حساء الكرنب والبطاطس

حساء الكرنب والبطاطس

حساء الكرنب والبطاطس

 عمان اليوم -

حساء الكرنب والبطاطس

بقلم:أسامة غريب

الأوضاع فى القوقاز مرشحة للانفجار، ويبدو أن جولةً جديدةً من المعارك قد تندلع قريبًا بين أذربيجان وأرمينيا بعد هدنة استمرت ثلاث سنوات، ويبدو أن أرمينيا قد حسمت أمرها ومالت ناحية الولايات المتحدة.. وليس أدل على هذا من المناورات العسكرية التى جرت الأسبوع الماضى بين واشنطن ويريفان، وهو تعاون عسكرى يحدث للمرة الأولى.

معروف أن أرمينيا الأرثوذكسية كانت قريبة من روسيا على الدوام، لكن يبدو أن الخذلان الذى تعرض له الأرمن فى حربهم الأخيرة من جانب موسكو جعلهم يبحثون عن حليف راغب فى أن يرث مكانة الروس فى أرمينيا، وقد يساعد على ذلك الميول المعروفة لباشينيان رئيس الوزراء الأرمينى ناحية الغرب. ورغم الشجب الروسى للمناورات المشتركة بين الناتو وأرمينيا، لكن يبدو أن الأمور سائرة على غير ما يشتهى الروس الذين خسروا تقريبًا كل الجمهوريات السوفيتية السابقة بعد أن فقدوا دول حلف وارسو تباعًا، تلك الدول التى فضّلت الالتحاق بالاتحاد الأوروبى وحلف الناتو على التعلق بأذيال روسيا من جديد.

ومعروف أن موسكو قد ورثت الخصوم والأعداء الذين كانوا للاتحاد السوفيتى من دول المعسكر الغربى دون أن ترث أصدقاءه، بل يمكن القول إن حلفاء الأمس قد تحول أغلبهم إلى خصوم بعد أن التحقوا بالناتو وصارت لأمريكا على أراضيهم قواعد تهدد الروس وتمس أمنهم القومى فى الصميم. ويمكن القول إنه باستثناء بيلاروسيا، فإن بقية الجمهوريات السوفيتية السابقة لا تثق بالروس وتفضل التحالف مع أعدائهم.

أعتقد أن هذه الحالة تحتاج للدراسة حتى نفهم حجم الكراهية التى كانت تحملها شعوب أوروبا الشرقية لحكومة الكرملين عشرات السنين، ومن الواضح أن روسيا الجديدة التى انبثقت عن الاتحاد السوفيتى لم تستطع أن تقدم نموذجًا ملهمًا لتلك الشعوب، ويبدو أن بقاء بوتين الأبدى فى السلطة وحمايته لطبقة يقال عنها أولجاريشية صارت تمتلك المليارات، فضلًا عن غياب الشفافية والمحاسبة إلى جانب القبضة الحديدية لساكن الكرملين.. كل هذا جعل الشعوب المتطلعة إلى الديمقراطية ترنو ببصرها نحو الغرب، وهذا الغرب الرأسمالى قد نجح فى إخفاء أبرز عيوبه واستفاد من ديمقراطيته العتيدة فى جذب أوروبا الشرقية نحوه.

إن الذين نظروا بتجرد للتجربة الاشتراكية فى الاتحاد السوفيتى لا يستطيعون أن ينكروا التقدم الصناعى والزراعى والتقنى الذى حدث فى وقت قصير، حتى إن هذه الدولة سبقت أمريكا فى إطلاق سفينة فضاء دارت حول الأرض عام 1957، ولا يستطيعون كذلك أن ينكروا أن أساسيات الحياة المتواضعة قد توافرت للناس.. ومع ذلك فهذه الشعوب لم تكن سعيدة، وقد اختزنت الغضب لعشرات السنين حتى تفجر وخرج على شكل مشاعر عدائية ورغبة فى قطع الصلة التى ربطتهم بدولتهم السوفيتية الساقطة. لقد حقق الاقتصاد فى الحقبة الاشتراكية نجاحات لافتة، لكنها كانت تتم بالقسر والقهر والأشغال الشاقة فى سيبيريا الجليدية.. لذلك فقد انهار البناء الذى لم يحترم الكرامة الإنسانية واختزلها فى ملء البطون بحساء الكرنب وما تيسر من بطاطس

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حساء الكرنب والبطاطس حساء الكرنب والبطاطس



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 21:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية
 عمان اليوم - تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab