واشنطن وإستراتيجية تعطيل إستراتيجيات الآخرين

واشنطن وإستراتيجية تعطيل "إستراتيجيات" الآخرين

واشنطن وإستراتيجية تعطيل "إستراتيجيات" الآخرين

 عمان اليوم -

واشنطن وإستراتيجية تعطيل إستراتيجيات الآخرين

تنظيم داعش
بقلم - عريب الرنتاوي

ما أن وضعت الحرب على داعش أوزارها في سوريا، حتى خرجت الولايات المتحدة بمشروع تأسيس قوة “حرس حدود” من ثلاثين ألف مقاتل، أغلبهم (وزعامتهم) من أكراد البلاد؛ ما أثار حفيظة أنقرة، ودفعها لشن حملة “غصن الزيتون” في عفرين، والتهديد بالوصول إلى منبج وحتى خط الحدود السورية مع العراق.

المشروع الذي أرادت به واشنطن إحكام سيطرتها على أكثر من ربع سوريا، توطئة لتعبيد طريق روسيا في سوريا بالعراقيل و”الأفخاخ”، ارتد على الولايات المتحدة واستراتيجيتها الجديدة في سوريا التي لم يكن مضى سوى بضعة أيام على الكشف عنها على لسان الوزير ريكس تيلرسون ... واشنطن باتت اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه، فالفصل الجديد في حروب سوريا وحروب الآخرين عليها، يندلع هذه المرة، بين أهم وأقوى حليفين لها في الشمال والشمال الشرقي السوري... الأكراد، الابن المدلل والحليف الموثوق يستنجدون بدمشق لإنقاذهم من “براثن التركي”... وتركيا، عضو الأطلسي، المستمسك بعضويته، برغم كل الخلافات، اقتربت أكثر فأكثر من معسكر خصوم واشنطن وأعدائها، من موسكو وحتى طهران.
لكن واشنطن لم تسلم بعد بهيمنة الكرملين على سوريا، هي تعرف أن “القيصر” نجح في بناء منازل كثيرة له هناك، لكنها لن تجعل طريقه إلى “عرش سوريا” مفروشاً بالنوايا الحسنة والتسهيلات المجانية ... وكذا الأمر بالنسبة لبقية الأطراف المنخرطة في هذا الصراع من الخندق الآخر: إيران في دائرة الاستهداف، وهي من ضمن دولتين “مارقتين” ذكرتهما الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بوصفهما تهديداً جدياً للولايات المتحدة وأمنها واستقرارها، إلى جانب كوريا الشمالية ... وحزب الله، يخضع لأوسع وأشمل عملية “تجفيف موارد” منذ اندلاع الأزمة السورية، والأمر هنا لا يقتصر على الإجراءات المالية والمصرفية، ولا على تواتر قوائم المشمولين من الحزب، أفراداً ومؤسسات بقوائم الإرهاب، بل ويشتمل كذلك على دعم استمرار إسرائيل في توجيه ضربات عسكرية للحزب في سوريا، بحجة منعه من الحصول على سلاح “كاسر للتوازن”.

تدرك واشنطن، أن لدى موسكو وطهران القدرة على “الصمود” في مواجهة إجراءاتها وحملاتها، لسنوات عديدة مقبلة، وأن ثمار استراتيجيتها الجديدة، لن تنضج قبل عدة سنوات، هذا إن نضجت أصلاً، كما تدرك أن حزب الله، ومنذ استهداف المارينز في لبنان عام 1983، وهو مدرج على قوائم الإرهاب، وأن الحزب “تكييف” مع عمليات الحصار وتجفيف الموارد التي تشنها عليه بلا هوادة، كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وأن من غير المستبعد أن تحقق الإجراءات الأخيرة، نتائج جدية يذكر.

في ضوء هذا الادراك، بدا أن واشنطن قررت السير في طريق متعدد المسارات، لمنع موسكو من تحقيق “نصر مبين” في سوريا، إن لم يكن لتحقيق الأهداف الخمسة للاستراتيجية الجديدة فبعضها على الأقل، وأهم هذه الأهداف كما بات معروفاً: منع سوريا من أن تصبح “مجالاً حيوياً” لإيران وطرد حزب الله منها وإنجاز تسوية سياسية لا مكان فيها للأسد في مستقبل سوريا، فضلاً عن مكافأة الأكراد بوصفهم حليفا موثوقا و”ورقة” يمكن توظيفها على نحو مزدوج لتهديد إيران وابتزاز تركيا، من دون إغفال الهدف الخاص بمنع داعش من العودة وإعادة بناء عناصر قوته واقتداره.

المسار الأول، سياسي، ويتعلق بتهميش مسار أستانا وتهشيم مؤتمر سوتشي، إن بعدم المشاركة فيه، أو المشاركة على مستوى خفيض وبصفة مراقب، أو من خلال منع أصدقاء واشنطن وحلفائها من سوريين وعرب من الانخراط في هذا المسار، والتركيز دوماً على مسار جنيف، وحده دون سواه ... هنا ليس من الصدفة أن يقفز “مؤتمر فيينا” الأخير برعاية دي مستورا من خارج الأجندة، وقبل أيام قلائل فقط، من مؤتمر سوتشي ... هنا، وفي هذا السياق فقط، يمكن فهم “الورقة غير الرسمية” التي تقدمت بها الدول الخمس (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، السعودية والأردن) للحل في سوريا، وتسريبها المتعمد للصحافة ووسائل الإعلام، وفيها بنود كفيلة بإثارة حنق موسكو وقلق دمشق وتحسب طهران.

المسار الثاني، عسكري بامتياز، وهنا يمكن الوقوف أمام جملة من المعطيات، أولها التقارير الموثوقة التي تتحدث عن قيام واشنطن بتدريب مئات العناصر المسلحة في قواعدها السورية، بحجة ملء فراغ داعش، لكن بهدف قتال النظام و”القوات الرديفة” له ... وقبلها الكشف عن قوة “حرس الحدود” التي بات خروجها إلى دائرة الضوء أمراً مشكوكاً فيه، بعد “غصن الزيتون” ... على أن أهم التطورات على هذا المسار، وآخرها، إنما يتمثل في الحملة الكثيفة ضد “الكيماوي السوري”، وخروج عدد وافر من كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين، دفعة واحدة، ومن دون سابق إنذار، بالتهديد والوعيد، بعد نشر معلومات عن ثلاث ضربات كيماوية في الغوطة الشرقية، نفتها موسكو واستهجنتها دمشق وحذرت طهران من مخاطرها ... ثمة ما يشي بأن الولايات المتحدة، التي تعاني “شحاً” في أوراقها وخياراتها السورية، قررت الدخول مباشرة، وللمرة الثانية، في القتال ضد الجيش السوري، الأولى في قاعدة الشعيرات العام الفائت، والثانية لا أحد يعرف أين أو متى، لكن يبدو أنها مسألة وقت ليس إلا.

لدى واشنطن مواقف وسياسات في سوريا، ولكن ليس لديها استراتيجية وخطة تنفيذية، رغم كل الضجيج الذي صاحب كشف تيلرسون عن خطة استراتيجية جديدة، بل وليس لديها أدوات تعتمد عليها ... المهم من وجهة نظر واشنطن عدم تمكين بوتين وخامنئي والأسد، من تحقيق نصر مريح في سوريا، وتفويت الفرصة عليهم، لفرض تصورهم الخاص للحل النهائي للأزمة، حتى وإن اقتضى ذلك، إطالة أمد الحرب، وتعطيل مسار التسوية، وإبقاء الجرح السوري مفتوحاً لاستنزاف هذه الأطراف وتهشيم صورة “النصر” وتهميشها.
الأيام والأشهر القليلة المقبلة، تبدو محمّلة بنذر التصعيد، وربما على شتى جبهات الحرب وخطوط تماسها المتعددة بتعدد أطرافها واصطراع أهدافهم وأجنداتهم، بما في ذلك جبهة الجنوب السوري، التي وإن بدت الأكثر استقراراً من بين جميع خفض التصعيد، إلا أن التقارير تتحدث عن رياح تسخين تهب على هذه المنطقة، وقد تقلب استقرارها وهدوءها رأساً على عقب.

المصدر : جريدة الدستور

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وإستراتيجية تعطيل إستراتيجيات الآخرين واشنطن وإستراتيجية تعطيل إستراتيجيات الآخرين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab