قاب قوسين أو أدنى

قاب قوسين أو أدنى

قاب قوسين أو أدنى

 عمان اليوم -

قاب قوسين أو أدنى

بقلم _ عريب الرنتاوي

قطعت الثورة السودانية شوطاً كبيراً على طريق تحقيق أهدافها ... الثوة لم تصل بعد إلى نهاياتها المظفرة، والانتقال للدولة المدنية – الديمقراطية، ما زال في بداياته ... لكن «الوثيقة الدستورية» التي جرى التوقيع عليها أمس الأحد برعاية إثيوبية – أفريقية، وبغياب أي دور عربي فاعل وإيجابي، استبطنت الكثير من الضمانات للوصول إلى هذه الغاية، إن لم ينقلب «العسكر» من جديد، على النظام الجديد، بعد أن تهدأ الشوارع ويعاود السودانيون مزاولة أعمالهم اليومية المعتادة، وبدفع من قوى الثورة المضادة الإقليمية.

في الوثيقة، غلبة للمدنيين على المجلس السيادي، الذي سيتولى بعض صلاحيات رئاسة الجمهورية، أما بعضها الآخر، غير المنصوص عليه تحت باب «مجلس السيادة»، فيتحول تلقائياً إلى رئاسة الحكومة ... رئيس الوزراء ومجلس الوزراء تختارهم قوى الحرية والتغيير، ويعينهم مجلس السيادة، أما المجلس التشريعي الانتقالي، فستتولى قوى الحرية والتغيير تعيين ثلثي أعضائه (67 بالمئة) على أن يتم ملء ثلث المقاعد الأخرى، بأسماء توافقية بين قوى الحرية والتغيير ومجلس السيادة، لممثلين عن بقية الحركات السياسية والشعبية والفصائل المسلحة.

القضايا الإشكالية حسمت بصورة توافقية، مع ترجيح واضح لكفة قوى الحرية والتغيير والقوى المدنية في كثير من الملفات ... أخفق العسكر في «انتزاع» الحصانات غير المشروطة التي سعوا وراءها خشية ملاحقتهم جنائياً.. الحصانة تسقط بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، وهي أغلبية متوفرة لقوى الحرية والتغيير ... المخابرات العامة بأدوارها الإشكالية المعروفة، باتت تخضع لمجلس السيادة والحكومة، هنا الكفة راجحة أيضاً للقوى المدنية ... قوات التدخل السريع، المسؤولة عن كثير من الجرائم التي ارتكبت قبل وبعد إسقاط نظام البشير، ستخضع لإمرة القائد العام للقوات المسلحة، وسيبت في مصيرها لاحقاً عندما يجري البحث في إعادة هيكلة مختلف مؤسسات الدولة.

الوثيقة الدستورية تحدثت عن سودان ديمقراطي، تعددي، لا مركزي، وعن مواطنة متساوية لا تعرف التمييز على أساس الجنس والعرق واللغة والدين، والحريات مصانة بما فيها حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر والعبادات ... المرأة ستحظى بأربعين بالمئة من أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، وهي حظيت بمفوضية مستقلة تعمل لإنصافها عبر التمييز الإيجابي ... وسن التأهل لعضوية المجلس التشريعي 21 عاماً، في خطوة تنتصر للشباب، قل نظيرها في العالم العربي.

الوثيقة نصت على تشكيل عدد كبير من المفوضيات التي ستعكف على وضع دستور دائم، وإعادة النظر بالمنظومة التشريعية بالكامل، والعدالة الانتقالية، وتمكين النساء والشباب، ومفوضية مستقلة للانتخاب، وغير ذلك مما يمكن أن يعد، في حال سارت الأمور على ما يرام، ورشة عمل إصلاحية شاملة، تضع في صدارة أولوياتها، استعادة السلم الأهلي ووضع حد لحروب البلاد المتنقّلة.

المجلس العسكري سيعتبر منحلّا فور المصادقة النهائية على الوثيقة، والحكومة ستباشر عملها قبل نهاية الشهر الجاري، والمجلس التشريعي سيلتئم قبل نهاية العام ... أما مجلس السيادة فسيتولاه جنرال للفترة الأولى (21 شهراً)، وفي ظني أن القلق سيستمر طوال هذه الفترة، على أن مدنياً سيتولى رئاسته في الفترة الثانية (18 شهراً) تنتهي بنهاية المرحلة الانتقالية وموعد الاستحقاق الانتخابي في البلاد.

الوثيقة الدستورية، هي نقيض دستور البشير، وحزب المؤتمر الذي حكم البلاد والعباد، يعترض على «إسقاط الشريعة» من الوثيقة ... أما الحزب الشيوعي فيرى أنها غير كافية، فهو يريد تسليماً واستلاماً للسلطة، غير مشروطين، من العسكر إلى المدنيين ... فيما الفصائل المسلحة، تشكو استثناءها وإقصائها، بيد أن غالبية السودانيين رأت فيها نصراً مبيناً لثورة الشعب السوداني، ولهذا خرجت إلى الشوارع للاحتفاء بنصرها المؤزّر، أما نحن فنرى فيها خطوة كبرى إلى الأمام، بحاجة لتحصينها بكل الضمانات التي تحول دون انفجار بعض الألغام المبثوثة فيها، وتسد الطرق في وجه غدر العسكر وكيد جنرالات «التدخل السريع».

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاب قوسين أو أدنى قاب قوسين أو أدنى



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab