جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها

جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها

جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها

 عمان اليوم -

جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها

بقلم - عريب الرنتاوي

في مسعى لـ «تبريد الرؤوس الحامية» في إسرائيل (التعبير لوزير الدفاع الروسي)، قرر الكرملين تزويد الجيش السوري بمنظومة «S300»، وأنظمة رادار متطورة تنطوي على نظم تحكم وإدارة مركزية للدفاعات الجوية، واستخدام «التشويش الكهرومغناطيسي» لتعطيل أجهزة الطائرات والصواريخ المعادية ... وهذه نقلة نوعية في تسليح الجو السوري من جهة، وتعبيرٌ عن بلوغ العلاقة الروسية – الإسرائيلية، لحظة توتر غير مسبوقة، بعد شهر عسل طويل من جهة ثانية.

القرارات الروسية الجريئة والحازمة، أثارت قلقاً في إسرائيل، فانبرت صحافتها في حملة تحذير للحكومة من مغبة «استفزاز الدب الروسي»... وقوبلت بالارتياح في دمشق وضاحية بيروت الجنوبية، وربما في طهران، وذهبت صحافة دول هذا المحور، في تثمين الخطوة الروسية باعتبارها «نقطة تحوّل» و» Game Changer»، في توازنات الحرب السورية ومعادلاتها.

والحقيقة أنه لا يمكن لأحد من المراقبين والمهتمين بالأزمة السورية، أن يغمض عينيه عن هذا التطور النوعي في مسارات الأزمة السورية... لكن خطأ التهوين من شأن هذا التطور لا يضاهيه سوى خطر التهويل في تقدير مغزاه ومدياته، إذ لا يمكن للمرء أن يكتفي بالنظر إلى القرارات التي نطق بها الوزير سيرغي شويغو من دون أن يقرأ بتمعن كلما فلاديمير بوتين.

الرئيس الروسي حرص في حديثه عن مع نتنياهو، وكذا فعل أكثر من مسؤول روسي، على أن هذه الخطوات، سببها «رعونة إسرائيل»، «ضعف مهنية» ضباط جيشها و»إهمالهم الجُرمي»، ومردها «غطرسة القوة» التي أعمت بصائر وأبصار قادة إسرائيل، فلم يعودوا يميزون بين «صديق» و»عدو» ... وأن هذه الخطوات، ليست موجهة ضد طرف ثالث (إسرائيل) كونها دفاعية محضة ... وإنها – الخطوات الثلاثة – تستهدف حماية أرواح الجنود الروس، بمعزل عن سيرورة الصراع السوري – الإسرائيلي ودينامكياته.

لتأتي بعد ذلك، جملة من المعلومات الباعثة على الاعتقاد بأن جرأة الخطوات الروسية، لا تقلل أبداً من كونها «مضبوطة ومحسوبة بدقة» ... فثمة معلومات من موسكو تفيد بأن أمر بطاريات الـ»S300»، التي لم نعرف عددها بعد، سيظل بيد غرفة العمليات الروسية، وأن أنظمة الرقابة والتحكم الرادارية، وأنشطة التشويش الكهرومغناطيسي ستكون بيدهم كذلك... بمعنى أن الكرملين وهو يجتاز عتبة جديدة في سياسته القائمة على «التوازن الدقيق» بين حساباته الإسرائيلية ومصالحه الروسية، ما زال يعتمد سياسة الحذر وضبط النفس في علاقاته مع إسرائيل، ومن خلفها بالطبع، الولايات المتحدة الأمريكية.

ما لم يعره كثيرٌ من المراقبين من «محور المقاومة» الأهمية التي تستحق، لتداعيات ما بعد إسقاط الطائرة الروسية، أن هذه الأزمة كشفت عن مكنونات «التفاهمات الروسية – الإسرائيلية» العائدة للعام 2015، فقد توسع الروس في معرض تبريرهم لخطوات الثلاث الجريئة، في الكشف عن «خدماتهم» الأمنية الجليلة المقدمة للإسرائيليين، والتي تنكرت إسرائيل لها عندما لم تفكر ملياً قبل الضغط على الزناد القاتل... ومنها أيضاً، أننا بتنا نعلم اليوم أن إسرائيل لم تخطر روسيا سوى عن 25 عملية جوية وصاروخية ضد أهداف في سوريا من أصل 200 عملية نفذتها خلال الثمانية عشرة شهراً الفائتة،  أما بقية العمليات فقد تمت من دون إنذار أو إخطار مسبقين.

روسيا جعلت من ذلك سبباً أو ذريعة لاستحداث التحول في موقفها، متهمةً إسرائيل بعدم الالتزام على نحو جدي وقاطع بنص وروح التفاهمات المبرمة ... في حين ردّت إسرائيل بالقول، إن مرد عدم إخطار روسيا المسبق بعمليات سلاحها الجوي والصاروخي، عائد إلى أن أكثر هذه العمليات، لم تستهدف مناطق انتشار الجيش القواعد الروسية ... ندرك هنا، أن ثمة 25 عملية عسكرية على الأقل، جرى تنفيذها بعلم من روسيا وضوء أخضر منها، أما البقية فهي موضع سجال حول تفسير التفاهمات بين موسكو وتل أبيب.

روسيا كما بدا واضحاً منذ اليوم الأول لإسقاط الطائرة الروسية، أنها بصدد إعادة النظر في مضمون تفاهماتها مع إسرائيل، وأنها ستتخذ من فاجعة إسقاط الطائرة، مدخلاً لتحسين شروطها التفاوضية، للوصول إلى صفقة جديدة، تتيح لها متسعاً إضافياً من الوقت والراحة، لإتمام مشروعها في سوريا.

في ظني أن هدفاً من هذا النوع، ليس من النوع المستعصي على التحقيق، فقاعدة التفاهمات المشتركة ما زالت صالحة للمرحلة المقبلة، سيما إن أدخل عليها مزيد من التعديلات والتوضيحات والالتزامات، من الجانب الإسرائيلي هذه المرة، تجعل مهمة موسكو في سوريا، أكثر يسرٍ وسلاسة.

omantoday

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها جرأة موسكو لا تقلل من حذرها ولا تُبطل حساباتها



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab