الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة

الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة

الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة

 عمان اليوم -

الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة

عريب الرنتاوي

مناخات التفاؤل التي أحاطت بالمبادرة الروسية حيال سوريا، يبدو أنها في طريقها للانقشاع، بعد أن عبرت معارضتا الداخل والخارج، عن تحفظات جوهرية على شكل المبادرة ومضمونها، ما يضع موسكو في دائرة من الحرج الشديد.
من حيث الشكل، فقد رفض الائتلاف وهيئة التنسيق، وهما أكبر تجمعين للمعارضة السياسية، “الطابع الشخصي” لرقاع الدعوة، وشددا على ضرورة دعوة الكيانات السياسية إلى مؤتمر موسكو، وليس أعضاء فيها، بصفتهم الفردية، وبصورة انتقائية، تقررها موسكو وفقاً لمعاييرها الخاصة، لا الكيانات نفسها، وفقاً لحساباتها وتراتبيتها القيادية.
من حيث المضمون، يميل الفريقان الرئيسان في المعارضة، إلى رفض حوار بلا أجندة، ويفضلان عليه، حواراً يفضي إلى توافق حول “خريطة طريق للمستقبل” يتضمن عناوين مرحلة الانتقال السياسي في سوريا، وهذا ما رأت موسكو عدم الخوض فيه، أقله في هذه المرحلة، وغالباً من أجل ضمان مشاركة النظام في المؤتمر، وحضور وفد رفيع ممثل عنه إلى اجتماعات الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.
لذلك، رأينا المعارضات السورية تشد الرحال إلى القاهرة بكثافة في الأسابيع الأخيرة، علها تصل إلى توافق عريض فيما بينها حول المواقف من المبادرة الروسية، والأهم، حول وثيقة مشتركة يجري توحيد المعارضة خلف صفوفها، وتصبح أرضية للتحاور أو التفاوض مع النظام، ويبدو أن القاهرة، أكثر من موسكو، قد باتت موضع ثقة المعارضات السورية، كونها الأقل انحيازاً وتورطاً في الصراع الدائر في سوريا وعليها.
والمعلومات التي تتسرب عن مصادر المعارضة، تتحدث عن “روح جديدة” بدأت تهب على مكوناتها، تذهب بها أكثر من أي وقت مضى، إلى ضفاف التوافق والتلاقي، فمن جهة بات جلياً أن العالم والإقليم قد سئما من هذه الأزمة المكلفة والممتدة... ومن جهة ثانية، تراجعت أوهام معارضي الخارج حول “الحسم” و”الإسقاط” و”التدخل الدولي”، فأخذوا يهبطون تدريجياً عن قمم الأشجار التي صعدوا إليها طوال السنوات الأربع الفائتة ... ومن جهة ثالثة، يبدو أن تفاقم خطر “داعش” و”النصرة”، قد جعل المستحيل ممكنا في علاقات المعارضة السورية البينية.
ولقد توافر للمعارضات السورية (وربما للنظام لاحقاً)، وسيط يمكن التعامل معه من قبل معظم الأطراف (لا نقول جميعها)، بخلاف الوسطاء/ الأطراف السابقين، من أنقرة إلى الرياض مروراً بالدوحة ... فالقاهرة أكثر من موسكو، تجد قبولاً لدى أوسع أطياف المعارضة، وربما النظام نفسه بعد حين ... لا سيما بعد أن انتقلت السياسة المصرية حيال سوريا من “الدعوة للجهاد” زمن الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى “دور الوسيط” زمن الرئيس عبد الفتاح السيسي.
مهمة المعارضة في توحيد رؤاها ليست سهلة على الإطلاق ... لكن الانكسارات المتتالية التي تعرضت لها على أيدي قوات النظام من جهة ومقاتلي “داعش” و”النصرة” من جهة ثانية، تجعل التوافق ممكناً ... كما أن هيئة التنسيق التي تعاني من انسداد أفق الحل السياسي، وتدفع في الداخل السوري ثمن “اعتدالها” حيث يقبع عدد من قادتها في السجون السورية منذ أشهر وسنوات ويتعرض قادتها لأبشع حملات التشهير والتحريض من قبل النظام، باتت أكثر استعدادا لرفع سقف مطالبها، وهي اليوم أشد قناعة بضرورة أن ينطوي الحل السياسي على “معالم طريق” واضحة للانتقال السياسي بسوريا إلى ضفاف أخرى.
على أية حال، فإن الوسيط المصري كما الوسيط الروسي من قبل، سيواجه مشكلات جدية في إدماج المعارضات المسلحة في العملية السياسية، فلا قيمة ولا معنى لأن يُستثنى حملة السلاح من الحوار والتفاوض، طالما أن بأيديهم هم أكثر من غيرهم، الأمر والقرار بشأن “وقف النار” وتحييد السلاح ... روسيا رفضت دعوة أي من هؤلاء إلى موسكو، والأرجح أن القاهرة التي تواجه موجة عنف مسلح، لن تكون متحمسة للانخراط في مساعي حميدة مع هؤلاء.
وما ينطبق على المعارضات المسلحة، ينطبق بدرجة أعلى على جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، موسكو استبعدتهم، والقاهرة تحاربهم في مصر، والأرجح أنها لن تنفتح عليهم في سوريا ... صحيح أن الجماعة في سوريا، لم تعد لاعباً مؤثراً على المسرح السياسي والميداني، لكن الصحيح كذلك، أن أي حوار بين السوريين، سيظل ناقصاً وفاقداً لنصابه، إن لم يضم على موائده ممثلين لكل هذه التيارات، باستثناء المصنفة إرهابية منها، كالنصرة و”داعش” وبعض أخواتهما.
وطالما أن مؤتمر موسكو الحواري سيكون مسبوقاً بمؤتمر القاهرة التشاوري بين المعارضات السورية، فإن مصائر المؤتمر الأول ستعتمد على نتائج المؤتمر الثاني، فإن نجحت المعارضة بتوحيد مواقفها وتنسيق جهودها، لن تجد موسكو من بديل سوى الاستجابة لمطالب المعارضة بدعوة الكيانات لا المعارضين الأفراد، ووضع جدول أعمال لمؤتمرها، وإن انفرط عقد المعارضات كما حصل في مرات عديدة سابقة، ربما سيكون متاحاً لموسكو عقد مؤتمرها بمن حضر، وربما يحضر كثيرون في حالة كهذه.
وستبرز امام موسكو والقاهرة، مشكلة إضافية إن هي نجحت في تذليل العقبات المتصلة بتوحيد المعارضة وتنسيق مواقفها، ذلك أن النظام سيجد نفسه مضطراً حينذاك، لمراجعة مواقفه وموافقاته على صيغة مؤتمر موسكو، سيما وأنه ما كان ما ليعطي حليفه الروسي الضوء الأخضر للمشاركة لولا اقتناعه بأن القيادة الروسية ستأخذ جميع تحفظاته ومحاذيره بنظر الاعتبار، الأمر الذي سيجعل الوسطاء يواجهون مشكلة مزدوجة ومركبة، يتعين تفكيكها قبل التفكير بتنظيم مؤتمر يجمع النظام والمعارضة حول مائدة واحدة، سواء في موسكو كما هو مقرر، أم في القاهرة كما هو مأمول ومتوقع.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة الطريق إلى موسكو يـمـرّ بالقـاهـــرة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab