ثلاثة أسئلة

ثلاثة أسئلة

ثلاثة أسئلة

 عمان اليوم -

ثلاثة أسئلة

بقلم : عريب الرنتاوي

تطرح عملية المسجد الأقصى ثلاثة أسئلة رئيسة، يحاذر معظم المراقبين والمحللين إثارتها أو البحث عن أجوبة عليها، تارة تحت ضغط الابتزاز والترهيب، وأخرى، رغبة في امتطاء موجة التأييد الشعبي العارم للعملية ومنفذيها، وهي موجة اندلعت حتى قبل أن تكشف هوية المنفذين ودوافعهم وما إذا كانت وراءهم جهة معينة أم لا، وهوية تلك الجهة في حال وجودها.

السؤال الأول؛ حول الدوافع والمحركات التي حملت شبان ثلاثة من بلدة أم الفحم المحتلة عام 1948، على تنفيذ عملية في قلب الحرم القدسي الشريف، وهم يعرفون مسبقاً، أن مصائرهم الموت المحقق ... هل نحن أمام مجموعة منعزلة من الشبان، هل تأثروا بمناهج حماس والجهاد، أم بتجربة القاعدة وداعش، أم أنهم استلهموا نموذج حزب الله وتجربته في لبنان؟

لم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الحادثة، برغم مرور عدة أيام على وقوعها، وهذا أمرٌ نادر في التجربة الفلسطينية، ما يرجح فرضية “المجموعة المعزولة”، وغير المنظمة، ما لم تكن هناك حسابات معقدة تقف وراء صمت الجهة التي خططت ووجهت وأعطت “أمر العمليات”، مثل هذه الحسابات، يجريها عادة حزب الله بخلاف الفصائل الفلسطينية التي تسارع من دون تدقيق أو تحقق لإصدار بيانات “إعلان المسؤولية” ... يعزز هذا الاعتقاد بأن “الأنموذج الملهم” لأفرادها، هو حزب الله وفقاً للمعلومات المتسربة عن صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وما أظهرته من “احترام” لتجربة إيران وحزب الله ... 

السؤال الثاني؛ ويتصل بانتقاء الهدف، وما إذا كان من المفيد من زاوية المصلحة الفلسطينية، تعريض المسجد الأقصى، موضع الأطماع الإسرائيلية المعروفة، لتهديد من هذا من النوع... إذ حتى البيانات الأكثر حماسة للعملية لم تخل من تحذيرات وتعبيرات عن القلق من مغبة إقدام إسرائيل على تحويل هذا “الحدث الطارئ” إلى “ذريعة دائمة” لاتخاذ المزيد من الإجراءات التهويدية، ولقد استذكرت الكثير من البيانات مشاريع إسرائيل للتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك.

حتى الذين اعتادوا القول إن إسرائيل تفعل ما تريد دونما بحثٍ عن الذرائع أو انتظار لتوفرها، حذروا هذه المرة، من مغبة أن تتخذ إسرائيل من العملية، ذريعة لتنفيذ مخططات راقدة في الأدراج، وأخرى يجري تنفيذها ببطء وبأسلوب “التسلل”، خشية إثارة ردود أفعال غير محسوبة من الجانب الفلسطيني والعربي والإسلامي عموماً ... .

السؤال الثالث؛ ويتعلق بالرهانات على ردود أفعال عربية وإسلامية عالية الوتيرة ضد إجراءات إغلاق الأقصى ومنع الصلاة وما صاحبها من حملات اعتقال شملت مفتي القدس والديار المقدسة، إذ ظهر جلياً للعيان أن القضية الفلسطينية فقدت قدرتها على استثارة ردة الفعل العربي الرسمي، وإلى “حد ما” ردود الأفعال الشعبية، حتى حين يتعلق الأمر بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين، ولولا ما صدر عن عمان ورام الله والقاهرة من مواقف متفاوتة، لمضى الأمر مرور الكرام على النظام العربي الرسمي، الذي لم يعد مضطراً حتى للتدثر بعباءة فلسطين والقدس والأقصى، فهو منصرف إلى أولويات أخرى، من نوع مختلف، تنتمي جميعها لمدرسة “داحس والغبراء” في التاريخ العربي.

أسئلة ثلاثة، بدا أنها غُيّبت تماماً عن السجال وردود الأفعال التي رافقت وأعقبت عملية الأقصى، فخلت الساحة السياسية والإعلامية، وميادين السوشيال ميديا، إلا من المقالات والمواقف العاطفية النابعة من الرغبة في الانتقام ومشاعر الثأر من الإهانات التي يلحقها الاحتلال الإسرائيلي يومياً بالفلسطينيين والعرب على حد سواء، وهي محقة على كل حال.

وإذ نجحت التدخلات الأردنية والفلسطينية في لجم اندفاعة إسرائيل وحكومة اليمين المتطرف نحو خيارات أكثر صعوبة وكارثية بالنسبة للحوض المقدس، أقله إلى حين، فإن من السابق لأوانه القول بأن الحرب على الأقصى قد وضعت أوزارها، وأن إسرائيل ستعيد الحياة إلى طبيعتها وكأن شيئاً لم يحدث ... في ظني أن ذريعة حفظ أمن المسجد والمصلين، ستظل قائمة طالما ظلت حاجة إسرائيل لتغيير هوية هذا المربع وإتمام أسرلته وتهويده، قائمة.

المصدر : صحيفة الدستور

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة أسئلة ثلاثة أسئلة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab