هناك معضلة فى الكثير من الدول، وهى معضلة «الدولة الرخوة»، أى الدولة التى تضع القوانين واللوائح والنظم، ولكنها لا تستطيع تطبيقها لأن ثقافة المجتمع لا تسير فى نفس اتجاه هذه القوانين، فيصبح القانون مثالياً على الورق، منفياً فى الواقع.
وهنا يكون من المهم وضع تصور لاستغلال الخطابات الخمسة: الخطاب السياسى، التعليمى، الإعلامى، الدينى، الثقافى والفنى فى تغيير الثقافة بما يتلاءم مع القانون.
قرأت ثلاثة أخبار مقبلة من دبى تجسد كيف نجح القائمون على الأمر هناك فى العمل جنباً إلى جنب على تغيير الثقافة وتغيير القانون بما أنتج نمطاً متجانساً مما تريده الدولة وما يؤمن به المواطنون.
لنقرأ الأخبار الثلاثة:
يقول الخبر الأول:
قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبى، عبر حسابه الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، «نحتفل غداً بيوم المرأة الإماراتية.. شريكة التنمية.. وصانعة الأجيال.. وأم الشهداء.. وفخر الإمارات.. وعديلة الروح..».
وأضاف فى تغريدة لاحقة: «اليوم.. ثلثا موظفى الحكومة نساء، وثلثا خريجى جامعاتنا الوطنية نساء، وثلث مجلس الوزراء نساء.. نحن لا نمكن المرأة.. نحن نمكن المجتمع بالمرأة».
واختتم قائلاً: «أقول لهن.. أنتن الأجمل والأفضل والأقوى.. ودولتنا ستبقى الأجمل والأفضل والأقوى أيضاً بعملكم واجتهادكم.. حفظكم الله وحفظ أم الإمارات لنا ولكم».
الخبر الثانى:
أمر حاكم إمارة دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإجراء تعديلات إدارية فى بلدية الإمارة شملت إحالة 9 من كبار المسئولين للتقاعد.
وجاء ذلك بعد يوم من قيامه بزيارة مفاجئة لمكاتب الحكومة واكتشاف غياب عدد كبير من الموظفين، حيث أظهرت لقطات فيديو حاكم إمارة دبى وهو يتجول فى أقسام البلدية.
وتحاول حكومات فى منطقة الخليج جعل أجهزتها البيروقراطية أكثر كفاءة فى الوقت الذى يضغط فيه انخفاض أسعار النفط على الموارد. والتحرك الذى قام به الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو أحد أبرز الجهود فى ذلك الاتجاه حتى الآن.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن الشيخ محمد أمر بإحالة تسعة للتقاعد من قيادات بلدية دبى منهم مديرون ومساعدون للمدير العام فى إدارات، مثل الشئون القانونية والتخطيط.
ونشرت حكومته يوم الأحد تسجيلاً مصوراً له على الإنترنت يتحدث فيه عن زيارة لم يعلن عنها من قبل لأحد المكاتب الحكومية ووجده خالياً من الموظفين. وقال مسئول إعلامى فى دبى إن الهدف من الزيارة كان «توجيه رسالة».
وقالت الوكالة إن الشيخ محمد وجه الشكر يوم الاثنين للمسئولين التسعة الذين أحيلوا للتقاعد على ما قدموه من جهود خلال فترة عملهم، لكنه قال إنه يرغب فى إتاحة المجال لجيل جديد من القيادات الشابة القادرة على تحمل مسئولية التطوير خلال المرحلة المقبلة وتقديم أرقى مستويات الخدمة للجمهور.
الخبر الثالث:
احتفى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبى، بجميلة المهيرى، وزيرة دولة التعليم، بعد تفاجئه بوجودها فى العمل بعد «وضعها» مولودها منذ ثلاثة أسابيع.
ونشر حاكم دبى صورة تجمعه مع الوزيرة، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وكتب: «فخور بتفانيك وألف مبروك».
أختم وأقول: هناك اتساق بين الثلاثة «قاف»: القانون، القيادة، القيم.