«اتفاق أضنة»  أمس واليوم

«اتفاق أضنة» ... أمس واليوم

«اتفاق أضنة» ... أمس واليوم

 عمان اليوم -

«اتفاق أضنة»  أمس واليوم

بقلم - عريب الرنتاوي

ما الذي تخشاه سوريا من شمال سوريا وفيه؟ ... وما الذي (ومن الذي) سيبدد مخاوفها؟ ... هل حقاً تخشى تركيا وحدات الحماية وقوات «قسد»، أم أن المبالغة في إثارة واستثارة «الفزّاعة» الكردية، يمكن أن يخدم أهدافاً أخرى لتركيا في هذه المنطقة؟ وما هي هذه الأهداف؟ ... وما الذي تعنيه تركيا وتريده من نفض الغبار المتراكم حول «اتفاق أضنة 1998»؟ ... وهل التلويح بالاتفاق هو توطئة لحوار مع دمشق وتعامل مباشر مع قيادتها أم أنها تكتفي من الاتفاق باسمه فقط، فيما هي تبحث عن شيء آخر؟
أسئلة وتساؤلات، يثيرها التركيز التركي المفاجئ على اتفاق طوته سنوات الأزمة السورية، ومزقته تركيا منذ اليوم الأول لاندلاعها... والغريب في الأمر، أن أنقرة ذاتها، كانت بحاجة لمن يذكرها بالاتفاق على ما يبدو، فما أن نطق به فلاديمير بوتين في قمته الأخيرة مع أردوغان، حتى درج الاتفاق على لسان الأخير، وصار ركناً ركينا في السياسة السورية لتركيا.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد كنت في ضيافة وزير الخارجية التركي الأسبق إسماعيل جيم في ذروة المفاوضات السورية التركية في أضنة، وفيما كان يحدثني عن بعض أوجه العلاقة مع دمشق، قفز من مقعده لتلقي اتصال هاتفي مهم على ما يبدو، وقد كان مصحوباً برسالة على «الفاكس»، وبدأ حديثه مع الطرف الثاني مطمئناً لجهلي باللغة التركية ... لكنني وأنا استرق السمع، مرت بأذني أكثر من مرة كلمة «مطابقات»، ظننت أنها تعني اتفاقاً بين جانبين، ولأن أضنة كانت حديث الساعة في تلك الأيام، فقد بادرت بسؤال الوزير عمّا إذا كان الاتفاق قد أنجز بين الجانبين، فأجابني بنعم وأخذ يقرأ من الورقة المكتوبة التركية مترجماً للإنجليزية وشرعت في تدوين ملاحظتي بالعربية، لأرسلها إلى جريدة «الدستور» مبشراً باتفاق قطع الطريق على حرب كانت مؤكدة بين البلدين، وكان «الأكراد» و»حزب العمال الكردستاني» في محور المحادثات وصدارة أسباب التوتر بينهما، كما هو عليه الحال اليوم.
صمد اتفاق اضنة أكثر من ثلاثة عشر عاماً، من دون أية خروقات تذكر، وازدهرت العلاقات التركية السورية، وأخذت شكلاً عائلياً بين رئيسي البلدين وعائلتيهما ... ونُزعت الألغام من المناطق الحدودية، ونشطت التجارة وحركة الأفراد والبضائع بين البلدين، وبدا أن صفحة مؤلمة من التاريخ قد طويت، إلى أن اندلعت الأزمة، فعصفت بكل ما تم إنجازه، بما في ذلك اتفاق أضنة، الذي أصيب في مقتل، ومن الجانب التركي على وجه التحديد.
اليوم، يعود الأكراد وحزب العمال ومعه وحدات الحماية وقوت «قسد» إلى صدارة أجندة العلاقات المأزومة بين الجانبين ... ويعود الرئيس التركي للتذكير بالاتفاق المغدور ... ولكنه يقدم قراءة مختلفة تماماً لهذا الاتفاق، فهي يريد سيطرة تركية على الشريط الحدودي (المنطقة الآمنة) والاتفاق أعطاه الحق بالمطاردة وليس الاستقرار أو السيطرة، وبعمق خمسة كيلومترات وليس 35 كيلومتراً.
والاتفاق يمنع على البلدين إنشاء ودعم ميليشيات مسلحة أو جماعات إرهابية، وتركيا تفعل ذلك اليوم، من خلال من تسميهم «الجيش الوطني» والفصائل «المعتدلة»، والذين لا يقلون خطراً من وجهة نظر سوريا، عن خطر المليشيات الكردية المسلحة بالنسبة لتركيا ... والاتفاق لا يتيح لأي من الطرفين تغيير الهندسة الاجتماعية لسكان المناطق الحدودية، وتركيا لديها برامج لتوطين سوريين من غير الأكراد في المنطقة الآمنة، ومن بين ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أرضها.... أردوغان يكثر من استحضار «اتفاق أضنة» ولكنه يعني شيء آخر مختلف تماماً عن الاتفاق المذكور.
إن كانت تركيا قلقة قولا وفعلا، على أمنها ووحدتها وسيادتها من مغبة قيام كيان كردي مستقل «انفصالي»، فما عليها إلا أن تسهل انتشار الجيش السوري على امتداد حدودها مع سوريا، وإيجاد تسويات للمليشيات المسلحة وتنظيم عودة اللاجئين ... ودمشق كفيلة بوضع حد للأحلام الانفصالية للأكراد، وهي كفيلة بضبط طموحاتهم في حدود «لامركزية موسعة» أو حكم ذاتي محدود، وبما لا يهدد تركيا ولا يمس أمنها ... أما الإصرار على السيطرة التركية على هذه المناطق، واستتباعها للمدن والبلدات التركية على الضفة الأخرى من الحدود، وفرض سيطرة المليشيات المسلحة عليها، فإن ذلك سيبقي أبواب الجحيم مفتوحة على شتى الاحتمالات ومختلف السيناريوهات، بما فيها أكثرها سوءاً لتركيا ذاتها على المديين المتوسط والبعيد.
عندها وعندها فقط، يصبح الحديث عن «اتفاق أضنة» ذا مغزى، وربما هذا ما قصده بوتين عندما طرح المسألة على أردوغان، وهو ما قصدته دمشق عندما ردّت بالإيجاب على الدعوة التركية شريطة عودة الأمور إلى ما كانت عليها قبل العام 2011، أما الحديث عن الاتفاق والعزف المتكرر على نغم «الفزّاعة» الكردية، فربما كانت قنابل دخانية يراد بها التغطية على أهداف أخرى لتركيا.

 

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتفاق أضنة»  أمس واليوم «اتفاق أضنة»  أمس واليوم



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab