واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد

واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد

واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد

 عمان اليوم -

واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد

عريب الرنتاوي

تاريخياً، اصطفت الولايات المتحدة إلى جانب السعودية في مختلف مراحل صراعها مع إيران، أقله منذ انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الخميني ... الجديد الناشئ في السياسة الأمريكية، وبالأخص بعد اتفاق فيينا النووي بين طهران ومجموعة “5+1”، أن الولايات المتحدة أخذت تسعى في الوقوف على مسافة واحدة – تقريباً – بين العدوين اللدودين، لكأنها تستعير من لبنان، سياسة “النأي بالنفس”.
تراجعت إلى حد كبير، حملات “الشيطنة” التي طالما شنتها “الماكينة الأمريكية العملاقة” ضد إيران ... اليوم، يجري الحديث عن إيران بلغة أقل حدة، بل ويسارع جون كيري للتبشير ببدء رفع العقوبات عن إيران في غضون أيام، وفي ذروة أزمتها مع السعودية، وبصورة متزامنة ومتوازية، مع أوسع عمليات النقد والاتهام للمملكة، سواء في ملفات الداخل (حقوق الإنسان والحريات الدينية) أو في بعض ملفات السياسة الخارجية ... هذا الوضع غريب عن المملكة ودول الخليج، ولم تعهده من قبل ولم تعتد عليه، لذا رأيناها “تخرج عن أطوارها” في نقد السياسة الأمريكية، واتهام إدارة أوباما بالضعف والتردد و”بيع الحلفاء” والتواطؤ مع إيران.
في الأزمة الأخيرة بين طهران والرياض، والتي بدأت بإعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، وتفاقمت مع الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين، في طهران ومشهد، حرصت واشنطن على نقد العاصمتين على حد سواء، الأولى، لإعدام النمر، دون مراعاة حساسية المسألة والتحسب لتداعياتها، والثانية، للسماح بالهجوم على السفارة والقنصلية في انتهاك صارخ للقانون الدولي ... بنفس الطريقة، حرصت واشنطن على مناشدة البلدين ضبط النفس والشروع في حوار مباشر حول قضايا الخلاف.
سياسة “النأي بالنفس” تجلت أيضاً في إحجام واشنطن عن عرض “دور الوساطة والوسيط” في الأزمة الناشبة بين أكبر قوتين على ضفاف الخليج العربي ...  قالت إنها (الوساطة) ليست من أولويات سياستها الخارجية، ودعت الأطراف لـ” تقليع شوكها بيديها” .... الأمر الذي أثار أكثر من تساؤل، حول النوايا والأهداف الفعلية لواشنطن من ترك هاتين الدولتين، تصطرعان في منطقة تجلس فوق فوهة بركان.
المرجح أنها “سياسة الاحتواء المزدوج” التي سبق لواشنطن أن انتهجتها في ثمانينيات القرن الفائت وتسعينياته، ضد العراق وإيران على حد سواء ... اليوم تجري ممارسة السياسة ذاتها، أو يُعاد انتاجها في العلاقة بين أضلاع المثلث الأمريكي – السعودي – الإيراني ... واشنطن لا تريد الاشتباك مع إيران، والصفقة النووية مع طهران، هي أهم ما في إرث الرئيس أوباما الشخصي، لكنها من جهة ثانية، تسعى في تقليم أظافر طهران وحلفائها، وتدوير الزوايا الحادة في مواقفها وسياساتها.
واشنطن، لن تتخلى عن السعودية، ولن تصنفها في قائمة “الدول المارقة”، كما أنها لن تكف عن النظر إليها بوصفها حليف و”دولة صديقة”، والأرجح أن العلاقات الأمريكية – السعودية، ستشهد تحسناً إن جاء للبيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني القادم، رئيس جمهوري ... لكن الولايات المتحدة، لم تعد تعطي المملكة “وكالة حصرية” في منطقة الخليج، وهي ماضية في تطوير علاقاتها مع إيران في مجالات شتى، وهي راغبة أيضاً في تدوير الزوايا الحادة في خطاب المملكة وسياساتها وممارساتها ... من هنا تأتي سياسة “النأي بالنفس”، التي تُبقي كلا البلدين في حالة احتياج مستمرة لرضى المايسترو الأمريكي ... ومن هنا يأتي “الاحتواء المزدوج” الكفيل، بإنهاك الطرفين، وتبديد مواردهما، واستنزاف ثرواتهما في حروب عبثية، بالوكالة غالباً ... وبما يسمح – في ظني – ويحتمل، الانتقال إلى حروب مباشرة، سيما مع وجود أزيد من ترليوني دولار في الصناديق السيادية الخليجية، تنتظر من يعيدها إلى بلد المنشأ.
من تابع ما ينشر في الصحافة الأمريكية والبريطانية على وجه الخصوص، خلال الأيام القليلة الفائتة، يدرك الوجهة التي ستسلكها واشنطن في تعاملها مع الخصمين اللدودين، دولتي المركز السني والشيعي، لكن من أسف، لا يبدو أن ثمة في الأفق، ما يرجح احتمالات التهدئة ووقف التقاذف بالاتهامات والأفعال، والاتهامات والأفعال المضادة ...

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد واشنطن وسياسة «الاحتواء المزدوج» من جديد



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab