حكاية«بوست»

حكاية«بوست»

حكاية«بوست»

 عمان اليوم -

حكاية«بوست»

بقلم : عريب الرنتاوي

كنت أعلم مسبقاً أن نشر عدد من الصور التقطت لي في حفل السفارة الإيرانية باليوم الوطني لإيران، سيثير ردود أفعال متضاربة من قبل متابعي صفحتي على “الفيسبوك”، لكنني تعمدت فعل ذلك، ربما لفضول فائض عن الحاجة، لمعرفة مواقف واتجاهات عينة من الرأي العام الأردني والعربي حيال إيران والانقسام المذهبي وحروب الطوائف والمذاهب ... وبرغم إدراكي المسبق بحجم التحولات التي طرأت في هذا المجال، إلا أنني اعترف بأنني فوجئت بجملة من المؤشرات والمعطيات، التي أرغب في تسجيلها اليوم:

أولاً؛ ثمة جيش الكتروني “إسلاموي” مستنفر ومجنّد، لا يترك مناسبة تمر من دون أن يضخ على الشبكة العنكبوتية بكل ما لديه من أفكار وقراءات ... ولأنه جيش “مؤدلج” و”مستنفر” (24/7)، فإن الانطباعات التي تخرج بها، من تعليقات هؤلاء، مضللة تماماً ... الآخرون من خارج هذه الدائرة، كسالى وغير فاعلين، أكثر ما يمكن أن يصلوا إليه هو الضغط على “زر لايك”، بيد أنهم غالباً ما يحاذرون الدخول في سجال ونقاش أو الكشف عن مواقفهم وتوجهاتهم، ولهذه الظاهرة أسباب شتى.

ثانياً؛ أن الأكاذيب التي تروجها تيارات متشددة، أكثر بكثير من الحقائق، لا قيمة للأرقام عند هؤلاء ... على سبيل المثال، فإن مقتل 300 ألف سوري بحد ذاته هو كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، لكن بعضهم لا يمانع في جعل الرقم ثلاثة ملايين، ويرد عليه أنصاره بالتأكيد على “دقة المعلومة”، المسافة بين الرقمين هائلة، لكنها لا تستوقف أحداً ... والأهم، عندما يخرج عليك بعضهم للقول بأن هؤلاء جميعاً سقطوا برصاص إيران وميليشياتها، لكأن بقية الأطراف تكتفي بتلقيم مدافعها بالورود و”الشوكولاتة”.

ثالثاً؛ ثمة من “لا يخجل” ولا يتردد في البوح، بأن إيران أخطر على الفلسطينيين والعرب والمسلمين من إسرائيل، وأن “فقه الأولويات” يقتضي إرجاء الصراع مع إسرائيل، وربما التعاون معها، للتصدي للخطر الإيراني الماحق ... هؤلاء أبناء مدرسة في العمل السياسي، لم تر يوماً أن “فلسطين قضية مركزية لها الأولوية”، غادروا الضفة الغربية والمناطق الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي لمقاتلة “العدو الشيوعي البعيد” من قبل في أفغانستان، وهم من بَعد، مستعدون للتعاون مع إسرائيل لمقاتلة “العدو الشيعي البعيد” كذلك.

رابعاً؛ كثير من التعليقات تشف عن مدرسة مريضة في التفكير “الإسلاموي”، تحصر الإسلام بمذهب واحد من دون بقية المذاهب، وأجزم أنها تختزله بواحدة من قراءات “أهل السنة والجماعة” ... يحدثونك عن عظمة “الرابطة الدينية” بيد أن أطروحاتها، تعمل كسكين جزّار حادة النصل، تقطيعاً وتمزيقاً في أوصال الجسد الواحد ... يحدثونك عن “الأمة” و”عقيدتها” وليس لديهم من بضاعة يعرضونها سوى قراءاتهم المنفصلة عن الزمان والمكان، والتي توقفت مراجعها ومرجعياتها، عند سنين مئات خلت ... كل ما أنجزته البشرية لا يعنيهم بشيء، هاجسهم الأول والأخير، بضعة كتب لبضعة شيوخ، صارت هي مبتدأ وخبر جملتهم ... فبئس ضيق الأفق.

خامساً؛ أن الميل الجارف لـ “شيطنة” الآخر هو جزء من نظرية المؤامرة عند هؤلاء، أحدهم وهو من شيوخ “الإسلاموية” يأخذ صورة ويعلق عليها “لتعلم أنهم يعملون”، في إيحاء مريض إلى “مؤامرة” يجري تدبيرها خلف أبواب مغلقة وفي ليل بهيم، مع أنني صاحب المبادرة في نشر الصور، والصور تظهر طوابير الشخصيات والسفراء والدبلوماسيين التي أمت الحفل، ومن بينهم سفراء الاتحاد الأوروبي وروسيا وغيرهم كثر. 

سادساً؛ ولأن بعض هؤلاء – وليس جميعهم بالطبع –اعتادوا العيش الرغيد بأموال الشبكات إياها الممتدة جذروها في الدول المرجعية –مالاً وعقيدةً– فإن خيالهم المريض يصور لهم أن قبول الدعوة لحفل أو يوم وطني، لا بد أن يكون “مدفوعاً مسبقاً” ... لقد جرى تسمينهم بالمال الأسود والأفكار السوداء، فما عادوا يرون إلا صورهم في الاخرين.

سابعاً؛ لا يؤمن هؤلاء بالحوار، القطع والقطيعة هما ديدنهما ... قطع الصلات والتواصل والأعناق، والقطيعة مع “المختلف” باعتباره عدواً ... والمختلف هنا ليس بالضرورة من انتمى لقومية أخرى أو دين آخر، إذ حتى الآخر في المذهب ذاته، بات هدفاً للقطع والقطيعة، فالمصافحة والحوار والسلام مع بين أبناء “الأمة الواحدة” باتت تهمه تستوجب إحالة أوراق مقترفها إلى فضيلة المفتي.

ثامناً؛ أما بخصوص إيران، فلا أحد بغافل عن عمق الخلافات معها، ولا متجاهل لحروب الوكالة التي تنخرط فيها على أكثر من ساحة مع أطراف عربية وإسلامية أخرى ... لكن بحسابات الجغرافيا والتاريخ، إيران دولة جارة، كانت كذلك وستبقى، ولن يكون بمقدورنا “نقلها” إلى اسكندنافيا أو البلطيق، كما أن العرب والفرس عاشوا جيراناً لأكثر من ألفي عام، وسنة وشيعة عاشوا لأكثر من 1400 عام... وبدل سياسة “الانتحار الذاتي الجماعي” التي يقترحها بعض الغلاة على ضفتي المعادلة، نرى أن التوجه لإنشاء منظومة إقليمية للأمن والتعاون هو الخيار المستقبلي لكل من العرب والفرس والكرد والأتراك، الأمر الذي يستدعي الحوار والتفاوض، بدل الاقتتال والتحريض المذهبي الكريه.

المصدر : صحيفة الدستور

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية«بوست» حكاية«بوست»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab