بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
نشرت صحيفة «الوطن»، أمس، على صفحتين كاملتين عدداً من الأمثلة المزعجة لمناطق صناعية مفترضة تحولت إلى «مدن أشباح». وجاء فى مقدمة التقرير المتميز ما يلى:
لم تفلح عشرات القرارات الصادرة منذ تسعينات القرن الماضى بإنشاء مناطق صناعية فى الظهير الصحراوى بكل محافظة فى تحقيق التنمية الصناعية والاقتصادية المنشودة، وسلمت الدولة إدارة المناطق الصناعية لعشرات الجهات الحكومية التى يمثل التعامل معها أمراً بالغ التعقيد، فمن مكتب الاستثمار فى المحافظة، إلى جهاز المدينة الصناعية، ووزارة الاستثمار، وهيئة التنمية الصناعية، وشركات المياه والشرب والصرف الصحى، والكهرباء، والبترول، وهيئة الطرق، والقوى العاملة، وهيئة التأمينات، يعانى المستثمر حتى يستخرج التراخيص اللازمة للعمل.
وبعد الحصول على التراخيص اللازمة، تبدأ معاناته فى قلب المنطقة، مع بنية تحتية غائبة، أو متهالكة، فلا نقاط ولا أقسام شرطة لتأمين المدينة، ولا طرق ممهدة تسمح بدخول الشاحنات، ولا وسائل مواصلات لنقل العمال، غير الانقطاع الدائم للتيار الكهربائى، وعدم توصيل الغاز الطبيعى لأغلب المناطق، والانقطاعات المستمرة للمياه، وغياب شبكات الصرف الصحى أو تهالكها، والأهم من كل ذلك هو غياب دعم الدولة لمنتجات مصانع هذه المدن، فى الوقت الذى تسمح فيه باستيراد سلع من الخارج مدعومة من حكومات بلادها وبأسعار أقل فينهار أمامها المنتج المحلى.
النتيجة الحتمية كانت إغلاق آلاف المصانع التى لم يقدر أصحابها على الاستمرار فى تحمل نزيف الخسائر المستمرة دون توقُّف، وبروز ظاهرة جديدة كشفتها تقارير رقابية من جهة، واستطلاعات ميدانية من جهة أخرى، هى حصول مستثمرين على قطع من الأراضى مستفيدين من أسعارها الزهيدة وبناء سور حولها وادعاء جدية العمل، لنفاجأ بعدها بسنوات ببيعهم لها بسعر لا يقارن به السعر الذى حصلوا عليها به، ودليل ذلك آلاف الإعلانات فى الصحف عن بيع قطع أراض بالمدن الصناعية. «الوطن»، ترصد على أرض الواقع كيف تحولت المناطق الصناعية من مدن كان الهدف منها تحقيق تنمية صناعية عملاقة ومن ظهير صناعى إلى «مدن أشباح».
ثم تأتى العناوين الفرعية لتعطى أمثلة صارخة على الإهمال المفضى إلى تراجع الأداء على نحو مزعج. مثلاً: (الديون والانفلات الأمنى يغلقان 20 مصنعاً فى القليوبية.. مدينة الصفا بأسيوط: أسوار وأرض فضاء ومأوى للبلطجية.. نصف المصانع متوقفة ونقيب المستثمرين يطالب بتشكيل لجان لحل الأزمة.
وبشأن المدينة الصناعية فى «ميت غمر» الخبر يقول: 2222 مصنعاً وورشة مرخصة بخلاف الورش والمصانع غير المرخصة داخل مركز ميت غمر فى انتظار المدينة الصناعية.
وعن المنطقة الصناعية فى مدينة «العلاقى» فى أسوان يقول الخبر: العلاقى منطقة صناعية على الورق.. لا غاز ولا مواصلات ولا أمن.
وعن منطقة قويسنا الصناعية يقول التقرير: الصينى يكسب والمصرى «جاب ضلفها» ذلك أن حيتان الاستيراد وراء إغلاق الورش والمصانع والدولة تجمع الغرامات ولا تدعمنا.
وفى بنى سويف حيث توجد منطقة «كوم أبوراضى» الصناعية: طرق غير ممهدة ونقص فى الخدمات والبنية التحتية والمستثمرون يقولون إن بطء الإجراءات يسبب إحجام المستثمرين والجهاز الإدارى يلجأ إلى الحلول السهلة.
وفى الدقهلية حيث توجد المنطقة الصناعية بجمصة: أراض خالية والمصانع فى مكاتب التسقيع. وتقرير رقابى يكشف «مجاملات» جهاز المدينة فى التخصيص تهدر 42 مليون جنيه.
وفى قنا حيث توجد مدينة «هو» الصناعية وبعد 22 عاماً يوجد 6 مصانع فقط وتكاليف باهظة يتحملها المستثمر.
هذه العناوين تحمل معضلة بحاجة لعلاج جذرى من قبل مجلس الوزراء حتى لا نكون مثل من «يعمر ساقية ويخرب طاحونة».
والله المستعان.