بقلم:أسامة غريب
من الأخبار اللافتة التى قرأتها مؤخرًا ما نشرته الصحف عن مبادرة بعض البنوك بالاشتراك مع بعض الحلوانية لإتاحة الكعك والبسكويت للجمهور بالتقسيط على 12 شهرًا بدون فوائد.
سعدت بهذا الخبر، ومع ذلك سرحت قليلًا فى كم يكون سعر كيلو البسكويت الذى يحتاج للسداد على سنة؟. أدخلنى هذا الموضوع فى تفريعة جديدة لابد أن يكون رجال الدين طرفًا فيها.. والحكاية ببساطة أننى قررت أن أستغل العرض الكريم وأحصل على علبة بيتى فور مفتخرة بالتقسيط، وسوف أصارحكم لأنكم لستم (غُرْب) بأننى لا أنوى السداد.. سوف أستمتع بالبيتى فور ثم «أضرب عوافى» على القرض ولا أقوم بتسديده. ومصطلح «يضرب عوافى» هذا قديم من أيام جدتى، وكنت أسمعه فى حى الظاهر أيام الطفولة عن الذى يقترض ثم يصرف نظر عن السداد.. لهذا فإننى أحتاج إلى رجل دين مستنير يفتينى فى حكم الامتناع عن سداد قرض البيتى فور.
أنا أعلم طبعًا أن البنك قادر على استيفاء دينه بالوسائل القانونية، مثل الحجز على عفش البيت، والحصول على حكم بسجنى، لكنى أتمثل هنا سيرة شيخى نجيب سرور، الشاعر الكبير الراحل، عندما دعا مجموعة من أصدقائه فى فندق هيلتون، فشربوا حتى الثمالة، وعندما جاء الجرسون للحساب، طلب منه نجيب أن يتصل بالبوليس لأنه لا ينوى الدفع مع استعداده لتحمل كافة الآثار القانونية المترتبة على هذا!.
أنا أيضًا لن أغضب من أى إجراء يتخذه البنك، ولن أتردد إذا سألنى رفاق الزنزانة: (إنت جاى ف إيه؟) سأقول: أنا جاى فى بيتى فور. لكنى مع هذا أبحث عن رجل دين يطمئننى إلى أنه لا يوجد عقاب فى الآخرة على أكل الكعك ببلاش. وربما تكون فرصتى كبيرة لو كان الكاهن محبًا للبيتى فور مثلى حتى يحاول تطويع النصوص، أو لنقل استشراف روح النص ووضع نفسه مكانى قبل أن يصدر الفتوى.
وأنا واثق بأنه لو أجهد نفسه وحفر داخل التراث لوجد سوابق تاريخية لأحداث مماثلة كان فيها السلف الصالح أشد حنانًا على الناس من أهل زماننا الذين يودون لو استطاعوا أن يوقدوا النار لمساعدة السماء على عقاب العصاة من آكلى الغُريّبة والمعمول أبو ملبن. وربما إذا تمكّن رجل الدين أن يريح قلبى ويزيح عن ضميرى الشعور بالإثم، فإن هذا قد يكون فرصة لكلينا فى المستقبل.
فرصة له لينال السمعة الحسنة ويشتهر بين الناس بأنه من أئمة التيسير والتبشير وعدم التنفير، وهذا يعنى ثراء فاحشًا يجعله هو شخصيًا قادرًا على شراء البيتى فور كاش دون أن يضطر لكتابة كمبيالات، كما قد تكون فرصة طيبة بالنسبة لى حتى أطمئن على ما أنوى أن أفعله فى المستقبل عندما تتعاون البنوك الكريمة مع مطاعم الفول والطعمية والكشرى على تقديم فول وفلافل وأقراص عجة وساندوتشات بتنجان على بطاطس بالتقسيط، وأطباق كشرى، عدس زيادة، صلصة زيادة، تقلية زيادة مع أرز بلبن وشاى سكر برّه على 12 شهرًا. وأتمنى أن أجد وقتها بنكًا يضمننى متغاضيًا عن السابقة الأولى!.