هي «الحرب الباردة» بالإيديولوجيا أو من دونها

هي «الحرب الباردة»... بالإيديولوجيا أو من دونها

هي «الحرب الباردة»... بالإيديولوجيا أو من دونها

 عمان اليوم -

هي «الحرب الباردة» بالإيديولوجيا أو من دونها

بقلم - عريب الرنتاوي

إن لم تكن حرب الاتهامات وحروب الوكالة وسباق التسلح التقليدي والنووي، هي الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن في طبعتها الجديدة، فما هي الحرب الباردة إذن، وكيف تكون؟
واشنطن تنسحب من جانب واحد، من معاهدة حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، وترد عليها موسكو بإجراء مماثل، و»القيصر» يعطي تعليماته لوزيري خارجيته ودفاعه بعدم المبادرة لطلب استئناف المفاوضات مع واشنطن، فيجيبه الجنرال شويغو بأن صواريخ «كاليبر» ستنتشر على اليابسة في غضون أشهر قلائل، وسط اتهامات متبادلة بين العملاقين، باختراق هذه المعاهدة وانتهاك مندرجاتها.
تأتي ردة الفعل الأولى من بروكسيل وبكين ... حلف «الناتو» لا يتوانى عن دعم الموقف الأمريكي بلا تحفظ ومن دون شروط ... وبكين تدعو لضبط النفس، وفرض الإجراءات الأحادية التي ستطالها عاجلاً وليس آجلاً، وتطالب بالعودة لمائدة التفاوض، وسط حرب تجارية لم تضع أوزارها بين «التنين الآسيوي» وزعيمة المعسكر الغربي.
قبل تمزيق المعاهدة، كانت أوكرانيا وسوريا (وما زالتا)، وغيرهما من البلدان، قد تحولت إلى ساحات لحروب الوكالة بين العملاقين ... وقبل هذه وتلك، كان الأمن السيبراني واتهامات التدخل في الانتخابات (وما يزال) من بين خطوط التماس المشتعلة بين القطبين، قبل أن تعيد أزمة فنزويلا المنفتحة على اتساعها، تذكيرنا بـ»خليج الخنازير»، في ظل معطيات عن وجود قوات روسية غير نظامية هناك، وحرص جون بولتون على إظهار ملف خاص أمام الصحفيين كتبت عليه ملاحظة وحيدة: «خمسة آلاف جندي إلى فنزويلا».
هي الحرب الباردة، حيث تنخرط مختلف الأطراف، في صراع ناعم وخشن، بحثاً عن نظام عالمي جديد، فالعالم اليوم، لا هو بقي نظاماً للقطب الواحد، ولا صار نظاماً متعدد الأقطاب، والمؤكد أن نظام القطبين، يواجه اختلالاً هيكلياً منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، ومع استمرار انعدام قدرة روسيا على «مجاراة» الولايات المتحدة اقتصاديا، وإن كانت تزاحمها عسكرياً، وإن بشروط غير مواتية، تهدد بخسارتهاـ لـ»المباراة» بين الفريقين.
هل يلزم أن يكون هناك «صراع إيديولوجي» حتى نطلق على «المباراة» بين المعسكرين اسم الحرب الباردة، كما يقترح محللون وخبراء؟ ... في ظني أن غياب العنصر الإيديولوجي في «الحرب الباردة الجديدة»، لا يقلل من كونها حرباً، وباردة، مرشحة للسخونة المتزايدة في أزمنة وأمكنة مختلفة، بل ويظهرها على حقيقتها، كصراع محتدم بين «إمبرياليات» متصارعة على تقاسم النفوذ والموارد والأسواق، تماماً مثلما كانت عليه «الحرب العالمية الساخنة الأولى»، وما سبقها وأعقبها من حروب.
حتى الحرب العالمية الساخنة الثانية، لم تبدأ أساساً ضد الاتحاد السوفياتي، ربما كان استهداف روسيا حاضراً بقوة، ومن بداية الحرب أو قبلها، في ذهن القيادة الألمانية النازية ... لكن «خَبَل» ستالين، جعله يعتقد أن بمقدوره تفادي تلك الحرب، إن هو وصل إلى تفاهمات مع هتلر، وتلكم كانت واحدة من أكبر خطاياه العديدة، التي تكشف الوثائق الروسية التي يجري نزع السرّية عنها اليوم، أن الزعيم الشيوعي أصيب بنكسة كبرى، عندما خابت رهاناته المتعاندة مع رهانات قادة جيوشه وكبار أركان حزبه ودولته، الذين لم يظهروا «ثقة مماثلة» بالزعيم النازي.
هي الحرب الباردة، التي لن تهدأ قبل أن يكتمل تشكل «النظام العالمي الجديد»، ويأخذ ملامحه ويرسي قواعده، وهي عملية قد تستمر لسنوات وقد تستمر لعقود من الزمن، وسيجري خلالها إعادة فرز وتبويب خرائط المصالح والتحالفات، وستعلب القوى الاقتصادية الصاعدة (وليس القوى العسكرية فقط)، دوراً لم تلعبه من قبل، في رسم حدودها وصياغة قواعدها وربما تقرير نتائجها.

 

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هي «الحرب الباردة» بالإيديولوجيا أو من دونها هي «الحرب الباردة» بالإيديولوجيا أو من دونها



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab