درس من ويستمنستر

درس من "ويستمنستر"

درس من "ويستمنستر"

 عمان اليوم -

درس من ويستمنستر

عريب الرنتاوي

يستحق مجلس العموم البريطاني التقدير والاحترام، لا لأنه حال دون انخراط حكومة ديفيد كاميرون في جريمة حرب على سوريا فحسب، بل لأنه أظهر رفضاً لعدم الوقوع في "الخديعة" ثانية، بعد أن أوقعه فيها طوني بلير أول مرة زمن العراق والعدوان "الثلاثيني" عليه، ولأنه أظهر التزاماً بالحرص على احترام نتائج التحقيق الدولي في جريمة الغوطة الكيماوية ونتائج مداولات مجلس الأمن الدولي في إثرها. قد لا يمنع قرار "أبو البرلمانات في العالم"، الضربة الأمريكية لسوريا، والأرجح أنه لن يمنعها، بيد أن البرلمان البريطاني، قدم درساً لكل برلمانات العالم، عن الكيفية التي يتعين أن يكون عليها، دور نواب الأمة وممثليها، فهؤلاء ليسوا جوقة أو "كومبارس" لا وظيفة لهم سوق التصفيق للحكومة ودعم قراراتها، بما فيها أكثرها حمقاً وتهوراً، هؤلاء هم نبض الشعب ومصدر السلطات والصلاحيات وأصحاب القرار الأول والأخير وأحسب أن انصياع كاميرون ووزير دفاعه وحكومته، لنتائج التصويت في الجلسة الماراثونية لمجلس العموم، تستحق الاحترام مرتين، أو لسببين: الأول، لأنه قرر ربط الانخراط بالحرب التي كان متحمساً لها بقرار مجلس العموم، والثاني، لأنه أعرب "آسفاً" عن الالتزام بنتائج التصويت والانسحاب من العملية الحربية المقبلة ضد سوريا. أين نحن مما حدث في "ويستمنستر"، سواء على مستوى كل دولة عربية أم على مستوى النظام الإقليمي العربي؟ ... ثمة دول عربية، لم تصل بعد إلى مستوى "إنجاب برلمانات"، لا شكلية ولا ممثلة تمثيلاً حقيقياً لشعوبها ... وثمة كثرة من الدول العربية، لديها برلمانات، لا يتخطى دورها حدود المراسم والبروتوكول و"التبخير" للحكومة والقادة الأفذاذ والحكماء ... وقلة هي البرلمانات العربية التي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه وتقرير السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية. وبالنظر إلى ذلك، وجدنا في عديد من البرلمانات العربية، غياب لجان الأمن والدفاع، ورأينا غياب دور للبرلمان في توجيه وإقرار ومراقبة السياسات الأمنية والدفاعية، فتحولت ممارسات هذه الدول في حقل السياسة الخارجية، إلى ما يشبه "عمل العصابات المافوية"، ترسل السلاح والمسلحين سراً لسوريا وليبيا واليمن ومصر أو لغيرها، تبذّر الملايين من الدولارات من دون رقيب أو حسيب، تأخذ قرارات المشاركة في الحروب والعمليات القذرة منها وغير القذرة، من دون اضطرار حتى لإعلام شعوبها، تنشئ غرف العمليات السوداء، وتضخ فيها كل الموارد المطلوبة، من دون أن تعرف شعوبها ما تفعل. كم من برلمان عربي ناقش الأزمة السورية بعمق، أو غيرها من الأزمات، دع عنك أن يكون له إسهام في "صوغ المواقف واتخاذ القرارات"؟ ... كم حكومة عربية "أحاطت" برلماناتها" بحقيقة ما يجري وطلبت رأيها في كيفية التصرف حيال حدث جلل من هذا النوع؟ ... كم دولة عربية، فكرت جدياً في استقصاء المواقف وجمع البيانات حول حقيقة ما جرى في الغوطة، قبل أن تتهم أو تبرئ النظام السوري من وزر ما حصل ويحصل؟ ... مواقفنا جاهزة ومسبقة الصنع، ولا تحتاج لكل هذه "التعقيدات"، وهي للأسف، رجع صدى لمواقف غيرنا من قوى وعواصم القرار الدولي والإقليمي. أما عن "النظام العربي" الرسمي فحدّث ولا حرّج ... فهو إلى جانب انعدام فاعليته وعجزه عن معالجة أي من الأزمات والمشكلات العربية البينية أو القضية الفلسطينية التي هي سبب وجوده ومبرر نشأته قبل عشريات سبع من السنين، لم تعد له من وظيفة اليوم، سوى أن يضع "خاتمه" الرسمي على كل ما يطلب منه وإليه من شهادات "براءة الذمة" من دماء العرب ... فالجامعة العربية، وحتى قبل أن تطأ أقدام فريق التفتيش الدولي للمناطق المنكوبة بالكيماوي في "الغوطتين"، بادر إلى إطلاق الاتهام وصدار الأحكام والتوقيع على "صك البراءة" للأمريكيين من دماء السوريين التي ستراق بصواريخ الكروز والتوماهوك ... لم تكن هناك حاجة لمشاورات وتحقيقات، ولم يجد وزراء الخارجية العرب مبرراً كافياً لتجشم عناء السفر إلى القاهرة ... القرارات جاهزة، وقد تم ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية على عجل ... و"الختم" موجود في جيب نبيل العربي، يطبعه على أية كتاب حين يطلب إليه أولياء الأمر في عواصم النفط والغاز، الذين جعلوا منه "موظفاً" لديهم، لا أمينا على المصلحة والإجماع العربيين ... على هؤلاء جميعاً، أن يشعروا بالخزي وهم يراقبون "عملية اتخاذ القرار" و"وصوغ الموقف" في دول تحترم شعوبها، وتنحي لإراداتها وقرارات تيارات الأغلبية فيها ... أما شعوبنا، خصوصاً تلك التي انتزعت فيها حريتها وقرارها، فقد آن أوان ترجمة ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، إلى آليات في الحكم وصنع القرار والمشاركة، تضع حداً نهائيا لحقب طويلة من التهميش والإقصاء والتفرد بصناعة القرار، ومن دون ذلك، فلا معنى لربيع لا عروبة فيه. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية 

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس من ويستمنستر درس من ويستمنستر



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab