«المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية  الإسلامية

«المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية - الإسلامية

«المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية - الإسلامية

 عمان اليوم -

«المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية  الإسلامية

بقلم : عريب الرنتاوي

خرج الرئيس الأمريكي من قمم الرياض الثلاث بما يرضيه، وربما بما يفوق انتظاراته وتوقعاته ...  خرج بعض العرب من القمة كذلك بما يرضيهم، أقله على المستوى الوعود والتعهدات والمواقف اللفظية المعلنة ... لكن المعيار الرئيس للحكم على “الحصاد العربي” من القمم الثلاث، سيتجسد في زيارة ترمب للقدس وبيت لحم ... هنا سيتقرر ما إذا كانت واشنطن وفيّة لأقوالها، وجاهزة لإتباع القول بالفعل، أم أنها ستواصل سياسة “بيع الأوهام”.

أن يحتشد العرب والمسلمون في مواجهة إيران، وأن تدعم واشنطن حشدهم الرسمي (والشعبي) هذا، فهذا أمرٌ مفهوم تماماً، بل ويندرج في صميم المصلحة الأمريكية، حتى وإن تقاطعت مع مصالح بعض العرب أو جُلّهم ... ولا يمكن لأحد أن يدعي بأنه أقنع واشنطن أو ضغط عليها أو أغراها بتصعيد لهجة خطابها ضد إيران وحلفائها القدامى والجدد، بما فيهم حركة حماس التي حرص ترامب على التذكير بأنها “جماعة إرهابية” حتى بعد أن “قامرت” بعلاقاتها مع إيران، والتصقت بالمحور القطري – التركي، وأصدرت وثيقتها الشهيرة بهدف التكيف والتأهل لقادمات الأيام والصفقات والتسويات.

المحك الرئيس للسياسة الأمريكية حيال العرب وقضاياهم وحقوقهم، إنما يتجلى في الموقف الذي سيتخذه الرئيس ترمب من استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية الممتد لخمسين عاماً متواصلة (دع عنك الاحتلالات السابقة)، هنا المحك، وهنا يُقاس نجاح النظام العربي أو فشله، في ممارسة التأثير على واشنطن وسياساتها حيال المنطقة.

حتى الآن، لا يبدو أن ثمة في الأفق ما يشي بأي جديد، بل على العكس تماماً، يبدو أن جديد هذه الإدارة، يعود بالموقف الأمريكي إلى مرحلة ما قبل كارتر وحوارات تونس الأمريكية – الفلسطينية، وإلى البداية المتعثرة للتحولات في السياسة الأمريكية لجهة الإقرار بوجود الشعب الفلسطيني، ولاحقاً الاعتراف بحقه في تقرير مصيره.

على نقيض من سبقه، لا يبدو أن ترمب بوارد الطلب من إسرائيل وقف الاستيطان، جل ما يمكن أن يدعو إليه الرجل، هو إبطاء هذه العملية، وغالباً من باب النفاق وذر الرماد في العيون ... إسرائيل سرّعت عمليات هدم المنازل في القدس. وأعمال البناء في عهد ترمب، تركزت خارج الكتل الاستيطانية، وثمة مشاريع بعشرات ألوف الوحدات السكنية في المدينة المقدسة، التي من شأن إتمامها رفع عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967 إلى مليون مستوطن خلال سنوات قلائل.

وترمب، بخلاف من سبقه، بدا متحمساً، ولا يزال، لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، صحيح أن تغيراً ربما يكون طرأ على توقيت تنفيذ القرار، لكن ما من رئيس قبل ترمب، أبدى الحماسة ذاتها لمشروع نقل السفارة ... وهو أول رئيس أمريكي (على رأس عمله) يقوم بزيارة كتلك التي قام بها بالأمس إلى حائط البراق المحتل، وفي استفزاز ظاهر للفلسطينيين، يستبطن اعترافاً ضمنياً بالتغيرات التي أحدثتها إسرائيل على وضع المدينة المحتلة بالضد من القانون الدولي.

اليوم وغدا، سيتبين الخيط الرفيع الفاصل بين أكاذيب الموقف الأمريكي وحقائقه، وسنرى إن كان الرجل جاداً فعلاً في إتمام صفقة سلام عادلة ومتوازنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... اليوم وغداً، سنختبر جدية التفاهمات والاتفاقات التي تضمنتها إعلانات الرياض العربية – الإسلامية - الأمريكية ... إن استمرار الانحياز الأعمى والمطلق لإسرائيل وعلى حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، يعني شيئاً واحداً فقط: واشنطن أخذت كل ما تريده من العرب ولم تعطهم أكثر من وعود بالحماية ، وتلكم مشكلة في حد ذاتها.

بين ركام المواقف والتصريحات التي صدرت عن ترمب ومساعديه خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، ثمة جملة واحدة فقط، ذات مغزى، بل وربما تكون الجملة الوحيدة الصادقة التي صدرت عن الرجل: “إيران وضعت العديد من دول المنطقة إلى جانب إسرائيل”، كاشفاً عن مشاعر إيجابية عند بعض من التقاهم من القادة العرب حيال إسرائيل، ساعياً لتأسيس حلف على قاعدة الصداقة مع إسرائيل والعداء لإيران.

لكن ما فات ترمب، وربما بعض محدثيه من القادة العرب والمسلمين، أن حالة الضعف ووضعية الهزيمة أمام المشروع الإسرائيلي في المنطقة، كانتا على الدوام عاملاً حاسماً في إشاعة التطرف والعنف وصولاً للإرهاب المنفلت من كل عقال، بدءاً بالتطرف اليساري والقومي في ستينيات القرن الفائت وسبعينياته، وانتهاء بالتطرف الديني الأصولي القائم على التكفير والإلغاء وسفك الدماء من دون هوادة.

هنا المحك، لكل هذه الاحتفالية الإقليمية بدونالد ترمب، الرئيس الذي يلقى حفاوة منقطعة النظير في هذه المنطقة من العالم، بينما يقابل بكل حملات التنديد والادانة والمطاردات القانونية من قبل القوى الحيّة والديمقراطية والمثقفين في الولايات المتحدة والغرب، بوصفه تعبيراً عن يمين شعبوي (برائحة عنصرية) وتجسيداً لـ”الوعي الأدنى” في تلك المجتمعات، في مفارقة غريبة وعجيبة، تكشف عن بؤس حقيقتنا وتهافت نظمنا السياسية ومنظوماتنا القيمية والأخلاقية.

المصدر : صحيفة الأهرام

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية  الإسلامية «المحك الفلسطيني» لتفاهمات ترمب العربية  الإسلامية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab