إعادة بناء الإنسان «الكورى»

إعادة بناء الإنسان «الكورى»

إعادة بناء الإنسان «الكورى»

 عمان اليوم -

إعادة بناء الإنسان «الكورى»

بقلم ـ معتز بالله عبدالفتاح

قضية إعداد الإنسان للنهضة هى جزء لا يتجزأ من النهضة نفسها. القضية ليست فقط فى المبانى والطرق والقناطر والمصانع، ولكن فى الإنسان الذى يستطيع أن يبنى كل هذا ويقيم على أساسه تنمية مستدامة.

حين يتحدث أهل الاختصاص عن «تنمية مستدامة» فهم يقصدون تحديداً أن تكون التنمية الإنسانية والبشرية على قمة أولويات السياسات التنموية.

كتبت من قبل عن التجربة الكورية، وكيف أنها نجحت فى أن تتحدى الصعاب.

ولنقرأ معاً ما يلى:

«هذا البلد لا مستقبل له.. هذا البلد لن يتعافى حتى بعد مائة سنة».

قائل هذه العبارة هو الجنرال الأمريكى دوجلاس ماك آرثر، قائد قوات الولايات المتحدة فى شرقى آسيا، الذى هزم اليابانيين فى الحرب العالمية الثانية، وأجبر إمبراطورها على توقيع معاهدة الاستسلام المهينة التى لا تزال أساس علاقة الولايات المتحدة باليابان حتى الآن. وهو كذلك، وهذا هو الأهم فى مقامنا هذا، قائد القوات الأمريكية التى حاربت بجوار كوريا الجنوبية الموالية للولايات المتحدة فى حربها مع كوريا الشمالية الموالية للاتحاد السوفيتى والصين الشيوعيين.

ومناسبة قوله هذه العبارة هو حديثه عن مستقبل كوريا الجنوبية بعد 36 عاماً من الاحتلال اليابانى لها ثم حربها الضروس مع كوريا الشمالية التى خلفت بلداً أشبه بمجاهل أفريقيا الآن. ونبوءته هذه كانت مدعومة كذلك من شخص مثل «Vengalil Menon»، رئيس البعثة الخاصة التى أرسلتها الأمم المتحدة إلى كوريا للإشراف على الهدنة. قال الرجل: «هذا بلد يعيش أهله فى القرون الوسطى.. كيف يمكن لزهرة أن تزدهر فى وسط مقلب قمامة؟».

الأفلام الوثائقية التى تسجل تلك الفترة فى تاريخ كوريا الجنوبية عادة ما تأتى بصور أطفال أقرب إلى هياكل عظمية متحركة، وأمهات يبكين ويتحدثن بلغة غير مفهومة يختلط فيها البكاء والعويل، وأصوات صفارات إنذار من كل مكان، ودخان يتصاعد من بقايا أبنية محترقة أو منهارة. وبعد ثلاثين عاماً، تشير الكتب المتخصصة فى التجربة الكورية الجنوبية إلى مقولات لأشخاص درسوا ما أصبحنا نسميه «المعجزة الكورية» ليقولوا: «إن كوريا صنعت أكبر طفرة تكنولوجية عرفها العالم الحديث». وهذه من مقولات «Alvin Toffler»، دارس المستقبليات الشهير.

وعادة ما تستحضر الأفلام الوثائقية عن كوريا الحديثة صوراً لكوريا الحديثة بما فيها من كمّ مهول من العمارات الشاهقة والشوارع المنظمة والكبارى المتناسقة والمصانع المهولة التى تعمل فى كل المجالات: صناعة السفن حيث كوريا الجنوبية هى الأولى فى العالم، صناعة السيارات حيث كوريا الجنوبية الخامسة على العالم، صناعة التليفزيونات حيث كوريا الجنوبية الرابعة على العالم، صناعة التليفونات المحمولة حيث تنافس كوريا الجنوبية على المركز الثانى عالمياً، صناعة الكمبيوترات حيث هى السادسة على العالم.

الرحلة لم تكن سهلة، رحلة مليئة بالصراع السياسى الذى كان فى جانب منه شديد الشراسة، وانتهى إلى حالة ديكتاتورية تنموية تحت قيادة الجنرال «بارك تشانج هى» الذى وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكرى أوقف به سلسلة من الاضطرابات السياسية وكانت مهمته الأساسية هى بناء الإنسان الكورى ذهنياً ونفسياً عبر التعليم والإعلام والمنتجات الثقافية من سينما وأغانٍ.

نستطيع أن ننهض شريطة أن نقرأ ونتعلم ونخطط لبناء الإنسان كما نخطط لبناء البنيان.

omantoday

GMT 15:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 15:11 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 15:10 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة بناء الإنسان «الكورى» إعادة بناء الإنسان «الكورى»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab