التعليم بإشراف شخصي من الرئيس ما العمل

التعليم بإشراف شخصي من الرئيس: ما العمل؟

التعليم بإشراف شخصي من الرئيس: ما العمل؟

 عمان اليوم -

التعليم بإشراف شخصي من الرئيس ما العمل

معتز بالله عبد الفتاح

جاء فى الأنباء أن مصدراً مسئولاً بديوان وزارة التربية والتعليم قال إن الوزارة تلقت خطاباً رسمياً من رئاسة الوزراء، يفيد بتشكيل لجنة من ٦ وزراء، للعمل على تطوير جميع المناهج الدراسية، وذلك بإشراف «شخصى» من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكداً أنها ستكون «لجنة إشرافية».

وأكد الخطاب، وفقاً للمصدر، أن الرئيس وجه بعدم الاقتصار على تطوير منهج مادتى «العلوم» و«الرياضيات»، والعمل على تطوير مناهج كافة المواد، لافتاً إلى أن هذه اللجنة تتكون من وزراء الشباب والرياضة، والثقافة، والتنمية المحلية، والتعليم العالى والبحث العلمى، إضافة إلى الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم.

وكلف الخطاب الذى تلقته وزارة التربية والتعليم، أمس، وزير التربية والتعليم بإجراء فحص لقائمة أساتذة الجامعات، الذين يتمتعون بخبرات جيدة فى المناهج، لتكوين لجنة منهم تعمل على التطوير الكلى، مشيراً إلى أن لجنة الوزراء ستكون «لجنة إشرافية» فقط.

ونوّه المصدر بأن الخطاب تضمن تأكيداً على أن الرئيس السيسى سيشرف على هاتين اللجنتين «شخصياً»، على أن يرفع «المجلس التخصصى للتعليم»، تقارير أسبوعية له عنهما، فور التشكيل النهائى لهما.

طيب، الحمد لله... هذه خطوة موفقة، ولى عدة ملاحظات ثم اقتراحات.

أولاً، تبنت وزارة التربية والتعليم تاريخياً استراتيجية «الطالب القفة» الذى يمكن أن «ندفس» فى دماغه أكبر قدر ممكن من المعلومات مثلما «ندفس» فى «القفة» أكبر قدر ممكن من «الحاجات» سواء كانت مفيدة أو غير مفيدة. وتحت عنوان تطوير المناهج أصبحت المقررات أكثر تعقيداً، والمدرسون أقل استيعاباً لها، والطالب أكثر بغضاً لها، وأصبحنا فى «مسرحية تعليمية» الكل فيها يؤدى دوراً ما كى يبدو وكأن عندنا عملية تعليمية صحيحة.

ثانياً، المسئولية قطعاً لا تقع على الإدارة الحالية لوزارة التربية والتعليم وإنما هى مسألة تاريخية والتدهور له تاريخ حتى وصلنا إلى الطالب الذى يغش والمدرس الذى يتاجر بالدروس الخصوصية والمقرر الذى يبدو شكلياً على أحدث ما ذهبت إليه دول أكثر تقدماً فى العلم مثل سنغافورة وفنلندا وكندا وغيرها.

ثالثاً، ولكن المعضلة أن المقرر الذى يدرسه الطلاب هؤلاء فى هذه الدول المتقدمة يأتى معه تدريب موازٍ للمدرس حتى يكون قادراً على توصيل المادة العلمية وفصل دراسى متوسط عدد طلابه 30 طالباً ومدرسة معدة تماماً لاحترام آدمية الطالب وتربيته وتدريبه.

وحين ننقل هذه المقررات إلى طلابنا فى مصر، فلا عجب أن ينتهى بإدارة المدرسة والمدرس والطالب فى «حيص بيص» لأنهم مطالبون بما لا يطيقون؛ فلا المدرسة مؤهلة للأنشطة المصاحبة للمقررات، ولا المدرس مستوعب المقرر التعليمى، ولا الطالب فى المقابل قادر على فهم من الذى «حدفه» فى المصيبة التى هو فيها.

أقسم بالله، لقد قابلت طلاباً فى الإعدادية والثانوية بدأوا يكرهون مصر بسبب ما تفعله فيهم وزارة التربية والتعليم. نحن لا نفعل خيراً بأبنائنا حين نستعرض عليهم قدراتنا فى «تصعيب» المقرر ولا نمد الطلبة بالمدرس القادر على التفاعل الإيجابى مع المقرر والمناخ الدراسى المناسب لهذه المقررات.

رابعاً، لماذا لا نستمع للطلاب وأولياء الأمور. لماذا لا نلتقى مع «متلقى الخدمة»؟ لماذا يجلس مجموعة من المتخصصين فى غرف مغلقة ليقرروا لطلابنا ماذا يدرسون دونما اعتبار للخبرة السلبية المعاصرة التى يعانى منها هؤلاء.

خامساً، الطالب المصرى لا يتعلم ولا يتربى. أزعم أن أكثر ما يتعلمه طلابنا فى المدارس الآن هو «انفصام الشخصية» الناتج عما يقال له مما ينبغى أن يكون وما يحدث فعلياً فى المدرسة. نعلّم الطالب كلمات عن الأمانة والصدق ورفض قبول الرشوة والإتقان والإخلاص وهو لا يرى أمامه، إلا نادراً، الإدارة والمدرسين الذين يلتزمون هذه القيم. ما الذى يتعلمه الطالب حين يعرف أن المدرسين يجاملون أبناء المدرسين الآخرين بإعطائهم درجات أعلى دون استحقاق؟ ما الذى يتعلمه الطالب حين نعطيه كتباً فى الكمبيوتر والتربية الوطنية والدين دون أن يكون هناك تدريس حقيقى لها لأنها «مش داخلة فى المجموع». ثم محتوى مادة مثل الكمبيوتر مثلاً مضحك لأقصى درجة وحرام علينا أن نضيّع وقت طلابنا وهذا الكم من الكتب المطبوعة فى محتوى عتيق أشبه بمن يدرس تاريخ صناعة «البمب» فى زمن الصواريخ العابرة للمحيطات.

سادساً، ما الفائدة التى تعود على أى حد حين يطلب من الطالب أن «يحفظ» 15 نصاً فى الشعر والأدب والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة وبالتالى ينتهى بالطالب أنه لا يحفظ أى شىء، ويطلب منه المدرسون أن يكتب أى حاجة، وسيأخذ درجة على أى حاجة مكتوبة حتى لو خطأ. وكأنه «اتفاق» بين المدرسين أن الطالب حين لا يعرف كيف يجيب عن سؤال، فإن أى «فتى» سيكون له جزء من الدرجة.

طيب، لماذا لا نطلب من الطالب أن يحفظ فقط ثلاثة أو أربعة نصوص، فقط لا غير؟ هذا عدد معقول يمكن للطالب أن يحفظه فعلاً حتى لا يفقد مهارة الحفظ، وتكون معقولة حتى تتناسب مع قدرات الطالب.

ما يحدث عملياً أننا نطلب منهم الكثير مع تدريس ضعيف، فينتهى بهم الحال إلى الدروس الخصوصية و/أو الكتب الخارجية التى تلخص المنهج للطالب فيتحول المنهج الذى هو فى 300 صفحة إلى 15 صفحة، يحفظها الطالب ويدخل يكتب ما جاء فى الملخص بغض النظر عن الأسئلة. والمفاجأة أن هؤلاء الطلبة عملياً ينجحون لأن المدرسين يتساهلون.

فتحدث الرباعية الخطيرة: يحصل الطلاب على الشهادة، والمدرسون على الفلوس، والوزارة على الشكل، والمجتمع على التخلف.

سابعاً، لو كان الأمر بيدى لفعلت ما فعلته الصين فى عهد «دينج تساو بينج» بحيث يكون التعليم ما قبل الجامعى تعليماً مركزاً على الأساسيات وبعيداً عن التفاصيل المعقدة التى تُترك للجامعة بحيث يحكم المقرر التعليمى من ابتدائى وحتى ثانوى ما يلى:

1- التركيز على القيم الوطنية والإنسانية (هناك منظومة خماسية تقوم على القيم الأخلاقية، القيم السلوكية، القيم الاجتماعية، القيم السياسية، القيم الاقتصادية).

2- التركيز على الأساسيات التى يمكن أن يبنى عليها الطالب فى المستقبل وتحديداً: اللغة العربية، اللغة الإنجليزية (90 بالمائة من المتاح عالمياً فى المجالات المعرفية المختلفة مكتوب بالإنجليزية)، حد أدنى من مهارات حسابية ورياضية، معلومات عامة فى مجال الفيزياء والكيمياء والأحياء، التاريخ، الجغرافيا، المنطق، الفلسفة، علم الاجتماع، علم النفس.

3- تحويل كتب المدرسة من كتب متغيرة من سنة لأخرى إلى مراجع مبسطة وخالية من الحشو يتسلمها الطالب فى ابتدائى أو أولى إعدادى وتبقى معه حتى نهاية التعليم الثانوى. مثلاً، بدلاً من طباعة كل سنة كتاب فى التاريخ والجغرافيا والكيمياء وغيرها، لماذا لا يحصل الطالب فى بداية المرحلة الإعدادية مثلاً على كتاب واحد فيه كل تاريخ مصر من مينا نارمر وحتى العام الماضى؟ وهكذا فى كل المواد. ويكون الطالب مطالباً بالاحتفاظ بالكتاب لأنه سيستخدم فى السنوات التعليمية المقبلة، وهكذا فى كل المواد.

4- المهارات الشخصية ليست ترفاً. وأصبح تدريب الطلاب عليها أهم كثيراً من حفظ معلومات كثيرة غير مفيدة. وبالمناسبة «جوجل» يعرف كل حاجة لمن يريد أن يبحث عن معلومة ولكن كيف نستفيد من المعلومة ونضعها فى إطار يخدم قضية أكبر، وكيف يعمل الطلاب معاً كجزء من فريق عمل.

قال لى صديق مصرى يعمل فى الصين منذ أكثر من 20 عاماً: العامل الصينى الشاطر يخرج من المدرسة يعرف ثلاث مهارات: الإنجليزية والكمبيوتر والعمل باجتهاد.

خلاصة الكلام: يا ريت نركز بعمق فى الأساسيات وبلاش «افتراء» على الطلبة وأهاليهم... الناس تعبت جداً والناتج لا يبرر كل هذه التعقيدات التى نضعها فى مناهجنا.

هذه أفكار قد تفيد.

والله الموفق والمستعان.

omantoday

GMT 22:23 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الإلكترونية

GMT 21:52 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

موعدنا الأحد والاثنين والثلاثاء

GMT 20:31 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الإصلاحي

GMT 22:08 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

المناظرات الكبرى!

GMT 23:47 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

لا يسكنون الوطن ولكن الوطن يسكنهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم بإشراف شخصي من الرئيس ما العمل التعليم بإشراف شخصي من الرئيس ما العمل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab