مع عقلية الاستهلاك.
هُزمت اليابان فى الحرب العالمية الثانية.. وفى أقل من خمسين عاماً انتصرت على هازميها بالعلم والتقنية مع أن عدد سكانها شبه ثابت، لأن عدد المواليد يتساوى مع عدد الوفيات.
قرأت بالأمس عداد جهاز التعبئة العامة للإحصاء لأجد أننا وصلنا إلى ما يزيد على 92 مليون نسمة.
كثرة فى الخَلق (بفتح الخاء) وندرة فى الخُلق (بضم الخاء) وتواضع فى العلم.
كيف نتقدم إذاً؟
نحن نجعل تقدمنا ضد منطق الأشياء.. أرجو ألا نكون خناجر فى جسد بلادنا، نستنزفها ونتساءل عن سبب عدم تقدمها.
المصدر : صحيفة الوطن