بقلم:أسامة غريب
فى عام 2008، كانت الأزمة المالية العالمية فى ذروتها بعد إعلان إفلاس 19 بنكًا من أكبر بنوك الولايات المتحدة؛ نتيجة العجز عن تحصيل القروض التى أفرطوا فى منحها لمواطنين عجزوا عن السداد. تدخلت الحكومة وضخت من المال العام مئات المليارات للبنوك من أجل منعها من الانهيار، لكن كبار المستثمرين من منتجى البترول والدول الآسيوية أخذوا فى سحب رؤوس أموالهم من هذه البنوك. فى ذلك الوقت وقع أبناء الطبقة المتوسطة وأصحاب المدخرات الصغيرة تحت وهم الدعاية التى أغرتهم بضخ أموالهم فى النظام المالى من خلال الاستثمار فى البورصة أو فى صناديق المعاشات واستثمارات بنوك ترتبط بأسواق المال، ومن ثَمَّ فإن الانهيار لم يمس المستثمرين الكبار فقط، ولكن أصاب مدخرات الصغار، فى الوقت الذى فقد فيه الكثيرون منهم وظائفهم نتيجة إغلاق الشركات.
إذا عدنا بالذاكرة إلى تلك الفترة، وتحققنا كيف كان شكل العالم، فسيلفت انتباهنا أنه فى تلك السنوات لم تكن القضايا المتعلقة بالمثلية وحقوق المثليين مطروحة مثلما هو الحال اليوم، وكان الناس ينشغلون بقضايا اجتماعية واقتصادية رأوها أَوْلَى بالاهتمام من نشر عَلَم المثليين ومعاقبة مَن يعترض عليه!.. فمتى حدث التحول الذى أوصلنا اليوم إلى أنْ صرنا مرغمين على تحية المثلية والحديث الإيجابى عنها كمسألة طبيعية تستحق التأييد والإشادة والتودد إلى أصحابها باعتبارهم خيار الناس؟!. نعم.. لم يعد فى استطاعة أحد إذا سُئل عن رأيه فى أصحاب الميول الجنسية الشاذة أن ينتقدهم، أو حتى أن يلوذ بالصمت ويمتنع عن التعليق.. الإشادة والتعاطف والترحيب هى الخيار الوحيد المتاح لمَن أراد أن يتجنب ضياع مستقبله المهنى!. فى الحقيقة، إن مجلس إدارة العالم، ذلك الكيان الخفىّ الذى يدير شؤون الكوكب وفقًا لمفاهيمه، رأى الفرصة سانحة لإحداث تغيير مفصلى يحقق قفزة واسعة يتغلغل من خلالها فى وعى الناس وإدراكهم، ويطرح المثلية ضمن حزمة مقبولة من الأفكار، مقابل أن يمد يد العون وينتشل الاقتصادات المنهارة من عثرتها. لم يتم طرح المثلية وحدها، وإنما قدموا مثالًا كبيرًا ومفاجئًا فى المساواة بين أصحاب البشرة البيضاء والسمراء من خلال انتخاب أول رئيس أمريكى صاحب بشرة سمراء. وفى ظنى أنه لو لم يكن تمرير المثلية هدفًا رئيسيًّا فى ذلك الوقت، لما رأى أوباما الكرسى الرئاسى ولا حلم به!.
وطبيعى أن شبكات التليفزيون والمنصات الإخبارية وتلك التى تقدم الدراما أسهمت فى تقديم أعمال تضم زيجات بين أصحاب البشرة البيضاء والسمراء، أو العكس بشكل طبيعى ودون اعتراض من جانب الأهل، وهو الأمر الذى لا يحدث فى الواقع!.. كما يقدمون زيجات بين رجلين أو امرأتين بنفس الطريقة البسيطة والطبيعية؛ أى أنهم يسبقون المجتمع ويأخذون بيده برفق نحو ما يريدون. لقد كان هذا هو الثمن الذى تعين على العالم أن يدفعه لتجاوز الأزمة المالية، ولا أستغرب إذا عرفت أن الأزمة كانت مدبرة بواسطة مَن قدموا لها الحل مختلطًا بحزمة أفكار خاصة بالتطبيع مع العبث الجندرى!. هل هناك علاقة بين هذا والحرب الكونية على غزة؟.. لِنُرجِئ هذا إلى حديث آخر.