عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض

عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض

عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض

 عمان اليوم -

عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض

بقلم - عريب الرنتاوي

أتاح لي الصديق العزيز حسام الطراونة، فرصة طيبة لقضاء سحابة السبت الفائت في رحاب «نادي الإبداع»، وهو «اسم على مسمى»، ولكل من ساهم في إنجاز هذا الصرح الثقافي – الإبداعي - التنويري، من اسمه نصيب، وبالأخص العزيز حسام، المثقف، الفنان والمبدع.

هنا، والآن، لا مطرح لليأس والتشاؤم و»قلة الحيلة» ... هنا وفي الكرك، تعلم ألوف الشباب والصبايا على مدى السنين الأخيرة، أن «لا مستحيل» أمام الإرادة الصلبة والرغبة في الحياة والانجاز ... هنا، في الكرك، مناخات لا ترى مثيلاً في كثيرٍ من المطارح والأمكنة، «خلية النحل» تعمل على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع بلا توقف ... هذا يعزف على آلة موسيقية، وذاك يغني من ضمن كورال رائع من أبناء المحافظة وبناتها، وتلك تصدح بصوت عذب وتعيد أسمهان وأم كلثوم للحياة من جديد.

فنانون تشكيليون موهوبون يعيدون تلوين الحياة بريشهم وألوانهم المتواضعة ... «الدرج» الذي يأخذك إلى الطبقات العليا من المبنى، يحفزك على القفز والنظر إلى الأعلى، فعلى كل عتبة خُطت عليها عبارة تحثك على مواصلة المسير، وفتح آفاق جديدة للفرح والمعرفة والابداع ... مختبرات ضمت بين جدرانها الضيقة، شباناً صغاراً بطموحات لا حدود لها... هنا الابتكار في سنيّ العمر الأولى، هنا تحضر الاحتياجات المحلية الضاغطة على أذهان هؤلاء الفتية والفتيات، فيحيلون مصادرهم وأدواتهم المتواضعة، إلى اختراعات علمية، تنتظر من يلتقطها ويحليها إلى «خط انتاج» تفيد منه عائلات وشرائح اجتماعية واسعة وعريضة.

شبان وشابات، يقفون خلف الكاميرات، يتلقطون الصور ويوثقون اللحظة ويؤرخونها، هنا مختبر صنع الأفلام الوثائقية التي تحكي قصصا من تاريخ المحافظة المجيد، بل وتاريخ البلاد بأسرها ... هنا بؤرة للاشعاع والتنوير، اللذان اخترقا جدران المبنى، وتوطّدا في العقول والقلوب، وانتشرا في مدارس المحافظة ووسائل نقلها العام ... مكتبات في المدارس والحافلات، ونادٍ يعرف كيف يشمل الجميع، بإضاءاته وأنواره.
لكأنك خارج مناخات اليأس والتيئيس، خارج أجواء الإحباط، تحلق لسويعات قلائل بعيداً عن مدار «الطاقة السلبية» التي تملأ سماءناوفضاءاتنا ... هنا حيز في الزمان والمكان، يخرجك مما أنت فيه وعليه، كلما نظرت في عيني شاب أو فتاة، يأتي مسرعاً للنادي، ولا يغادره إلا للضرورة القصوى أو لأمر جلل.

يستحق نادي «الابداع» الكركي كل الدعم والاسناد، من الدولة بمؤسساتها المختلفة (الثقافة والشباب والشؤون السياسية وغيرها) ... يستحق الدعم والاسناد من المؤسسات والمنظمات الدولية، التي تذهب كثير من أموالها في مشاريع وهمية بنيت على «الرمال» ... هنا، وهنا بالذات، يتعين على قطاع المال والأعمال، أن يمارس «مسؤوليته الاجتماعية» وأن يظهر سخاءه في دعم الابداع والابتكار والثقافة والفنون، هنا وهنا بالذات، الاستثمار الأمثل في أجيالنا القادمة، وفي مستقبلهم.

وإذ تزامنت زيارتي للنادي ولقاءاتي مع عدد من الإخوة والأبناء، الأخوات والبنات، من طاقم النادي والعاملين فيه والمستفيدين من خدماته الجليلة ... أقول إذ تزامنت زيارتي للكرك، مع هبّة رجالاتها ونسائها، لإزالة «بقعة سوداء صغيرة» علقت بثوب الكرك الأبيض النقي، فقد أتيحت لي الفرصة لالتقاط نبض الكرك والكركيين، وهبّتهم المشرّفة ضد التطبيع مع العدو ... لم أكن قلقاً على الكرك، فهي كقلعتها، عصية على الاختراق، وهي أكبر في التاريخ والوجدان، من أن تحتاج لشهادة شاهد، أو تزكية زائر ... ولكنها كانت فرصة رائعة لمواكبة «إبداع» المحافظة و»انتفاضتها» ... كرك الثقافة والتنوير والابداع، لا يُؤتى الوطن والجبهة الداخلية من قِبلها .... وهي كفيلة بجعل حياة من سعى للتطاول على إرثها ورمزيتها، مزرية للغاية.

قلت لكوكبة من الشبان والشابات، إن ما تقومون به هو العلاج الأنجع في وجه طوفان الغلو والتطرف والاقصاء، وأساطير الكهوف والظلام... فهيهات أن يكون من الغلاة مثقف أو فنان أو مبدع ... وأقول لهم اليوم، ومن بعيد، هيهات أن يكون من بين هؤلاء، من يرتضي تمريغ تاريخ الكرك وإرث آبائهم وأجدادهم، بأوحال التطبيع مع كيان الاحتلال والاستيطان والعنصرية ... فتحية للكرك وأهلها وعشائرها، شيبها وشبانها، رجالاتها ونسائها، تحية لهم، إذ يزرعون في نفوسنا الأمل بحتمية الانتصار في معارك الداخل والخارج، ضد اليأس والإحباط والظلام، وفي مواجهة ما يُحاك لفلسطين ولنا من مؤامرات خبيثة ودنيئة.

 

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab