أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة

أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة

أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة

 عمان اليوم -

أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة

بقلم : عريب الرنتاوي

لا شك أن قيادة حركة حماس الفلسطينية، تجري، إن لم تكن أجرت بالفعل، أوسع عملية “تقدير موقف”، بعد الاستدارة التي سجلتها السياسة الخارجية التركية خلال الأيام القليلة الماضية، من الاعتذار لروسيا، وبالأخص المصالحة مع إسرائيل، فتركيا ليست لاعباً ثانوياً حتى تمر التحولات في العلاقة معها، مرور الكرام، والمؤكد أن “التطبيع المتسارع” للعلاقات التركية – الإسرائيلية، سيكون له انعكاساته المباشرة الحركة، في القطاع المحاصر، أو على مستوى شبكة علاقاتها الإقليمية.

غني عن القول، أن حماس لم تعوّل يوماً على دعم تركي يتخطى الجانبين السياسي/ المعنوي والإنساني/ اللوجستي، فتركيا لم تكن يوماً، مصدراً من مصادر دعم وتطوير القدرات القتالية لحركة المقاومة الإسلامية، لا تسليحاً ولا تدريباً، كما فعلت إيران، بيد أنها دولة إقليمية كبرى، لديها ما تعرضه على الحركة، وما يمكن أن يساعد الأخيرة، على تعزيز حضورها على الساحتين الفلسطينية والإقليمية.

بتوقيع تركيا وإسرائيل، من المتوقع أن ينخفض منسوب الدعم السياسي واللوجستي التركي لحماس ... لن يكون مسموحاً لقادة حماس المولجين بمتابعة “العمل المقاوم”، التواجد في تركيا، أو استخدام مكاتب الحركة فيها، هذا التزام قطعته أنقرة على نفسها أمام المفاوضين الإسرائيليين، والمرجح أن تلتزم حكومة العدالة والتنمية بتعهداتها هذه.

أنقرة التي لم تقطع مع السلطة الفلسطينية، على الرغم من الطبيعة “الخاصة والمميزة” للعلاقات التي نسجتها مع حماس، ظلت على الدوام على تواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتضعه في صورة كل ما تنوي القيام به وفعله على الساحة الفلسطينية، وإن من باب “اللياقة الدبلوماسية”، بما في ذلك “اتفاق المصالحة والتطبيع مع إسرائيل” وما تضمنه من أدوار تركية في قطاع غزة ... تركيا ستجنح لمقاربة أكثر توازنا في علاقاتها مع طرفي الانقسام الفلسطيني، وقد تجد نفسها أكثر تفاعلاً مع السلطة والمنظمة والرئاسة في المرحلة المقبلة ... تلكم هي المقتضيات  غير المباشرة، الاتفاق مع إسرائيل.

أما الدور التركي في المسألة الفلسطينية، فسيتجه أكثر فأكثر للقيام بدور “الوسيط”، بعد أن كاد يظهر بصورة “الطرف” في السنوات الست الفائتة ... ولقد استبطن الاتفاق المبرم بين الأتراك والإسرائيليين، ملامح هذا الدور، عندما أوكلت تل أبيب إلى أنقرة، مسؤولية العمل على استعادة جنودها الأسرى لدى حماس، إن كانوا على قيد الحياة، وجثامينهم وأشلائهم إن كان قد قتلوا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.

إنسانياً، ستعزز أنقرة جهودها الإغاثية لمساعدة قطاع غزة المحاصر ... سفن المساعدات باتت جاهزة ومحمّلة، وهي في طريقها لميناء أسدود للتفتيش، ثم ستنقل حمولتها بالشاحنات إلى القطاع ... محطة لتحلية مياه البحر، وأخرى لتزويد السكان بالكهرباء، ومستشفى دائم مع 200 سرير ... وربما تقدم تركيا المزيد من المساعدات من هذا النوع والشاكلة، طالما أن إسرائيل ستسمح بذلك، وطالما أن العملية برمتها، ستخضع لمراقبتها وإشرافها الأمنيين.

ويبدو السيد أردوغان وحكومته، بحاجة ماسة لتكثيف إرسال هذه المساعدات ... فبها ومن خلالها، سيجري تسويق وتسويغ “مزايا” اتفاق التطبيع والمصالحة مع إسرائيل، وسيقال في شأن هذا الاتفاق، كما قيل في شأن معاهدات السلام العربية – الإسرائيلية، بأنها مهمة لجهة الاستمرار في تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني على الصمود في وجه آلة الحصار والتجويع الإسرائيلية ... ولقد رأينا أردوغان شخصياً يفتتح الحديث عن أهمية المساعدات التي تقدمها بلاده لغزة، من دون أن يتغافل عن توجيه النقد الساخر لـ “أسطول الحرية –مافي مرمرة” الذي وصفه بالعملية الاستعراضية غير المجدية.

خلاصة القول، أن الدور السياسي لتركيا في غزة، ممنوع إن جاء من خارج إطار “الوساطة” و”المساعي الحميدة” التي يمكن أن تبذلها أنقرة لتدوير الزوايا الحادة في مواقف حماس، والمساعدة على حل بعض المشكلات الإنسانية من نوع تبادل الأسرى أو غيرها ... والدور الإنساني لتركيا، مسموح طالما ظل تحت أعين الإسرائيليين ومن ضمن مندرجات نظرية الأمن الإسرائيلية ... أما دور تركيا “الداعم للعمل المقاوم”، فهو لم يخطر ببال حماس، ولم يداعب مخيّلة أكثر المعجبين اندهاشاً بشخصية “السلطان” ومواقفه العثمانية.

وإذا ما قُدّر للاستدارة التركية أن تستكمل حلقاتها، وأن نشهد قريباً على مصالحة مصرية – تركية، فإن تداعيات أخرى ستطرأ على موقع حماس والقطاع، وربما على علاقات أنقرة بكل من السلطة والحركة... الأمر الذي سيستوجب أكثر من وقفة “تقدير موقف” يتعين على قيادة الحركة إجراءها.

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة أثر الاستدارة التركية على حماس وغزة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab