عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء

عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء

عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء

 عمان اليوم -

عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء

عريب الرنتاوي

خلال السنوات الأربعين الفائتة، سيطر النفط على صناعة الإعلام (والثقافة والدراما والسينما والكتاب) في العالم العربي، ونجح في ترك بصمات ثقيلة عليها، بل وأمكن لأصحابه بما توافر من “تراكم هائل لرأس المال”، أن يسيطروا إلى حد كبير، على العقل العربي، تراجعت حواضر وانبثقت أخرى، وتبدلت موازين القوى بين الدول انسجاماً مع تباين المساحات التي تشغلها في الفضاء والأثير والكميات التي تريقها المطابع التابعة لها من دماء وأحبار.

لكن النفط كان موزعاً على “المحاور العربية”، للعراق حصته ولليبيا حصتها وللخليج من قبل ومن بعد، نصيب الأسد من “أسهم” الصناعة والقائمين عليها ... تبدلت الظروف وتغير الأوقات في العشرية الأخيرة ... خرج عراق صدام حسين من سوق المنافسة الإقليمية ... ومن بعده بسنوات قلائل، خرج العقيد معمر القذافي من السوق بدوره ... لتنحصر المنافسة بعد ذلك بين ثلاث دول عربية خليجية، تمكنت من الاستحواذ على “حصة الأسد واللبوة والأشبال” من هذا السوق.

من خارج حلبة المنافسة العربية على سوق الإعلام، جاءت إيران بأدواتها ووسائلها المباشرة وغير المباشرة ... سعت في أن يكون لها “مطرح تحت الشمس” في فضاء الإعلام العربي ... لكنها أحرزت القليل من التقدم على هذا الصعيد ... وظل الاحتكار الخليجي (ثلاثي الأبعاد: السعودية، قطر والإمارات)، هو الممسك بزمام اللعبة والصناعة.

في سنوات الربيع العربي الخمس الفائتة، نشأت ظاهرتان مهمتان فيما خص سوق الإعلام ولعبة المنافسة الإحلالية التي مارستها الأطراف المقررة أو الاحتكارية في  هذا السوق ... الظاهرة الأولى، إيجابية للغاية، وتتعلق بنجاح دول الربيع العربي في تطوير إعلام “وطني” قادر على المنافسة، على السوق المحلية على أقل تقدير ... تراجعت مكانة القنوات العابرة للحدود في كل من تونس ومصر والمغرب والعراق ... بعد أن تكاثرت القنوات الخاصة والحزبية، وبات لكل قطاع من الجمهور وسائله الإعلامية التي يستقصي منها أخباره ومعلوماته.

أما الظاهرة الثانية، فسلبية للغاية، وتندرج في سياق سياسات “الهيمنة والإقصاء” التي اتبعتها الدول في حروب المحاور والطوائف والمعسكرات المتناحرة ... رأينا عمليات إسقاط منهجية منظمة، للقنوات الليبية التي كانت محسوبة على القذافي قبل سقوط الأخير، ثم القنوات المحسوبة على النظام السوري، وبعد ذلك القنوات اليمنية المحسوبة على الحوثيين وعلي عبد الله صالح ... وآخر الانتهاكات الفظّة لحرية الرأي والتعبير والإعلام، تمثلت في قرار “عرب سات” إسقاط الميادين من على راداراته ومدارته.

ان أكثر من 90 بالمائة مما نقرأ ونشاهد ونسمع، يصدر عن “الجهات ذاتها”.

لا أحد يتفقد إعلام العقيد ولا القنوات التلفزيونية المحنطة التي بتث باسم الحكومات العربية، لكن حظر هذه القنوات لأسباب سياسية، أمر في منتهى الاستفزاز والتعدي على الحقوق والحريات الإعلامية، سيما وأن قرارات الحجب لم تمس محطات أكثر غلظة وثقلاً على القلب والعقل والضمير، بل ولم تمس محطات الكراهية والتحريض المذهبي والديني ... المحطات المستهدفة، أسقطت عن القمر، لأسباب سياسية محضة، وهذا انتهاك بالغ لحق المواطن العربي في التعرف على الأخبار والمعلومات من مختلف مصادرها.

العدوان الأخير على حرية الإعلام والرأي والتعبير، تمثل في قرار “عرب سات” إسقاط الميادين من على مداراته ... المحطة عرفت بمواقفها السياسية وانحيازاتها التي لم تتردد في البوح عنها ... لكنها كانت مصدراً للرأي الآخر والخبر والمعلومة، مما لا يمكن مشاهدته أو الاستماع إليه، على “محطات المحور الآخر” التي بلغ بها الانحياز و”اللا مهنية”، حداً يصعب معه تحملها لأكثر من خمسة دقائق، خصوصاً في برامج الردح والردح المضاد، وبعد أن ضاقت المسافة بين الخبر والرأي، وتحوّل مقدمو ومقدمات نشرات الأخبار فيها، إلى ما يشبه “المليشيات الإعلامية” التي تنقض من دون هوادة، على أي رأي آخر مخالف.

يبدو أن الذين تلمسوا لمس اليد، كيف أسهم إعلامهم في إسقاط دول ومجتمعات، وفي نشر الفوضى والأكاذيب والروايات المفبركة، وفي لي أعناق الحقائق، ونشر ثقافة الكراهية والتحريض، يبدو أن هؤلاء ما عادوا يقبلون بحصة تقل عن 80 أو 90 بالمائة من “أسهم سوق الإعلام”، يبدو أنهم يبحثون عن “وكالة حصرية” لأنفسهم على الأثير والشاشات وصفحات الصحف والمواقع الإخبارية ... يبدو أن وسيلتهم الوحيدة لتحقيق هذا الغرض، هي تكميم الأفواه وتقطيع الحبال الصوتية لكل رأي مخالف ... الميادين، مطروحة على رأس قائمة استهدافتهم التالية، والمعركة ما زالت مفتوحة، مع الجيوب المتبقية لإعلام المحور الآخر. -

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء عن «الميادين» وحروب المحاور للسيطرة على الفضاء



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab