بقلم:أسامة غريب
الرجل يختلف عن المرأة، فبينما يسوءه ويغضبه بشدة أن يكتشف الناس حجم تفاهته، فإن المرأة تسعى فى الغالب للتظاهر بتفاهة قد لا تكون موجودة، لأنها علمت بالتجربة أن الرجل يرحب بالمرأة التافهة ويجزع من الفاهمة الواعية المدركة القادرة على المحاورة والإقناع. ولعل من رحمة الأقدار أن المرأة لا تكتشف تفاهة الرجل فى معظم الأحيان مهما تساخف وتفوه بكلام فارغ.. دائمًا تفترض فيه النباهة والفصاحة، حتى لو واجهت تفاهته بوضوح شديد، فإنها تفسرها على أنها عمق متخفٍّ لا يريد أن يفصح عن نفسه لأسباب لا شك أنها وجيهة!.. من الممكن أن ترسم فى خيالها أن خيبة رجلها هى جزء من خطة محكمة، الهدف منها أن يظهر فى صورة العبيط لخدمة مخطط لصالح الوطن مثلًا، وأنه فى النهاية قد يقبض على رئيس العصابة أو يرسل رسالة من جهاز معقد يخفيه تحت السرير للموساد الإسرائيلى يشكرهم فيها على التعاون وتسهيل مهمته عندما صدقوا مثلما صدقت زوجته أنه رجل عبيط، بينما هو داهية أريب.
فى الفيلم الأمريكى «العظماء السبعة» كان الممثل «براد ديكستر» يقوم بدور قاطع طريق، يوافق على أن يلتحق بمجموعة «يول براينر» التى يقوم بتشكيلها لتتصدى لعصابة تقوم بالإغارة على قرية مكسيكية بائسة. كان براد ديكستر لا يصدق أن براينر يحاول حماية المكسيكيين لوجه الله، ويظن أن هناك الكثير من الذهب خلف العملية، وقد طمأنه البطل بينما كان يحتضر بعد أن أصيب برصاصة بأن ظنه فى محله، وأن هناك الكثير من الذهب فعلًا.. هنا قال: أستطيع الآن أن أذهب إلى جهنم وأنا مطمئن البال!.
المرأة الطيبة أيضًا تذهب إلى قبرها دائمًا مطمئنة الفؤاد والخاطر إلى أنها عاشت فى كنف «سيد الرجالة» الذى حماها ومنعها وظلّل عليها.. تعيش هذا الوهم وتحاول تصديقه، فى الوقت الذى يعلم الجميع أنها هى التى تنفق على البيت وتُعلّم الأولاد وتُربيهم، بينما سبع البرمبة يسهر كل ليلة فى جلسات المزاج مع مغفلين من أمثاله، يظن كل منهم أنه صاحب رؤية فى موضوع الاحتباس الحرارى ومشكلة النووى الإيرانى و...!.. تفعل المرأة هذا، لأن الوهم القائم على تعزيز مكانة الرجل يمنعها من أن تنفجر فى وجه المجتمع الظالم الذى يُعلى من قدر الرجل بلا أساس، وكذلك لأن هذا الوهم يستند فى ظنها إلى الدين الذى لا تفهمه لكنها تصدقه، ويستند أيضًا إلى رغبتها فى إثبات أن العمر لم يضِع هباء فى خدمة رجل سخيف؛ لأن هذا من شأنه أن يفقدها الثقة فى الآخرة أيضًا وليس فى الدنيا فقط، فهى تعلم أن ذَكَرَها الخائب الموكوس سوف يصاحبها فى الجنة أيضًا ولن يكون هناك سواه، فى حين أنه هو نفسه سوف ينعم باثنتين وسبعين حورية.. ولا شك أن هذه المكافأة التى سيحصل عليها تعزز جدارته وتؤكد أن نظرتها له كشخص عظيم كانت صائبة!.