هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة؟!

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة؟!

 عمان اليوم -

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة

بقلم : عريب الرنتاوي

تجادل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما باستحالة “تصفير” النفوذ الإيراني في المنطقة، ومعها تجادل كذلك، دول أوروبية عديدة، بخلاف ما يقال في “الخطاب الرسمي” السياسي والإعلامي، لبعض العواصم والمحاور العربية، التي تصنف حيناً بانها “سنيّة” وأحياناً بوصفها “معتدلة”.... الغرب غير معني كثيراً بتعريف “المصالح الإيرانية” في المنطقة، وأكثر ما يهمه على وجه التحديد، استقرار أسواق النفط وطرق إمداده من جهة، وضمان أمن إسرائيل وتفوقها من جهة ثانية.

لكن في المقابل، لا نرى نقاشاً حقيقياً على الضفة العربية من الخليج، أو بالأحرى على الخندق الآخر في حروب المحاور والمذاهب، لتعريف المصالح الإيرانية ورسم خرائطها، وفرز المقبول والممكن من هذه المصالح، عن المرفوض والمستحيل الأخذ به أو العيش معه ... هناك أحاديث متكررة عن ضرورة “وقف التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية”، وهناك تأكيدات، متكررة أيضاً، عن الحاجة لوقف السياسات الإيرانية العدائية التي تهدف زعزعة أمن دول المنطقة واستقرارها الداخليين.

بالإمكان صوغ العديد من البيانات المشتركة حول العناوين الأخيرة، سواء بين الدول العربية ذاتها، أو بينها وبين دول الإقليم، أو على شكل بيانات ختامية للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ... كما أنه بالإمكان تضمين البيانات المشتركة عن لقاءات العرب بالغربيين، بعناوين تراوح ما بين وقف التدخلات وإيقاف السياسات العدائية وتدور حولها، لكن لغة الديبلوماسية لا تسعف كثيراً الباحثين والمراقبين، على فهم حقائق الموقف العربي وتمييز خطوطه الخضراء عن الحمراء والصفراء.

إيران في المقابل، تفعل شيئاَ مماثلاً، وتفضل أن تبقي أوراقها قريبة من صدرها، بعض قادتها “الثوريين”، يذهبون إلى أبعد نقطة في الحديث عن “المجال الحيوي” للجمهورية الإسلامية، يتحدثون عن سقوط العواصم العربية تباعاً في قبضة النفوذ الإيراني، وعن شواطئ المتوسط بوصفها “مربط خيل” طهران وحرسها الثوري ... أما رجالات الدولة من “الإصلاحيين”، فتبدو إيران من خلال تصريحاتهم، كما لو كانت منظمة خيرية، أو “كاريتاس ثانية”، لا وظيفة لها ولا دور، خارج إطار تعزيز علاقات الأخوة والصداقة، والحرص على أفضل مستقبل مشترك لشعوب المنطقة، وتكريس وشائج حسن الجوار والأخوة الإسلامية، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية.

والحقيقة أن أكثر ما تحتاجه المنطقة برمتها، هو حوار عربي – إيراني من نوع مختلف، بعيداً عن لغة التكاذب الدبلوماسية المتبادلة حيناً، أو عن سياسات الحقن المذهبي والتجييش القومي وحروب الوكالة التي أنهكت مجتمعاتنا العربية وأحالتها إلى خرائب وركام ومزق .... حوار، أعترف بأن أفضل من تحدث عنه، هو أوباما شخصياً، على الرغم مما قد يتسبب به اعترافه، من إثارة لحفيظة البعض وانتقادات البعض الآخر ... حوار، ينتهي إلى رسم خرائط المصالح المتحركة، والاعتراف المتبادل بها، ويقوم على تقدير دقيق لحساب الربح والخسارة، فالمنطقة تكاد تستنزف بالكامل، جراء هذه الصراع المحتدم على ضفتي الخليج العربي/ الفارسي، والذي أخذ يضرب بقوة في ساحات وميادين أبعد وأخطر.

لا يعني الحوار أبداً، أن صراعات المنطقة وأزماتها، ستضع أوزارها صبيحة اليوم التالي، أو أن العداوة والبغضاء ستتحول إلى “تجربة في العشق” المتبادل بين الأطراف ... لكن حواراً استراتيجياً مثمراً مع إيران، قد ينتهي إلى خلق “آليات” لاحتواء النزاعات وإدارتها، بما يكفل الحدود الدنيا من مصالح الأطراف، ويوفر لكل منها “استراتيجية مخرج”، تبعدها عن الانزلاق في السيناريوهات الأشد خطورة والأكثر كلفة .... وهنا يمكن الإشارة إلى بعض أطر “الحرب الباردة” التي لعبت أدواراً مهمة، في منع الانزلاق إلى حروب مباشرة بين المعسكرين المتصارعين خلالها، وأحياناً إنهاء بعض الأزمات وتبريدها، بدل الرهان على خروج “الصراع عن دائرة السيطرة” كما تحدث جون كيري بالأمس عن سوريا، في واحدٍ من أكثر تصريحاته تشاؤماً على الإطلاق.

فهل يمكن التفكير مثلاُ، بمنظومة إقليمية للأمن والتعاون، تشرع في “تعريف” مصالح الأطراف ورسم خرائطها، والبناء على ما يمكن أن يكون مشتركاً ومتبادلاً منها، والاتفاق على إدارة الصراع حول القضايا موضع الخلاف والاختلاف، بأقل مستوى من العنف وإراقة الدماء والتدمير المنهجي المنظم للبشر والشجر والحجر، وعلى أمل الوصول إلى منظومة صلبة تشرع في نقل المنطقة إلى ضفاف التعاون والتبادل ذات يوم.

قد يبدو مثل هذا الطرح طوباوياً أو حالماً في لحظة تشتد فيها نذر المواجهات الكبرى، من تعز إلى حلب مروراً ببغداد وانتهاء ببيروت، لكن من قال إن مسار أوروبا بشطريها الشرقي والغربي، للأمن والتعاون، بدأ بغير أحلام طوباوية من هذا النوع، قبل أن يحوّلها “العقل” و”الإرادة” إلى حقائق صلبة من حقائق السياسة والعلاقات الدولية.

للعرب مخاوفهم ومصالحهم التي لن يظلوا عرباً إن لم يعملوا على تبديدها والذود عنها ... ولإيران مصالح ومخاوف، ستجد من سيدافع عنها، من معسكري “الثورة” و”الدولة” المتنافسين في إيران ... لا إيران بمقدورها أن تلعب دوراً مهيمناً على الأكثرية القومية والمذهبية في الإقليم، برغم حالة الوهن والضعف التي يعيشها الجسد العربي، ولا العرب بمقدورهم “تصفير” المصالح الإيرانية في المنطقة ... فهل ثمة من نقطة التقاء بين الجانبين، أين تقع، ومتى سيصلان إليها؟

 

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab