في الطريق إلى الحكومة البرلمانية

في الطريق إلى الحكومة البرلمانية

في الطريق إلى الحكومة البرلمانية

 عمان اليوم -

في الطريق إلى الحكومة البرلمانية

عريب الرنتاوي

تعديلان دستوريان من المقرر أن تقرَّهما الدورة الاستثنائية لمجلس الأمَّة التي ستبدأ أشغالها غداً الأحد ... الأول، يحيل إلى الملك، سلطة تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات العامة... والثاني، ويتصل بتوسيع صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب، لتشمل جميع الانتخابات، لا النيابية منها على وجه التحديد.
نحن إذاً أمام خطوة تمهيديه لولوج مرحلة الحكومات البرلمانية، وهذه بدورها خطوة إضافية نحو شكل من أشكال الملكية الدستورية التي نتحدث عنها... لم نقرأ في التعديل الأول، سوى هذا المقصد، الذي نعتقد أنه سيفتح الباب لجدل داخلي، مع أنه لا يؤسس لآلية جديدة في اختيار قادة الجيش والأجهزة الأمنية، بقدر ما “يدستر” الآلية القائمة منذ سنوات وعقود، تعود إلى عصر تعريب الجيش.
من منظور أفضل الخبرات والتجارب الديمقراطية، يبدو التعديل الدستوري “منتقصاً” لمفهوم الولاية العامة للحكومات المنتخبة ... في تلك التجارب المتقدمة، لا دور سياسياً للجيش، والأجهزة الأمنية تقف على مسافة واحدة من الأحزاب المتنافسة على البرلمان والحكومة ، وثمة قواعد دستورية وأعراف أقوى الدساتير، توفر شبكة أمان للدولة والمجتمع، ثمة توزيع للسلطات ونظام “checks and balances”، يسمح بتفادي أسوأ السيناريوهات ... لكننا جزءٌ من منطقة لها سياق مختلف، كشفت سنوات “الربيع العربي” عن بعض معالمه وملامحه، منها أن ما يمكن أن يتهدد البلاد والعباد، والأوطان والمواطنين، هو انجراف الجيش والأمن في لُجّة السياسة وتجاذبات السياسيين ... منها أن الجيش أساساً، هو “حجر سنمّار” وحدة البلاد والعباد، بل وشرط وجودها في بعض التجارب.
لا بأس من ولوج تجربة الحكومات البرلمانية، شريطة إخراج الجيش والمخابرات من حلبة التنافس السياسي ... فنحن أبناء تجربة لم تكتمل، وما زالت في بدايات مشوارها ... ليست لدينا منظومة دستورية وتشريعية و”قواعد لعبة” وتقاليد ديمقراطية، تبعث على الاطمئنان، بأن من يحصل على “النصف زائد واحد” لن يقود انقلاباً على الدولة والمجتمع بحجة الأكثرية وغلبة صناديق الاقتراع ... نحن أمام مفهوم للديمقراطية لم يتخط في أحسن حالاته “رياضيات” الأرقام والنسب المئوية، من دون إيمان عميق وراسخ، بحقوق الأفراد والأقليات وبقية المواطنين المندرجين في خانة الـ “49 بالمائة”.
ولا بأس من إحياء وزارة الدفاع وتفعيلها، وإسناد مهمة رسم السياسات الدفاعية والأمنية العامة بالحكومة، تحت رقابة مجلس الأمة، وهو أمرٌ حدانا قبل عامين لاقتراح إنشاء “لجنة الأمن والدفاع” في مجلس النواب، عندما تقدمنا للمجلس بمقترح لتعديلات شاملة للنظام الداخلي للمجلس، وإعادة هيكلة لجانه الدائمة ... وأحسب أن الأمرين (تفعيل الوزارة وسحب صلاحيات تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات من الحكومة) لا يتعارضان، والأفضل في هذه المرحلة “الانتقالية”، التعايش مع صيغة انتقالية من هذا النوع، إلى أن تستقر قواعد اللعبة الديمقراطية في بلادنا، وتتضح ملامح الملكية الدستورية التي نتحدث عنها.
أما التعديل الثاني، فيذهب باتجاه تعزيز وتوسيع دور الهيئة المستقلة للانتخاب، وكل خطوة على هذا الطريق، هي خطوة في الاتجاه الصحيح ... لكننا ونحن نتحدث عن الهيئة، ندعو للتوسع في التعديل المقترح، ونطالب بجعلها هيئة مستقلة للانتخاب والأحزاب، على أن تصبح هي، وليس أية وزارة حكومية، الجهة المرجعية لتسجيل الأحزاب ومتابعة شؤونها.
ولقد طالب ما يقرب من ثلاثين حزباً في إعلان مبادئ مشترك بأن تكون الهيئة مرجعية أحزابهم، وثمة عشرات النواب، في المبادرة النيابية وغيرها، يؤيدون مطلباً كهذا ... ولقد كان يُظن أن ثمة عائق دستوري أمام اقتراح كهذا، لكن أما وقد فتحت هذه المادة من الدستور للتعديل، فلا بأس من إجراء كل ما يلزم من تعديلات، دفعة واحدة، وبهذه المناسبة، أدعو أحزابنا السياسية ونوابنا وحكومتنا إلى أخذ هذا الاقتراح بعين الاعتبار.
أما من حيث “الأسباب الموجبة” لهذا المقترح، فتتجلى أولاً بالحاجة لجهة مستقلة لتكون مرجعية الأحزاب، بدل الحكومة، وهذه رسالة إيجابية تشجع الأحزاب والعمل الحزبي ... ثانياً: أننا جميعاً نتحدث عن ديمقراطية حزبية، وعن انتخابات تكون الأحزاب عمادها وعامودها الفقري، وبرلمانات من كتل حزبية – برامجية .... وثالثاً: لأن عدد المقاعد والأصوات التي يتحصل عليها الحزب السياسي، سيكون أحد المعايير الأساسية المعتمدة لتمويله من خزينة الدولة، وهذه الأسباب جميعها، تجعل الهيئة هي الجهة الأنسب للقيام بدور المرجعية، من أي وزارة حكومية على الإطلاق.
لقد طالب بعض الأحزاب، بتشكيل هيئة مستقلة للأحزاب، ولكن بوجود هيئة مستقلة للانتخاب، وهذه الكثرة الكاثرة من الهيئات والمؤسسات المستقلة التي ترهق كاهل الموازنة والجهاز البيروقراطي، وبالنظر لتداخل مهام وصلاحيات هيئة الانتخاب القائمة وهيئة الأحزاب المقترحة، نرى توسيع “ولاية” هيئة الانتخاب لتشمل الأحزاب، وها هي الفرصة تتوافر من أجل إجراء التعديل اللازم والمحصن لصلاحيات الهيئة واستقلاليتها ومكانتها.

 

omantoday

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 14:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

توفيق الحكيم!

GMT 14:18 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أخطار جديدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الطريق إلى الحكومة البرلمانية في الطريق إلى الحكومة البرلمانية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab