رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة

رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة

رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة

 عمان اليوم -

رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة

رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة
معتز بالله عبد الفتاح

صباح الخير معالى السفير.

علمت أن السيد رئيس البرلمان الألمانى (البوندستاج) البروفيسور نوربرت لامرت، المنتمى للحزب المسيحى الديمقراطى الذى تترأسه المستشارة أنجيلا ميركل، رفض استقبال الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر.

وفى هذا المقام أرسل لكم، معالى السفير، ثلاث رسائل:

أولاً، الألمان علمونا ثم لامونا. ماذا لو كان الشعب الألمانى، نخبته أو أجهزة حكمه أو الحس الشعبى عند جماهيره، قد أدرك مخاطر الحكم النازى خلال السنة الأولى من حكم هتلر؟ أى كنتم تخلصتم منه بدلاً من أن يستمر فى السلطة من 1933 وحتى 1945 دمر خلالها معظم أوروبا وتسبب فى موت عشرات الملايين من البشر؟ لقد تعلمنا من تجربتكم أننا لا ينبغى أن نحسن الظن، حتى تحت شعارات ديمقراطية، لدرجة أن نخاطر بمستقبل بلادنا ومنطقتنا كافة حتى لو كان مصدر الخطر هو الرئيس المنتخب ديمقراطياً. أتحدث عن نفسى، لقد كنت قريباً بما يكفى من صانعى المشهد السياسى فى مصر خلال 2013، ورأيت كم المحاولات التى بُذلت من عقلاء ووطنيين من أجل إقناع الدكتور مرسى وجماعته بأن الإخوان ينبغى أن يكونوا جزءاً من مصر وليس أن مصر جزء من الإخوان. ووعدنى الدكتور مرسى شخصياً، كما وعد الملايين علناً، ثم نكث، بما تأكدت معه أنه يعبث بإرادة الأمة، أو على الأقل لا يحترمها. لقد تعلمنا الدرس من أخطائكم يا سيدى، فلا تلومونا. ولو عاد الزمن وأتيحت الفرصة لكم لما انتخبتم هتلر، ولو كنتم انتخبتموه لثرتم ضده من أول أسبوع. مع الأسف، كما كان عندكم Denazification، أى إجراءات التخلص من الفكر والتنظيم النازى بعد 12 سنة من حكم هتلر، نحن نمر بحالة من الـ«Deikhwanization»، أى التخلص من الفكر والتنظيم الإخوانى بعد 80 سنة من وجودهم فى المجتمع. ومع الأسف هى مسألة، كما تعلم بحكم قراءتك لتاريخ بلادك، محفوفة بانتهاكات محتملة ومظالم متوقعة.

ثانياً، انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر موجودة مع الأسف الشديد. وهى انتهاكات ليست فقط من أفراد جهاز الدولة ضد المواطنين، ولكن من بعض المواطنين ضد مواطنين. وهذه تعكس تشوهات فى الشخصية المصرية لها تاريخ طويل، وهى مسألة بحاجة لأن نعمل عليها بسرعة. ووجهت انتقادات واضحة، علناً وسراً، لنظام الحكم الحالى فى مصر لعدة أسباب منها عدم الاهتمام ببناء الإنسان المصرى. ولكن لا أنسى أن أول الانتهاكات هى حالة الفقر المزرية التى يعيشها ملايين المصريين. ولو كنتم بالفعل حريصين كل هذا الحرص على حقوق الإنسان فى مصر، فلماذا لا تبدأون بمحاربة الفقر فى مصر بمشروعات ضخمة مخصصة لهذا الغرض؟ قال الرئيس السيسى فى لقاء لى معه منذ يومين إن أحد المسئولين الأجانب قال له لماذا لا تطلقون الحق فى التظاهر؟ فكان رده: «موافق، حل لى مشاكل مصر الاقتصادية وأنا مستعد أن أنزل أنا أقود المظاهرات بنفسى كل يوم». أوضح الرئيس أنه ليس ضد التظاهر، ولكن ضد الانعكاس السلبى للتظاهر على حياة المصريين.

ثالثاً، الإخوان لا يمثلون معارضة وطنية شريفة، بل إن المصريين يزدادون اقتناعاً بأنهم شرخ فى الهوية الوطنية المصرية، وأنهم تحولوا إلى «سلالة» تتزاوج وتتناسل على قيم تنال من فكرة المواطنة والدولة الوطنية. وأصبحوا يتبنون سياسات مركبة لها ثلاثة أبعاد: إنهاك المجتمع (مظاهرات، تفجيرات، تعطيل أنشطة، تدمير البنية التحتية، تخويف المستثمرين والسائحين)، إفشال الدولة (عبر دعاية سلبية مثل الحديث عن جيش الانقلاب، قضاء الانقلاب، والتشكيك فى وطنية مؤسسات الدولة بين الأجيال)، إسقاط النظام (عبر ربط كل إهمال أو تقصير أو حوادث برئيس الدولة شخصياً، واستغلال أى خطأ أو تقصير فى إثارة كتل حرجة لها مظالم حقيقية).

الإخوان نجحوا فى الفشل، وجعلوا معركتهم ليست فقط مع «الدولة العميقة» ولكن كذلك مع «المجتمع العميق»، أى مع الثوابت الوطنية التى تربَّى عليها أغلب المصريين لقرون طويلة.

كمواطن مصرى أرفض المبالغة فى أحكام الإعدام، وقطعاً ضد أى انتهاك لحقوق الإنسان، ولكن فى الوقت نفسه أرفض أن يتصور أى مسئول ألمانى أو غير ألمانى أن إحراج رئيس مصر سيجعلنا نُهزم ضد من يمارس ثلاثية: إنهاك المجتمع، إفشال الدولة، إسقاط النظام.

لو أراد الإخوان حقن الدماء، فالكرة فى ملعبهم، ولو أراد الألمان مساعدتنا، فالكرة فى ملعبهم.

أرجو إرسال هذه الرسالة إلى البروفيسور نوربرت لامرت.

تحياتى معالى السفير.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة رسالة إلى السفير الألمانى بالقاهرة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab