عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة

عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة

عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة

 عمان اليوم -

عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة

عريب الرنتاوي

النسبة لإسرائيل، فإن من الطبيعي أن تكون أخبار المصالحة الوطنية الفلسطينية، ذات طبيعة مزعجة، وباعثة على القلق ... فالانقسام الأعمق والأطول والأخطر، الذي عاناه الفلسطينيون طوال سنوات سبع عجاف، تنزّل على صناع القرار في الدولة العبرية، برداً وسلاماً ... فقد استنفذ الانقسام طاقات الشعب وروحه المعنوية واستهلك الكثير من موارده، وهو فوق هذا وذاك، لطالما استخدم كذريعة لتعطيل كافة المساعي الرامية لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لكن بالنسبة للولايات المتحدة، فإن موقفها غير مفهوم تماماً، ومرفوض في كل الأحوال ... إذ كيف تدعم دولة عظمى، الراعي والوسيط في عملية السلام، استمرار حالة الانشقاق والانقسام في المجتمع الفلسطيني ... ما المسوّغ الذي يمكن أن تسوقه واشنطن للدفاع عن فكرة "تأبيد" الانقسام ... تتباكى على وحدة أوكرانيا، وتؤيد انقسام فلسطين ... تدعم "الجبهة الإسلامية" السلفية المتشددة في سوريا، وتخشى على عملية السلام من حماس ... تتصالح مع الإخوان المسلمين في مصر وتونس وتركيا وغيرها، وتحاربهم في فلسطين، ودائما "كرمى لعيون إسرائيل"، بل وليمينها المتطرف.
أن تقول إسرائيل بأن على الرئيس عباس أن يختار بين السلام مع إسرائيل أو المصالحة مع حماس، فتلكم ذروة جديدة في الكذب والافتراء ... فالفلسطينيون قبل المصالحة، كانوا الأبعد عن السلام مع إسرائيل، التي تريد أن تحصل على السلام والاستيطان معاً، تريد السلام الذي يصادر الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، تريد استسلام هذا الشعب، وخضوعه الذليل لإملاءاتها ... أو لكأن السلام الفلسطيني – الإسرائيلي قبل إتمام اتفاق المصالحة في غزة، كان يسير بوتائر متسارعة، إلى أن جاءت زيارة وفد المنظمة إلى غزة، وأطاحت بكل فرص السلام واحتمالاته ... أي كذبٍ هذا!
وإسرائيل، لطالما ردّت رفضها تمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته المستقلة، بالقول إن الفلسطينيين منقسمين على أنفسهم، وأن الرئيس عباس لا يمثل أكثر من نصف الشعب الفلسطيني ... أما وقد تحققت المصالحة، أو هي في طريقها للتحقق ... أما وقد تقرر تشكيل حكومة لعموم فلسطين والشعب الفلسطيني برئاسة محمود عباس، فقد عادت إسرائيل عن "ذرائعها" القديمة، وأخذت تشيع بأن عباس اختار إرهاب حماس، وقدمه على السلام مع إسرائيل ... أي دجل هذا!
ليس عباس وحده من فاوض حماس واتفق معها ... إسرائيل في عهد حكومة نتنياهو، فاوضت حماس واتفقت معها، ووقعت وإياها اتفاقات الهدنة، وآخر "طبعة" منها صدرت قبل بضعة أسابيع ... لماذا يحق لحكومة إسرائيل أن تفاوض "إرهاب حماس"، ويحظر على عباس والمنظمة، السعي لاسترداد الوحدة واستعادة المصالحة؟
نتنياهو يرد على المصالحة بغارة على غزة وإلغاء جولة مفاوضات مع الجانب الفلسطيني من أجل إنقاذ المفاوضات ... لا جديد في الأمر، الغارات على غزة، مسلسل يومي لا ينقطع، بالمصالحة ومن دونها ... أما جولة المفاوضات الملغاة، فمن قال إنها محملة بالوعود أكثر من سابقاتها ... من قال إن نتائجها ستكون مغايرة، في ظل إصرار إسرائيل على التوسع الاستيطاني، ورفضها إطلاق سراح السجناء والأسرى، واستنكافها عن الخوض في مسألة ترسيم الحدود ... نتنياهو يعاقب الفلسطينيين، بما يفعله فيهم يومياً، ومنذ سنوات طوال ... أي تهافت هذا.
إن أكثر ما يثير حفيظة المراقبين، هو أن تصدر عن واشنطن تقوّلات مفادها أن المصالحة ستعيق مسار التفاوض والسلام ... ليدُلنا السيد كيري ومساعده انديك، على الإنجازات التي تم تحقيقها على هذا الطريق ... ليخبرانا بما حصل في خلال الأشهر التسعة الفائتة، ومن الذي يتحمل المسؤولية عن انهيار المفاوضات وعملية السلام ... ولماذا تتطوع واشنطن، مجاناً، لتبرئة ساحة إسرائيل، وهي التي حمّلتها قبل أيام، وزر الفشل والإحباط اللذين أصابا كيري ومهمته.
على أية حال، وأياً يكن من أمر، فإن المصالحة هي قرار الفلسطينيين وحدهم، ولا يحق لإسرائيل ولا للولايات المتحدة أن تتدخل فيه، وعلى فريقي الانقسام الفلسطيني أن يعملا معاً، وبكل اقتدار، لكي يستحقا اسماً جديداً ولقباً جديداً: فريقي المصالحة الفلسطينية ... وليس مطلوباً من حماس ولا من غيرها، أن تغير جلدها لكي تقبل بها حكومة المستوطنين في تل أبيب، والتي تضم في صفوفها متطرفين لا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني، والفلسطيني الجيدّ من وجهة نظرهم هو الفلسطيني الميّت ... لقد قالوا أن ياسر عرفات رجلاً ليس ذي صلة، لأنه يدعم الإرهاب، وقالوا في حماس أنها ليست ذات صلة، لأنها الإرهاب بعينه، ويقولون اليوم في الرئيس عباس أنه ليس ذي صلة، لأنه ضعيف في مواجهة الإرهاب، فمن هو الفلسطيني المقبول من وجهة النظر الفلسطينية، أليس هو الفلسطيني الميّت؟!

 

omantoday

GMT 06:54 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 06:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 06:52 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 06:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 06:50 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف العالمي لحل الدولتين لإقامة «الفلسطينية»

GMT 06:49 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 06:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

GMT 06:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد في علاج أمراض القلب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة عن الغضب الأميركي – الإسرائيلي المزدوج من المصالحة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 07:43 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 عمان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab