بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
شغلتنا، نحن المصريين، مشاكلنا عن تسجيل الشكر لأهلنا فى العراق على ما أنجزوه فى صراعه ضد داعش.
وكما كتب أحد المحللين العراقيين، الذى رفض ذكر اسمه منذ أكثر من عام ونصف:
بالرغم من أن الجزء الراغب بالانسلاخ عن تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» والعودة للحياة المدنية قليل نسبياً فى الوقت الحالى، فإن هذا الأمر يزداد يوماً بعد يوم لا سيما بعد اشتداد زخم المعارك ضد الجيش العراقى وقوات البشمركة الكردية فى جرف الصخر وبيجى والعظيم وسد الموصل وزمار. وهناك مؤشرات تثبت وجود انشقاقات وعمليات تصفية كبيرة بين صفوف التنظيم.
هناك أشخاص تركوا التنظيم فى الموصل وتكريت والحويجة واعتزلوا القتال أو العمل الإدارى شبه المدنى والأمنى لصالح التنظيم. وبعد فترة قصيرة جداً تم توجيه إنذار لهؤلاء الأفراد ودعوتهم للعودة إلى صفوف التنظيم أو سيتم اعتبارهم مرتدين. هذه القضية قوبلت بالرفض من قبل بعض المرتدين عن القتال، تم على أثرها تصفية مجموعة تتراوح بين 70 إلى 80 عنصراً ليكونوا عبرة للآخرين.
وعلى الرغم من أن التنظيم يعتقد أنه قادر على مجابهة أى طرف يريد أن يواجهه بالنظر إلى إعداد عناصره إلا أن حساب القوة والقدرة بهذه الصورة سيجعل التنظيم يشعر بأنه يمتلك زمام التفوق والمبادرة، فى حين أن الحقيقة العسكرية والعملياتية تشير إلى عكس ذلك تماماً وهذه الطريقة فى حساب القوة غير صحيحة، وتؤدى غالباً إلى مهالك كبيرة.
فأى هجوم على الموصل - الأنبار - وتكريت - الحويجة من قبل القوات العراقية لن يكون صعباً إذا ما تم التخطيط له بصورة جيدة ومنظمة عسكرياً ومعلوماتياً بسبب وجود أشخاص مرغمين على القتال والبقاء فى تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام». أضف إلى ذلك أن عملية تحرير المدن الكبيرة (الموصل - تكريت - الفلوجة - الحويجة وجميع أطراف هذه المدن) ستنهى أسطورة الخلايا النائمة. وسيكون أمام هذه الخلايا وأفرادها خيارات صعبة حين تعود السيطرة إلى الجيش العراقى: القتال حتى الموت أو الهروب خارج هذه المدن أو إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم. وهذا ما حدث فعلاً فى أطراف الموصل وديالى وأطراف تكريت (بيجى)، وجزء آخر يتوقع أنه يحدث بعد وصول قوات الجيش العراقى والقوات الساندة الأخرى بالتعاون مع التحالف الدولى إلى هذه المناطق غير المحررة.
من جهة أخرى، فإن قيادات ومقاتلى التنظيم الأوائل (الخط الأول) والمدربين باحتراف عقائدى وعسكرى يتعرضون للتصفية واستهلاك كبير فى الجبهات الأمامية يومياً، كما حدث فى جرف الصخر وبيجى ومحيط الأنبار. هذا الأمر ترافق مع بروز ظاهرة جديدة فى التنظيم تدل على التمييز الطبقى فى المعاملة بين المقاتلين الأجانب والمقاتلين العراقيين، متمثلاً بسحب الأجانب من المعارك الضارية والمناطق الخطرة وإرسال أعداد كبيرة منهم إلى سوريا واستبدالهم بمقاتلين عراقيين لتعميق توريطهم.
علاوةً على ذلك، فإن التنظيم يعانى جداً من عملية تحويل الشرطة الإسلامية والحسبة وأصحاب الوظائف شبه المدنية الأخرى (داخل المدن المستقرة نسبياً) إلى مقاتلين فى الجبهات الأولى الأمامية (ذات الطابع العسكرى القتالى الثقيل). حدث هذا التطور بسبب النقص الحاد والاستهلاك الكبير لقيادات التنظيم والعناصر المدربة بشكل جيد، ومقتلهم فى المعارك والجبهات المتعددة داخل العراق وسوريا. وترفض غالبية أفراد هذه الوحدة (وحدة الشرطة الإسلامية والوحدات المدنية الأخرى) أن تنخرط فى المواجهات المباشرة على الجبهات الأولى، خصوصاً بعد الضربات القوية التى يتعرض لها التنظيم فى العراق والضحايا التى تزداد أعدادها يوماً بعد يوم.
من الواضح أن نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» يتراجع عسكرياً وعملياتياً، وهذا مؤشر إيجابى ليس فقط للعراق بل أيضاً للمجتمع الدولى.
انتهى الاقتباس ومعه أقول قوة العراق من قوة مصر والعرب، ولا قيامة للعراق إلا بوحدته ولا قيامة للعرب إلا بوحدتهم.