تشوركين إذ يُنذر الأسد

تشوركين إذ يُنذر الأسد؟!

تشوركين إذ يُنذر الأسد؟!

 عمان اليوم -

تشوركين إذ يُنذر الأسد

عريب الرنتاوي

في حمأة “الاختراقات الميدانية” التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه على جبهات عدة، ارتفعت وتيرة التصعيد السياسي من جانب النظام ... الرئيس بشار الأسد، تحدث عن مواصلة العمليات الحربية حتى استعادة السيطرة على مختلف الأراضي السورية (وإن طال الزمن)... وزراء ومسؤولون كبار في الحكم ربطوا تنفيذ أية تفاهمات سياسية قد تنبثق عن مسار فيينا بالانتصار في الحرب على الإرهاب ... والإرهاب في القاموس السياسي، لا يستثني أحداً من المعارضات المسلحة، بل ويطاول المعارضة السياسية “الأشد اعتدالاً” بدلالة اعتقال عبد العزيز الخيّر ورجاء الناصر ومطاردة لؤي حسين.
لقد حدث ما حذرت منه أطراف عديدة على امتداد السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية ... ما إن يتذوق فريق طعم “الانتصارات” على جبهات القتال، حتى تنتعش لديه أوهام “الحسم العسكري” ... حدث ذلك مع المعارضات في مراحل معينة من تاريخ الأزمة، وحدث ذلك أيضاً من داعميها ورعاتها الإقليميين، وها هو يحدث اليوم مع النظام وحلفائه الذي يستشعرون “فائض قوة” يغنيهم عن تكبد عناء السفر والتفاوض والحلول الوسط والتسويات السياسية والتوافقات الوطنية.
لكن الرد على هذا المنطق ( اللامنطق) داهم النظام من حيث لا يحتسب، الرد جاءه هذه المرة من نيويورك، وعلى لسان مندوب روسيا إلى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، الذي رد على تصريحات الرئيس بلغة لا تخلو من التهديد والوعيد ... فإما السير بإخلاص على مسار فيينا والتسوية السياسية للخروج بسوريا من مأزقها بـ “كرامة”، إما السير على الطريق الذي رسمته روسيا والمجتمع الدولي، وإما مواجهة أوخم العواقب، والتورط في حرب ستطول، ولا تُعرف نتائجها.
تشوركين لم يتجاهل احتمال أن تكون تصريحات الأسد مجرد رسائل سياسية يبعث بها لخصومه وأصدقائه، ومن باب “الردع” من جهة أو “رفع المعنويات” و”رص الصفوف” من جهة ثانية، محذرا من مغبة اقتطاعها من سياقها، وتحويلها إلى “نصوص درامية” يُنسج على منوالها، الكثير من الاستخلاصات والتقديرات “المتطيّرة” ... لكن مع ذلك، لم يتردد الرجل، رفيع المستوى، في رسم سقوف لما يمكن لصناع القرار في دمشق، أن يتخذوه من مواقف وسياسات وخيارات ... فروسيا عندما قررت التدخل العسكري في سوريا، لم تفعل ذلك على طريقة “بلاكووتر” في اليمن، وإنما في سياق رؤية استراتيجية، تتعلق بموقعها ومصالحها كدولة عظمى ... والمؤكد أنها تتوقع من حلفائها وأصدقائها، تكييف سياساتهم مع هذه الحقيقة، لأنها ببساطة ليست في موقع يملي عليها، “تصغير” حساباتها وفقاً لـ “مقاسات” أي منهم.
تعيدنا تصريحات تشوركين غير المسبوقة في سياق العلاقة بين “الحليفتين الاستراتيجيتين”، إلى فائض الثرثرة الدعائية وسيل الديماغوجيا الذي انهمر بقوة منذ الثلاثين من أيلول/ سبتمبر الفائت، عندما “اختزل” كثيرون من خصوم الأسد وبوتين، وظائف التدخل الروسي في سوريا بإنقاذ الرئيس بشار الأسد، أو عندما تحدث آخرون على الضفة الأخرى، “حلف استراتيجي” يضع موسكو ودمشق وطهران و “حارة حريك” في خانة واحدة ... يثبت اليوم، كما سبق وأن قلنا من قبل، أن لروسيا حساباتها وأجنداتها، التي لا تجعل منها “حليفاً استراتيجيا” لأي من هذه الأطراف، وهي من قبل ومن بعد، لم تتحدث يوماً، بهذه اللغة أو تضع نفسها في خانة “المقاومة والممانعة”.
وتعيدنا تصريحات تشوركين، إلى “نبوءة” اختلف معنا كثيرون في تقويم مدى جديتها ووجاهتها، ألا وهي أن روسيا تستطيع أن تحمل الأسد على أكتافها لمرحلة انتقالية، تطول أو تقصر، هنا المسألة منوطة بتطورات الميدان، بيد أنه سيكون من الصعب على موسكو أن تحمل الأسد لما بعد المرحلة الانتقالية، هذا بفرض أنها راغبة في فعل ذلك.
ويذكرنا تشوركين بتهديده ووعيده المبطنين، بما سبق وأن ذهبنا إليه أيضاً، من أن روسيا بعد الثلاثين من أيلول / سبتمبر، باتت الضامنة والحامية للنظام ورئيسه والمتكفلة بالملف السوري بوصفها “اللاعب المحوري” فيه على وحد وصف الملك عبد الثاني، بعد أن كان الأسد قبل هذا التاريخ، هو الضامن لمصالح روسيا ودورها على الضفاف الشرقية للبحر المتوسط... اختلاف المواقع هنا، سيؤسس لاختلاف المواقف كذلك.
تصريحات تشوركين جاءت بمثابة “Wake - up call”، لكل من ظن أن الميدان وحده، يمكن أن يحسم الصراع في سوريا وعليها، وتذكرةً لهم بوجوب الإبقاء على الحلول السياسية التوافقية، في صدارة أجندتهم وأولوياتهم ... وعلى الذين “جاءوا بالدب الروسي إلى كرم العنب الشامي” أن يدركوا قبل فوات الأوان، بأنهم مشمولين أيضاَ بـ “قواعد اللعبة” الجديدة التي فرضها التدخل الروسي في سوريا... تلكم هي “ضريبة” استدعاء الخارج في الصراع الداخلي، أياً كان هذا الخارج، وأيا تكن هوية المُستدعي أو المُستَدعى.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشوركين إذ يُنذر الأسد تشوركين إذ يُنذر الأسد



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab