مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»؟!

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»؟!

 عمان اليوم -

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»

عريب الرنتاوي

لولا «الجلبة» التي أثارها نتنياهو في وجه الوزير الفرنسي لوران فابيوس، لمرت رحلته في المنطقة، بل ومبادرته لإنقاذ عملية السلام وحل الدولتين، مرور الكرام ... إسرائيل على عادتها شنت أعنف الحملات على من يخالفها الرأي والمصلحة حتى وإن بالحدود التكتيكية الضيقة ... والعرب كدأبهم، رحبوا وثمّنوا، حتى أن الوزراء تقاطروا للقاهرة لاستضافة نظيرهم الفرنسي، لكأن «الترياق» سيأتي من باريس هذه المرة، وليس من العراق على حد تعبير المثل الشعبي الدارج.
جولة فابيوس في المنطقة، تندرج في سياق مسعى فرنسي للتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الامن، يدعو لاستئناف المفاوضات بجدل زمني محدد، ومرجعيات محددة، وصولاً إلى حل الدولتين، أو بالأحرى تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم، فدولة «جميع أبنائها اليهود» قائمة منذ عام النكبة في 1948، توسعت في عام النكسة 1967، وهي تتمدد بالاستيطان من جهة وبتطبيع علاقاتها مع محيطها العربي من جهة ثانية حتى يومنا هذا.
المسعى الفرنسي جوبه بتحفظ أمريكي، واشنطن طالبت بتأجيل طرح المشروع إلى حين الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة ... انتهت الانتخابات وتشكلت الحكومة الرابعة برئاسة بينيامين نتنياهو ... لا شيء في إسرائيل يوحي بأن الحكومة الجديدة ستقبل بما رفضته الحكومات التي سبقتها ... بل على العكس من ذلك، فقد انتهت الانتخابات إلى حكومة أكثر تطرفاً وعنصرية وميلاً للاستيطان والاستئصال والتوسع.
واشنطن ليست بعيدة عن التحرك الفرنسي، باريس عادة لا تقامر بالتحليق خارج السرب الأمريكي، وأن كانت تبحث لنفسها دائماً عن مسار موازٍ، يوصلها إلى ذات الهدف، ولكن يحفظ لها «هامشاً» للمناورة والسعي المستقل بحثاً عن المصالح و»عقود النفط والسلاح والمفاعلات النووية»، أليست هذه سيرتها في مفاوضات إيران ومجموعة «5 + 1»؟ ... أليست هذه خلاصة تجربة السياسة الفرنسية في سوريا، والمصممة في الغالب لاسترضاء الحلفاء العرب الأثرياء، حتى وإن ظهرت بمظهر «الشريك المخالف أو المشاكس»؟
على أية حال، واشنطن ليست لديها نوايا جدية لتجريب المجرب في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... لا كيمياء بين أوباما ونتنياهو، والإدارة غارقة في بحر من الأولويات الأكثر إلحاحاً، ليست فلسطين واحدة منها، والأهم، أن شبح الانتخابات الرئاسية بدأ يطل برأسه، وأخذ يتحكم بحركة الإدارة وسياساتها الخارجية ... نافذة الفرص أمام واشنطن لفعل شيء متميز على هذا المسار، نفذت أو تكاد.
بلغة الأولويات، يبدو أن الرئيس الأمريكي وإدارته الديمقراطية،يعطيان النووي الإيراني الصدارة والمكانة الأولى، وهما في سبيل ذلك، غير مستعدين لاغضاب حلفائهم الكبار في المنطقة، من معارضي الاتفاق مع إيران ... لقد فعلها أوباما مع السعودية حين أيدت واشنطن على مضض، «عاصفة الحزم» استرضاءً للرياض ... واليوم، لا يبدو أن الإدارة بوارد المقامرة بتسديد ضربتين إلى رأس نتنياهو: واحدة في إيران والثانية في الضفة الغربية ... واشنطن التي تضغط لتمرير صفقة النووي على إسرائيل، لن تقامر بممارسة ضغوط أخرى عليها لتمرير صفقة «الدولتين».
هنا، يبدو مسرح المنطقة بحاجة لمن يشغله، حتى لا يستشري الفراغ ولا تنطفئ جذوة الأمل في مستقبل عملية السلام وخيار المفاوضات وحل الدولتين ... هنا تبرز الحاجة لخلق انطباعات أو قل أوهام (لا فرق)، بأن العالم ما زال يتذكر قضية العرب المركزية الأولى ... هنا يبدو «مُخرج الفلم» بحاجة لـ «دوبلير» يقوم بالدور نيابة عن «البطل» المشغول في أمكان أخرى ... هنا يبدو الدور مفصلاً على مقاس الدبلوماسية الفرنسية ورئيسها لوران فابيوس.
لا أمل يرتجى في هذه الحركة (وليست كل حركة فيها بركة) ... فلا فرنسا قادرة على ممارسة ضغوط على إسرائيل للاستجابة للحد الأدنى لخيار استئناف التفاوض وحل الدولتين، ولا رئيسها ورئيس دبلوماسيتها، يرغبان في ممارسة هذا الدور ... نحن أمام جولة أخرى، من عشرات الجولات المماثلة، التي تنتهي مفاعليها بانتهاء محطتها الأخيرة، لا أكثر ولا أقل.
هذا لا يعني أن فرنسا ليست قادرة بوسائلها ومقدراتها الذاتية، أو من ضمن الاتحاد الأوروبي، على ممارسة أشد الضغوط على تل أبيب لدفعها للاختيار بين سلام عادل قائم على إنهاء الاحتلال وبناء الدولة واسترداد العاصمة وحل مشكلة اللاجئين من جهة، أو المقامرة بعلاقات فوق استراتيجية تربط إسرائيل بالقارة العجوز من جهة ثانية ... المشكلة أن فرنسا لا تريد أن تفعل ذلك، ولا تفكر به، وليست مستعدة لتخطي إطار «العلاقات العامة» في حراكها الدبلوماسي.
لكن مع ذلك، تبدو حركة فابيوس مفيدة فرنسياً، فهو هنا يظهر صديقاً للعرب، بعد أن استحق عداء الإيرانيين والسوريين وأطراف أخرى ... وهو هنا، في وضع أفضل لإقناع دول الاعتدال الغنية بأن بلاده تسير معهم وتسايرهم، في مختلف الملفات، وليس في سوريا وإيران وحدها ... وهو هنا، يبعث برسائل إلى الرأي العام الفرنسي والأوروبي الغاضب جراء الغطرسة الإسرائيلية المنفلتة من كل عقال ... عصافير كثيرة سيضربها فابيوس بحجر واحد ... أما الفلسطينيون فسيضيفون إلى أرشيفهم وقائع زيارة أخرى، لوزير خارجية دولة عظمى آخر... لكأن زيارته ومبادرته، لم تكن أكثر من مجرد «فاصل إعلاني قصير» بين لحظتي تجاهل وإنكار... واستيطان.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير» مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab