معالم على طريق الإصلاح السياسي

معالم على طريق الإصلاح السياسي

معالم على طريق الإصلاح السياسي

 عمان اليوم -

معالم على طريق الإصلاح السياسي

بقلم - عريب الرنتاوي

حظي ملف الإصلاح السياسي بمكانة متقدمة في حديث الملك لعدد من الكتاب والمختصين قبل يومين، وعرض جلالته لتصوره عن الحاجة لوجود كتل حزبية وازنة وقليلة العدد، تنخرط في الانتخابات المقبلة بعد أقل من سنتين، وصولاً لبرلمان قائم على التعددية الحزبية ... كما عرض جلالته للقاءاته مع الكتل النيابية المختلفة، ما حصل منها وما سيحصل خلال الشهرين المقبلين، من أجل تشجيعها على بلورة برامجها السياسية والاقتصادية – الاجتماعية، وربما دفعها لتشكيل أنوية لأحزاب سياسية جديدة، أو الانخراط في الأحزاب السياسية القائمة.
والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الملك عن هذه العناوين، فقد أتى عليها، وشدد على أهميتها، طوال سنوات عديدة سابقة، من دون أن تجد ترجمتها على أرض الواقع، فلا الأحزاب توحدت في كتل حزبية كبرى، ولا الكتل البرلمانية نجحت في التحول إلى أحزاب سياسية ... ولا أحسب أن المسافة الزمنية التي تفصلنا عن انتخابات البرلمان التاسع عشر، ستكون كافية لفعل ذلك ... بل وأجزم كما قلت في حضرة الملك، بأن هذه المهمة لن تنجز أبداً ما لم يطرأ تغيير جوهري في تفكير الدولة وعقلها وإرادتها السياسية في هذا المجال، وأبدأ بعرض أربعة أو خمسة معالم على طريق الإصلاح السياسي في بلادنا، حتى لا يأتي البرلمان المقبل، نسخة غير مزيدة، وغير منقحة من البرلمانات السابقة:
أولاً: الأحزاب لا تبنى بقانون الأحزاب – كما قلت في حضرة الملك – بل بقانون الانتخاب ... ولكيلا نقفز في الهواء أو المجهول، فإن تخصيص نصف مقاعد المجلس المقبل، للقوائم الحزبية / الوطنية المنتخبة على مستوى الوطن (الأردن دائرة واحدة)، هو الطريق المضمون والأقصر، لإطلاق ديناميات جديدة، وخلق طبقة سياسية جديدة، والشروع في تجربة البرلمان القائم على التعددية الحزبية ... وبعد الاتفاق على هذا النظام المختلط، الذي لم يجرب جدياً في الأردن، يمكن البحث في شروط تشكيل القوائم، كما يمكن البحث في «عتبة الحسم» ونظام احتساب القوائم الفائزة، وكيفية تمثيل المرأة وفقاً لمندرجات الاستراتيجية الوطنية، وكيفية تمثيل مختلف المكونات ودوائر البادية المغلقة الثلاث.
ثانياً: لا قيود على تشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية، طالما كانت وسائلها سلمية وتعمل وفقاً للقواعد الدستورية العامة، لكن قيوداً صارمة يجب أن توضع على نظام تمويل الأحزاب، الذي نقترح أن تكون مبادئه الأساسية جزءاً من القانون وليس من النظام ... على أن ينهض التمويل على شرط «عدد المقاعد و/أو الأصوات» التي يحصل عليها الحزب في الانتخابات العامة من نيابية وبلدية ومجالس محافظات فقط، لتفادي أن يصبح التمويل مدخلاً لإفساد الحياة الحزبية وشرذمتها، بدل أن يكون رافعة لتطويرها واستنهاضها.
ثالثا: الإقرار مسبقاً، بأن حكومة ما بعد الانتخابات المقبلة، ستكون برلمانية بامتياز (ليس بالضرورة أن يكون النواب وزراء)، وأن الائتلاف الذي يحظى بأغلبية المقاعد في المجلس، سيكلف بتشكيل الحكومة، فلا قيمة لانتخابات لا تنتهي إلى تشكيل حكومات جديدة منسجمة مع الوجهة العامة للرأي العام الأردني ... نحن هنا لا نخترع العجلة ولا نكتشف النار، بل نفعل ما فعلته البشرية جمعاء حين قررت الانتقال إلى الديمقراطية ... وليس لدينا في ظني ما يدعو للقلق، سيما بعد آخر تعديلين دستوريين حيّدا الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية عن أية تجاذبات سياسية محتملة.
رابعاً: فتح وتوسيع «الفضاء العام» لمزيد من المشاركة السياسية خصوصاً للشباب، وتغيير «النظرة الأمنية» للأحزاب والحركات الشبابية، ورفع سقف الحريات العامة، والإعلامية بخاصة، وإصلاح بقية القوانين الناظمة للعمل العام: اللامركزية، البلديات، الجمعيات، حق الحصول على المعلومات، الجرائم الالكترونية والانضباط لقانون الاجتماعات العامة لعام 2011 وضمان تنفيذه بنصه وروحيته، إلى غير ما هنالك من أفكار طُرِحت في اللقاء مع جلالته، فالديمقراطية ليست انتخابات تُجرى كل أربع سنوات، بل منظومة فكرية وثقافية واجتماعية ونمط حياة وسياق يتشكل تاريخياً على هذا النحو، وتوزيع للسلطة بين مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، وتوزيع أكثر عدالة للثروة.
خامساً: تتطلب بعض هذه المحطات/ المعالم «milestones»، إجراء تعديلات دستورية، لتسيير الانتخاب بالقائمة الحزبية، والاستشارات الملزمة، وتشكيل الحكومات البرلمانية، وغير ذلك مما تقتضيه الحاجة.
لا يعني كل ذلك، أن البرلمان المقبل، سيكون نموذجياً، لكنها عملية «process»، ستتبلور وتتطور بعد كل دورة انتخابية، وسنجد أنفسها بعد دورتين أو ثلاث دورات، أمام نظام حزبي، وليس أمام تعددية حزبية فقط، وستتكون لدينا تيارات يمين ويسار ووسط، وسنرى انبثاق طبقة سياسية جديدة، من خارج رحم «الاقطاع السياسي» وطرق التعيينات «الفاسدة، وسننج في تحصين مؤسسات الدولة من آفة الفساد، وسنعزز جهاز المناعة المكتسبة للمجتمع الأردني الصابر على ضائقته الاقتصادية الخانقة، وسيدخل مسارنا الإصلاحي طوراً نوعياً جديداً، ربما في غضون عقد من الزمان.

 

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معالم على طريق الإصلاح السياسي معالم على طريق الإصلاح السياسي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab