سوريا ليست اليمن  واليمن ليس سوريا كذلك

سوريا ليست اليمن ... واليمن ليس سوريا كذلك!

سوريا ليست اليمن ... واليمن ليس سوريا كذلك!

 عمان اليوم -

سوريا ليست اليمن  واليمن ليس سوريا كذلك

عريب الرنتاوي

يتداول مراقبون ومحللون سياسيون سيناريو انتقال “عاصفة الحزم” من اليمن إلى سوريا، قلة ترجح أمراً هكذا، وكثرة تجادل في أن “سوريا ليست اليمن”، واستتباعاً، تعذر إن لم نقل استحالة إعادة انتاج التجربة اليمنية سورياً.

لكن المراقب عن كثب لتطورات المشهد اليمني خلال الأيام العشر الأولى لـ “عاصفة الحزم”، بات يخشى من سيناريو معاكس تماماً: “سورنة” المشهد اليمني، أو إعادة انتاج السيناريو السوري في اليمن ... وهي خشية مشروعة، مع أنها لا تراعي تماماً حقيقة أن “اليمن ليس سوريا” كذلك، على الرغم من وجود مشتركات ومتشابهات في كلتا التجربتين.

السيناريو السوري، بدأ بالرهان على تدمير الجيش السوري، فإن تعذر ذلك، فلا أقل من تقسيمه وتقتيل قيادته فرادى وجماعات، وتوسيع نطاق الانشقاقات الفردية والجماعية عنه ... السيناريو اليمني بدأ بالفرضية ذاتها ... ضربات “عاصفة الحزم” انصبت بالأساس على الجيش اليمني، قوات النخبة القواعد العسكرية، منظومة الدفاع الجوي، القدرات الصاروخية الاستراتيجية، المطارات والموانئ، في ظل رهان كبير على تشقيقه وتفكيكه ... في سوريا أسمي الجيش السوري بقوات الأسد، وفي اليمن، يطلق على الجيش اسم قوات صالح ... الخلاصة، وبصرف النظر على طبيعة تشكل هذه الجيوش أو إعادة تشكيلها، ومستوى النفوذ الذي يحظى به رأس النظام فيها، فهي القوات النظامية الوحيدة الموجودة على الأرض، وبها وحدها، تناط مهمة حفظ الامن وبقاء الدولة ... تحطيمها أو تمزيقها، لا يترتب عليه سوى إفساح المجال للمنظمات والمليشيات والمجاميع العسكرية وشبه العسكرية، جيوش الطوائف والمذاهب والحارات، لتسيّد المشهد وتقرير وجهة الصراع ومالاته.

في سوريا حديث عن نظام فاقد للشرعية، وفي اليمن يتواصل “البكاء على صدر الشرعية”، مع الاعتذار من الصديق رشاد أبو شاور، في اليمن يُراد إعادة “الشرعية” إلى حضن الوطن وترابه، على أجنحة الإف 16 وفي سوريا يراد دفنها تحت تراب الوطن بعد أن تعذر اقتلاعها منه، بقوة الناتو وعلى أجنحة “المعارضة الشرعية والمشروعة”، المدعومة من عواصم إقليمية ودولية ... في الحالتين تسوق الحرب بوصفها حرباً على “جهة أقلوية مذهبية مستبدة”، ضد أغلبية سنيّة مظلومة ومهمّشة

في سوريا، لم يجد القوم من ضرر أو ضرار بتسهيل تدفق أكثر من 25 ألف “مجاهد” من مائة دولة، عبر حدود “أصدقاء سوريا” وبدعم وتمويل ممن تربطهم “صلات قرابة مذهبية وعقائدية” مع هؤلاء “المجاهدين”، حتى تحول شمال شرق سوريا إلى ملاذ لداعش، وشمال غربها وجنوبها إلى ملاذ للنصرة، دع عنك الجيوب المنتشرة هنا وهناك، تتقاسم السيطرة عليها تنظيمات “شقيقة” ترفع ألوية الإسلام الجهادي السوداء
في اليمن، استثمر القوم كثيراً في “قاعدة مأرب” على مقربة من خزانات النفط اليمنية، وتحولت حضرموت وعاصمتها المكلا، إلى مقر مركزي لتنظيم “القاعدة في جزيرة العرب”، والأنباء تتحدث عن حضور داعشي متميز، سيأخذ الجميع على حين غرة ذات يوم ليس بالبعيد، خصوصاً بعد عمليات الاقتحام المنظمة للسجون وتحرير سجناء القاعدة الكبار ... نفس اللعبة، جرى تجريبها في العراق زمن حكومة المالكي وقبل أن يتدخل المجتمع الدولي بقوة في الحرب على الإرهاب، ودائماً بهدف حشد كل الطاقات لمواجهة التهديد الإيراني الأشد خطورة.

الفارق بين سوريا واليمن: في الأولى، يجري العمل لحسم المعركة مع النظام على الأرض، بعد أن تعذر تحقيق الضربة الجوية القاصمة بطائرات الناتو ... في الثانية، تجري أوسع عمليات جوية يشهدها اليمن في تاريخه، بعد أن تعذر على خصومه، امتلاك قاعدة قوية على الأرضفي الداخل، وعلى أمل أن تفضي الضربات الجوية، إلى انشقاقات في الجيش اليمني، وتأليب بعض الأطراف المحلية على الجيش والحوثيين، بدءاً بإخوان اليمن المسلمين (التجمع اليمني للإصلاح)، ثالث فرس للرهان في اليمن، بعد انشقاق الجيش وصعود القاعدة.

في سوريا نجح “التحالف” في ضم أكثر من ستين دولة ضمن نادي “أصدقاء سوريا” ... في اليمن، تبدو الحرب كما لو كانت حكراً على دولة واحدة فقط، وفي الحد الأعلى دولتين اثنتين، بقية الدول، تميزت مشاركتها بطابع رمزي – سياسي، أملتها قوة المال وسطوة الطاقة ... في سوريا استغرق الأمر أربع سنوات، قبل أن تبدأ أطراف عديدة بالتعبير عن ضجرها وضيقها من استمرار الأزمة... وفي اليمن، لم يمض اسبوعان، حتى بدأ الضجر والقلق يتسربان إلى أروقة الأمم المتحدة ومشاريع قرارات وقف إطلاق النار والهدنات الإنسانية

في سوريا يقال إن الحسم العسكري ضربُ من الخيال ... وفي اليمن هناك من يتحدث عن “الحرب البرية” المستحيلة، قبل أن يُتم حديثه عن استحالة حسم الحرب من الجو والسماء ... في سوريا استغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تعم القناعة بوجوب الحل السياسي وحصريته... في اليمن، بدأ الحديث عن الحل السياسي حتى منذ لحظة إعلان البيان رقم واحد للعمليات .... في سوريا يقال إنها “حرب عبثية”، وفي اليمن يقال إنه العبث في هيئة الحرب وشكلها ... في سوريا، بلغت فاتورة الدم ذروتها، وفي اليمن، بدأت الشاشات تعرض أشلاء الأطفال والنساء المنتشلين من تحت أنقاض بيوتهم وأسرهم المنكوبة.

في سوريا، قيل عن حرب بالوكالة ... في اليمن، عزّ الوكلاء، فانطلقت الحرب بين “الأصلاء” من دون قفازات أو ستائر تخفي وجوه اللاعبين الرئيسين أو تحجب هوياتها ... سوريا واليمن، حرب واحدة، في ساحتين، تماماً مثلما هي الحروب المندلعة في العراق وليبيا ولبنان الذي يقف على شفير هاوية من الحرب.

سوريا ليست اليمن، صحيح ... لكن اليمن ليس سوريا بدوره .... وما لم ينجح في بلاد الشام، لا أظنه سينجح في وطن العرب الأول ... الحكمة يمانية كما يقال، وفي ظني أن الجميع سيدرك، وبأسرع مما يُظَن، بأن خيار الحرب لن ينجح في اليمن، وأن حلاً سياسياً متوازناً، بوسيط نزيه، وعلى أرض محايدة، هو المخرج من هذا الاستعصاء ...

والاستعصاء هنا لا يعتصر اليمنيين وحدهم، بل يضرب طوقاً حول خصومهم كذلك، وربما بصورة أشد وطأة ... ومرور الزمن ليس بالضرورة في غير صالح اليمن واليمنيين إن كان هناك من يقرأ ويدقق ويبني السياسات على المصالح والمنافع، لا على العصبيات والثارات القبلية.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا ليست اليمن  واليمن ليس سوريا كذلك سوريا ليست اليمن  واليمن ليس سوريا كذلك



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab