عقدة الميدالية الفضية

عقدة الميدالية الفضية

عقدة الميدالية الفضية

 عمان اليوم -

عقدة الميدالية الفضية

بقلم:أسامة غريب

حققت المغرب المركز الرابع فى بطولة المونديال الأخيرة التى أقيمت فى قطر. فى نفس البطولة التى فازت بها الأرجنتين نالت فرنسا الميدالية الفضية والمركز الثانى. ومع ذلك لا يداخلنى شك فى أن الفريق والشعب المغربى شعرا بفرحة عارمة رغم الهزيمة فى المباراتين الأخيرتين فى البطولة، بينما الفريق والشعب الفرنسى شعرا بالألم والحسرة رغم تحقيق الفريق للمركز الثانى والميدالية الفضية، متفوقًا على 30 فريقًا نافسوه فى المونديال.

والواقع أن هذا الأمر يعود إلى ظاهرة نفسية يسميها علماء النفس «عقدة الفائز بالفضية»، والتفسير أن صاحب الميدالية الفضية قد لامس النصر، وكان قاب قوسين أو أدنى من أن يحوز الذهبية، لهذا فإن الفضية تعد بالنسبة له بمثابة انتكاسة وليست نصرًا.

ولعل من يصل إلى هذا المستوى يكون مقتنعًا بأنه بقليل من الحظ كان يمكن أن يكون هو الفائز، وبالمثل فإن صاحب الذهبية يغبط نفسه لعلمه بأن انتصاره وإن كان وليد الجهد والتدريب، إلا أنه كان يمكن أن يفلت منه لو أن خصمه المتمكن كان محظوظًا.

وطبيعى أنه فى ظروف كهذه فإن صاحب الميدالية البرونزية تكون سعادته أكبر بكثير من صاحب المركز الثانى، لأنه قد فاز بميدالية ولم يخرج خالى الوفاض. وهنا تبدو نسبية الأمور فى تفكير البشر، فالإنسان لا يبدو عمومًا مهتمًا بالقيمة المطلقة لما حقق، وإنما بقيمة ما كسب مقارنة بما حصل عليه غيره.

ولو فرضنا جدلًا أنك خيرت إنسانًا بأن يحصل على راتب قدره عشرة آلاف دولار فى الشهر، بينما يحصل زملاؤه فى نفس الوظيفة على عشرين ألفًا.. والخيار الثانى أن يحصل على خمسة آلاف، بينما يحصل بقية زملائه على ألفين فقط، فإنه أغلب الظن سيفضل الخيار الثانى، حيث سيكون متميزًا على أقرانه وأغنى منهم جميعًا.

وليس غريبًا فى تقييمنا للسلوك البشرى أن نعرف أن الإنسان البسيط إذا ما اجتاحت بلاده أزمات اقتصادية عاصفة يمكن أن نجده ممتنًا للأقدار إذا ما أفقرت المحيطين به أكثر مما أفقرته هو، حتى ليبدو كالأعور وسط العميان، لذلك فإنه لا يدخر جهدًا فى التعبير عن الامتنان للصدف السعيدة التى أفقرت معظم الناس واستثنته هو من الضربات الماحقة!.

السواد الأعظم من الناس لا يشعرون بالسعادة بمعزل عن الآخرين وبالقياس بالآخرين، لهذا فلا سعادة فى الوحدة، وهم لا يشعرون بالنعمة إلا إذا قاسوا أنفسهم بغيرهم من المقربين والمحيطين، وكلما وجدوا الفرق كبيرًا فى الدخل ومستوى المعيشة وفى وسائل الرفاهية زاد إحساسهم بالغبطة وعدّوا ذلك من قبيل رضا الله عنهم.

ولأسباب شبيهة فإن صاحب الميدالية الفضية يخرج من الموقعة تعيسًا، وقد تلازمه هذه التعاسة طويلًا، لأنه يقارن نفسه بصاحب الذهبية، بينما الفائز بالبرونزية يخرج سعيدًا لأنه ينظر للأغلبية فى الأسفل التى تعب أفرادها وتمرنوا واجتهدوا ولم يحققوا شيئًا، وكلما زاد عدد المشاركين الذين خرجوا صفر اليدين كلما كانت سعادة صاحب المركز الثالث غامرة!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقدة الميدالية الفضية عقدة الميدالية الفضية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab